محرر الأقباط متحدون
خلال استقباله المشاركين في لقاء حول أزمة الديون في جنوب العالم كرر البابا فرنسيس الدعوة التي كان قد أطلقها البابا القديس يوحنا بولس الثاني سنة ١٩٩٩ إلى إلغاء أو تقليص الديون. وشدد البابا فرنسيس على ضرورة التوصل إلى حل لأزمة المديونية يقوم على العدالة والتضامن.

"أزمة الديون في جنوب العالم"، هذا عنوان لقاء تنظمه اليوم الأكاديمية الحبرية للعلوم. وقد استقبل البابا فرنسيس صباحا المشاركين في هذه المبادرة والتي، وحسبما ذكر قداسته، تسعى إلى إطلاق حوار حول تطبيق سياسات تساعد على حل مشكلة الديون التي تضرب دولا كثيرة من جنوب العالم والملايين من العائلات والأشخاص. وواصل البابا أن الشعوب ليست في حاجة إلى التمويل بأي شكل بل إلى تمويل يفرض مسؤولية متقاسمة بين مَن يتلقى ومَن يعطي هذا التمويل. وأضاف قداسته أن الفائدة التي تعود على المجتمع من خلال هذه القروض تتوقف على شروطها وكيفية استخدامها والأطر التي يمكن فيها حل الأزمات التي قد تنتج عن المديونية.

تحدث البابا فرنسيس بعد ذلك عن أننا، وبسبب عولمة تدار بشكل سيء وأيضا الجائحة والحروب، نجد أنفسنا أمام أزمة ديون تعاني منها بشكل خاص دول جنوب العالم، أزمة تسفر عن فقر ومعاناة وتحرم ملايين الأشخاص من مستقبل كريم، ولا يمكن أخلاقيا لأية حكومة أن تطالب شعبها بالمعاناة بسبب حرمان لا يتماشى مع الكرامة البشرية. وواصل الأب الأقدس مشيرا إلى أنه، ولمواجهة هذه الدائرة المغلقة للتمويلات والديون، من الضروري التوصل إلى آلية متعددة الدول تقوم على التضامن والتناغم بين الشعوب وتأخذ بعين الاعتبار تبعات هذه القضية على الأصعدة الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وشدد قداسة البابا على أن المتضررين من عدم توفر مثل هذه الآلية هم دائما الأشخاص والفئات الأكثر ضعفا.

ثم توقف الأب الأقدس عند كون مبدأي العدالة والتضامن هما ما سيقودان إلى حلول، وتابع أنه يجب التصرف على هذه الدرب بصدق وأمانة واتباع شفرة تصرف دولية لاستخدام قواعد ذات قيمة أخلاقية لإدارة عمليات التفاوض. كما وتحدث قداسته عن التفكير في بنية مالية دولية تتميز بالشجاعة والإبداع. وعاد البابا فرنسيس هنا إلى كلمات البابا القديس يوحنا بولس الثاني الذي تحدث سنة ١٩٩٩ عن أن الديون الخارجية ليست فقط قضية اقتصادية، بل هي تمس المبادئ الأخلاقية الأساسية، ومن الضروري أن يُفسَح لها مجال في القانون الدولي. وأشار البابا القديس حينها، أي عشية سنة ٢٠٠٠ اليوبيلية، إلى إمكانية أن يكون اليوبيل فرصة لإبداء لفتات نوايا طيبة وإلغاء الديون أو على الأقل تقليصها وذلك من أجل الخير العام. وأضاف البابا فرنسيس أنه يكرر هذه الدعوة النبوية اليوم حيث أصبحت هذه القضية أكثر الحاحا، كما ولفت الأنظار إلى أن الدَين الإيكولوجي والديون الخارجية وجهان للعملة ذاتها يتوقف عليهما المستقبل. وواصل بالتالي أن سنة ٢٠٢٥ اليوبيلية تدعونا إلى فتح العقول والقلوب كي نكون قادرين على فك هذه العقد التي تخنق الحاضر، وذلك دون نسيان أننا مجرد حراس ومدبرين لا الأسياد. ثم ختم الأب الأقدس داعيا إلى التفكير معا في بناء مسؤول لبيتنا المشترك والذي لا يمكن لأحد أن يعيش فيه بارتياح ضمير مع علمه بمعاناة الكثير من الأخوة والأخوات من الجوع والتهميش الاجتماعي والضعف.