محرر الأقباط متحدون
لمناسبة زيارة البابا فرنسيس إلى مقر بلدية روما الكائن على هصبة الكابيتولين (أو الكامبيدوليو)، للمرة الثانية بعد زيارة أولى قام بها في العام ٢٠١٩، نشرت صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية مقالاً سلطت فيه الضوء على أهمية هذه الزيارة مذكرة بأبرز الزيارات التي قام به أسلافه إلى مقر بلدية روما.

في السادس والعشرين من آذار مارس لخمس سنوات خلت قام البابا فرنسيس بأول زيارة له إلى مقر بلدية روما، ودعا في تلك المناسبة إلى جعل روما مدينة الجسور، لا مدينة الجدران، علما أن الحبر الأعظم توجه إلى هصبة الكاببيتولين مرة ثانية وذلك في تشرين الأول أكتوبر من العام ٢٠٢٠ حيث شارك في لقاء الصلاة من أجل السلام في العالم والذي تنظمه سنوياً جماعة سانت إيجيديو.

برغوليو ليس أول بابا يزور مقر البلدية إذ زارها قبله البابا بيوس التاسع في السادس عشر من أيلول سبتمبر ١٨٧٠، قبل أربعة أيام على دخول الجيوش الإيطالية إلى روما وضم المدينة للدولة الإيطالية. وقد ذكّر بهذه الواقعة الكاردينال جوفاني باتيستا مونتيني في تشرين الأول أكتوبر ١٩٦٢ عيشة افتتاح أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني عندما قال إن نهاية السلطة الزمنية للبابوات شكلت مدخلاً – بفضل العناية الإلهية – لخدمة مختلفة، حيث أصبح البابا معلم حياة وشاهدا للإنجيل، ومرجعاً خلقياً للعالم كله. بعد أربع سنوات انتُخب مونتيني حبراً أعظم واتخذ اسم بولس السادس. في السادس عشر من أبريل نيسان ١٩٦٦ زار مقر بلدية روما وأعلن في تلك المناسبة أن البابوات لم يعد لديهم سلطة زمنية، إنهم يحتفظون بذكراها التاريخية وحسب، ولا يحنون إليها إطلاقاً ولا يسعون إلى استعادتها.

اثنتان وثلاثون سنة مضت على تلك الزيارة، وصولا إلى العام ١٩٩٨، حيث قام البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة إلى هضبة الكابيتولين، وبالتحديد في الخامس عشر من كانون الثاني يناير. عبر فويتيوا عن علاقات الاحترام والتقدير والمحبة القائمة بين أسقف روما وسكان المدينة، لافتا إلى أن هذه المحبة تريد أن تصل إلى كل الأشخاص لتمنحهم الأمل والرجاء ولتعضدهم وسط الصعوبات والمحن المعنوية والمادية، وتوفر فضاءات للضيافة والإصغاء، ومناسبة للتفاهم والأخوة. وشدد على أن هذه المحبة تولي اهتماماً بالواقع المتغيّر، ومتاعب الحياة اليومية، والمخاطر الخلقية المحدقة أيضا بمدينة روما. وتوقف البابا البولندي عند يوبيل العام ٢٠٠٠ متمنيا أن تعكس المدينة وجهها المسيحي للحجاج، وأن يتصاعد منها إعلانُ سلام ورجاء للبشرية برمتها.

في التاسع من آذار مارس عام ٢٠٠٩ زار البابا بندكتس السادس عشر مقر بلدية روما وأكد في المناسبة أن روما فتحت ذراعيها لأناس قدموا من مختلف أنحاء العالم، أناس ينتمون إلى ثقافات وديانات عدة، وباتت بالتالي مدينة متعددة الأعراق والأديان، لا تخلو من الصعوبات المتعلقة بعملية الاندماج. من هذا المنطلق شدد البابا راتزنغر على ضرورة أن تستعيد المدينة الخالدة روحها وجذورها المدنية والمسيحية إذا شاءت أن تعزز أنسنة جديدة تضع في المحور الإنسان بكل أبعاده.

بعد عشر سنوات على تلك الزيارة قام البابا فرنسيس بزيارته الأولى إلى هضبة الكابيتولين، عام ٢٠١٩ حيث توقف عند أهمية الضيافة، مذكرا بأن المدينة استضافت طلاباً وحجاجاً وسياحاً ولاجئين ومهاجرين قدموا من كل إقليم إيطالي ومن العديد من بلدان العالم. وأوضح البابا خورخي برغوليو في تلك المناسبة أن روما أصبحت صلة وصل بين الشمال الأوروبي وعالم المتوسط، بين السلطات المدنية والروحية، لافتا إلى أن خصائص المدينة تتطلب منها أن تقيم حواراً وتعاوناً بين الفضاءين المدني والروحي في إطار الاحترام المتبادل، والعمل على نسج العلاقات الجيدة ومعالجة الكثير من المشاكل الراهنة.