ياسر أيوب
لا تزال تسكن الذاكرة المصرية مشاهد وحوارات كثيرة من فيلم الناصر صلاح الدين، الذى أخرجه يوسف شاهين منذ 51 عامًا.. منها مشهد حمدى غيث فى دور الملك الإنجليزى ريتشارد قلب الأسد، الذى خسر كل شىء واستسلم للأسى والحزن قائلًا: «كل حلفائك خانوك يا ريتشارد».. وبالتأكيد لم يكن ريتشارد قلب الأسد هو الوحيد الذى خانه حلفاؤه سواء على شاشة سينما أو فى الحياة وأيضًا فى كرة القدم.. وآخر هؤلاء كانوا مسؤولى نادى وولفر هامبتون الإنجليزى أيضًا، الذين فوجئوا الخميس الماضى بخيانة كل حلفائهم.. فقد تقدم هؤلاء المسؤولون الشهر الماضى بطلب رسمى لإلغاء تقنية الفار فى الدورى الإنجليزى الممتاز التى جرى تطبيقها منذ 2019.. وما إن تقدم مسؤولو وولفر هامبتون بهذا الطلب حتى فوجئوا بترحيب وتأييد كثيرين، سواء من الجماهير الإنجليزية وتعليقاتها عبر السوشيال ميديا، أو من إعلام توالت مقالاته وكتاباته ترحيبًا بإلغاء الفار، أو من أندية أيضًا أكد ممثلوها ضيقهم بهذا الفار، الذى زاد من أزمات الكرة وليس العكس.
وتفاءل مسؤولو وولفر هامبتون بكل ذلك، ولم تعد تراودهم أى شكوك فى الاستجابة لطلبهم وإلغاء الفار رسميًّا حين تعقد أندية الدورى الإنجليزى الممتاز اجتماعها السنوى.. ولابد فى هذا الاجتماع أن يوافق 14 من 20 ناديًا على ما يطلبه وولفر هامبتون كحد أدنى.. وكان مسؤولو النادى واثقين أنهم سينالون تأييد عدد أندية أكبر من هذا الحد الأدنى، وسيختفى الفار أخيرًا من الدورى الإنجليزى.
وانعقد هذا الاجتماع يوم الخميس الماضى، وتم التصويت على طلب وولفر هامبتون، الذى أصبح مسؤولوه كلهم فجأة يشبهون ريتشارد قلب الأسد حين خانه كل حلفائه.. فلم يؤيد أى نادٍ طلب وولفر هامبتون، الذى لم يحصل إلا على صوته فقط، فى حين رفض 19 ناديًا إلغاء الفار.. وأصرت الأندية الإنجليزية على استمرار الاحتكام إلى الفار فى الدورى الممتاز، مع تعديلات مهمة لابد من تطبيقها فى الموسم المقبل، أهمها تقليل وقت مراجعة الفار، وأن يعلن حَكَم المباراة للجمهور حيثيات قراره بعد مراجعة الفار، واستخدام التقنية الجديدة لضبط حالات التسلل دون أى تدخل بشرى، وإعادة تدريب الجميع على استخدام تقنية الفار بدقة وكفاءة وسرعة.. وكان ذلك يعنى الانتصار للفار فى العالم كله، بعدما تخيل كثيرون اختفاءه تدريجيًّا إن ألغاه الإنجليز لتبقى السويد وحدها دولة ترفض استخدام الفار.
ومن أهم النتائج أيضًا؛ الدرس الذى تعلمه مسؤولو وولفر هامبتون، والذى لا يزال كل يوم يتعلمه كثيرون فى مختلف مجالات الحياة ومواقفها.. فالكثيرون الذين حولك وأنت ناجح قد لا تجد منهم أحدًا عند أول أزمة، والذين معك على البر سيختفون حين توشك على الغرق فى البحر.
نقلا عن المصرى اليوم