ياسر أيوب
ستبقى علاقة جول ريميه، وهنرى دولاناى من أهم وأجمل وأغرب حكايات كرة القدم وأكثرها غموضا وتعقيدا أيضا.. فالاثنان من فرنسا وكانا صديقين لسنين طويلة ولم ينجح أى منهما فى أن يصبح لاعب كرة، ومع ذلك نجح الأول فى اختراع بطولة كأس العالم وحارب الثانى لتمتلك أوروبا بطولتها لكرة القدم.. ويتذكر كثيرون دولاناى كلما بدأت بطولة جديدة لأمم أوروبا مثل البطولة التى ستبدأ اليوم فى ألمانيا.. لكن معظم ما يقال كل أربع سنوات عن دولاناى سواء فى أوروبا أو العالم يبقى حديثا تقليديا ومكررا لا يقترب أصحابه من تلك المنطقة الشائكة التى هى علاقة دولاناى بجول ريميه.. وكيف كان دولاناى أول وأكثر من ساعد جول ريميه ليبدأ كأس العالم فى 1930، بينما كان جول ريميه أول وأكثر من وقف ضد حلم ورغبة دولاناى فلم تبدأ بطولة أوروبا إلا 1960 وبعد أن مات دولاناى نفسه بخمس سنوات.. ولم يقم جول ريميه بذلك كراهية شخصية لهنرى دولاناى أو لعدم اقتناع بحق أوروبا واحتياجها لبطولة كروية كبرى خاصة بها، إنما كانت رغبة جول ريميه وأنانيته فى أن يبقى كأس العالم بطولة كروية وحيدة فى العالم.
ولهذا رفض مشاركة كرة القدم فى دورة لوس أنجلوس 1932 التى كانت أول دورة أوليمبية بعد انطلاق كأس العالم.. وكان يتمنى اختفاء كرة القدم من الدورات الأوليمبية، وكاد ينجح لولا ضغط الألمان بقيادة هتلر، فعادت الكرة من جديد فى دورة برلين 1936.. ورفض ريميه أيضا طلب البرازيليين اعتراف الفيفا ببطولة الأندية التى نظموها 1951 لتصبح بطولة رسمية لكأس عالم للأندية.. فقط لأنها لم تكن فكرته إنما فكرة صحفى برازيلى رائع اسمه ماريو فيليو.. ورغم أن محاولات دولاناى لإقامة بطولة أوروبا لكرة القدم بدأت فى 1927، إلا أنه عاد وفضل الانتظار والتفرغ لمساعدة ريميه لبدء كأس العالم أولا.. وعاد بعد نجاح كأس العالم يدعو من جديد لبدء بطولة أوروبا.. لكن لم يرحب ريميه بذلك لأنه خشى أن تصبح هذه البطولة أقوى وأكبر من كأس العالم.. ولم ييأس أو يستسلم دولاناى وظل يحاول.. وكلما اقترب من النجاح، تفاجئه أزمة جديدة سواء كروية أو سياسية وسرية أو معلنة.. ثم جاءت الحرب العالمية الثانية التى كان من ضحاياها حلم دولاناى.
ولم تكن مجرد مصادفة أن يتأسس الاتحاد الأوروبى لكرة القدم ويعلو صوت دولاناى للمطالبة ببطولة أوروبا فى 1954.. فهو العام الذى ترك فيه جول ريميه رئاسة الفيفا.. وباتت بطولة أوروبا حلما قابلا للتحقيق إلا أن دولاناى مات 1955 ليتبنى ابنه حلم أبيه وتبدأ بطولة أوروبا فى فرنسا 1960.
نقلا عن المصري اليوم
