Oliver كتبها
أسمتنى أمى إيزاكيل كإسم حزقيال النبي الذى رأي الله فوق نفس الجبل الذى فيه بيتنا.مسكننا على تل سكوبس أحد القمم الستة لجبل الزيتون  .أنا كنعانى.عشت عمرى أزرع الزيتون و أعصره .تفرقت سنواتى تحت الجبل و فوق الجبل.أول ما أستيقظ أنظر إلى قمم الجبل خائفاً لأن زكريا النبي تنبأ و قال أن الرب سيقف عليه و أن جبلنا هذا سينشق كالصليب شرقا و غربا ,شمالا و جنوباً زك 14 : 4

إعتدت أن أذهب إلى معصرة الزيتون الواقعة ضمن أملاك  يوحنا أبو مرقس الممتدة  تحت الجبل  و هو رجل غني من سبط لاوى .أكثر مزارعى الزيتون يحبونه لأنه سخى معنا.فى بعض الليالي كنت أرى عمود نور صاعدا من فوق التل المقابل و قد رآه أخرون و لم يعرف أحدنا سر النور.لو21: 37

كنت أعرف مرقس من كثرة ما ذهبت إلى بيت أبيه فى صهيون.هو شاب رقيق القلب متضع.كان يهرع لمساعدتنا فى عصر الزيتون و تعبئة زيت الزيتون.كم رأيت مرقس مبكراً صاعدا إلى قمة الجبل المقابلة لنا.لا أعرف ماذا يفعل هناك.فى بعض الأحيان حين أخرج باكرا جداً يتصادف أننى أجد معلم مرقس نازلاً من الجبل عند منحدر قرية عنيا أو صاعداً من جهة بيت فاجي لعله كان يطلب تيناً.

 بعض الأيام نرى كل التلاميذ و معلمهم صاعدون إلى هناك و بعدها نسمع أصوات تسابيح من نفس البقعة التى صعد عندها داود حافياً هارباً يبكى.2صم15: 30 , مت26: 30. نمت الليلة مجهدا لم أر نوراً هناك,صليت أن أستيقظ مبكراً لأنى جمعت زيتونا كثيرا و أريد أن تبدأ معصرة يوحنا مرقس بمحصولى كي أعود سريعا و أنام.

أعددت الدواب و جهزت الحمولات متجهاً صوب علية مرقس كى أحجز دورى مبكراً.كنت أسرع الخطى كي أحجز دورى باكراً و عيناي تمسح محيط الجبل كي أتأكد أنه لا أحد قد سبقني نحو المعصرة.كنت سعيداً أننى الأول و كانت الأتن تسبقني فهى عارفة بالطريق.ما أن وصلت إلى مدخل المعصرة صدمتني المفاجأة.المعصرة اليوم مغلقة و على بابها صليب من خشبتين متقاطعتين و لا صوت في الداخل أو في الخارج؟ هل أنا حضرت باكراً جداً أم أنهم غادروا جميعاً؟ ماذا حدث؟ جلست خائباً أندب جهدى الضائع و قد حسبت نفسي أولاً بالكذب.خرجت لأجد أحداً يخبرني ما الأمر فلم يكن سوى طفلان قالا لي أن إمرأتين كانتا هنا بالأمس أخبرت الجميع أن المسيح سيقابلهم على جبل الزيتون ثم ذهبوا جميعا منذ الليل و هم هناك.لا أحد هنا.لا أحد يفتح المعصرة و الزيتون ينتظر الزيت. رجعت متخبطاً كأنما تفرط زيتونى وسط الشعاب و  عاودت صعود الجبل خائبا.

كلما إقتربت من قمة الجبل تعالت أصوات تسبيح و صيحات تراتيل.يبدو أن التلاميذ متهللين فوق العادة اليوم.فأصواتهم تغرق الجبل و تكسو قمته.صرت أتشجع فى صعودى و بدأت مرارة الخيبة تفارقني. حيث أنه لا عمل اليوم أردت أن أذهب لأعرف ما الذى جعل الجميع يصعدون إلى هناك.الإتن تعرف البيت و أنا أريد أن أعرف سر التهليل.وجهت الإتن نحو البيت و أخذت مفرق الجبل نحو الجنوب إلى التل المطل على الهيكل.قادنى صوت التهليل إلى الطريق.هناك الجليل الصغير.مر16: 7.

لم أكن يوماً من تلاميذ الناصرى و لا أعرف ماذا يفعلون.فخشيت أن أقترب جداً.كانوا جالسين في دائرة و عِتاق الطير بَعْدَهم.رافعين أَكُفَهم ,مشتركين بصوت واحد كجيشٍ يتلو القَسَم. أنا أتضاءل في داخلى و هم يتنقلون من مزمور إلى مزمور كالنسور التى تحوم فوق  الزيتون.كانت عيونهم ترتفع معاً كمن ينتظر الغمر.و كنت أرفع عيناي حيث يرفعون عيونهم لكنني لا أعرف ماذا أنظر و لا ماذا أنتظر. بقيت معهم و أنا مختبئ فى نقرة الصخرة.تعبت رقبتى من النظر إلى فوق لكننى خشيت أن يفوتنى شيئاً .

لا أدرى هل بقيت قليلاً أم كثيراً لكننى فزعت حين علا صوتهم بتمجيد لم أسمعه من قبل و ظهر بينهم النور الذى رأيته مرارا من بعيد . شخص يحضر من لا إتجاه.وجدته هكذا فى الوسط,يبدو  الآن النور أعظم للقريبين.ليس لى أن أصف جمال هذا المعلم.إنه مكمن النور الذى ينير الكل.لا تعرف عينيه و لا قسمات وجهه إن تفرست فيه,فقط تتوه عيناك فى وجهه و تأخذ شيئاً لا يوصف من السلام .تشبع و أنت لا تأكل.ترتوى و أنت لا تشرب,هكذا صارت حالتى و أنا أراه.كان يخاطبهم و عيون الكل متوقفة فى وجهه.آذانهم كانت متسمرة فى صوته.توقف التمجيد و بدا الإندهاش يختطفهم و يختطفنى فلم أعد أعرف ما أنا و لا أين أنا. الجميع صعد قلبه نحو ما لا يرى..

توقف الكلام  من المعلم المنير.رفع يديه و باركهم و هم مرتجفون كموسى حين أخذ لوحى العهد.لم أسمع ما قال لهم لكنى سمعتهم يقولون الآمين.بعدها فرد جناحيه كالنسر و إرتفع. دوائر النور تلتف حوله.لا أقول أننى فهمت ما أراه أو أدركت شيئاً.فلم أر أحداً يطير إلى فوق قبلاً.كنت أرى البعض يطير ساقطاً من فوق الجبل لكنها المرة الوحيدة التي فيها أرى من يطير صاعداً فوق قمة الجبل.إستدار نحو تلة صهيون و داوم صعوده ثم جاءت سحابة حجبت الرؤيا حتى لم أعد أراه .أو عيناي لم تعد ترى بعده.لحظات و عاد نور أصغر منه.تبلور النور إلى ملاكين.إلتف التلاميذ حولهما فلم أبصر شيئاً .لا أدرى متى إختفيا.لكننى رأيت الجميع سجدوا ثم بدأوا العودة من منحدر النور.مرقس كان معهم.

ينظرون بعضهم بعضاً كمن لا يصدق نفسه.سمعت من يقول صعد إلى أعلى السموات.لم أقف فقدماى مرتعشتان لن تحملنى.أخشى أن تستيقظ عيناي من مشهد الصعود.هل سيعود هكذا ؟ سأبقى و أنتظره.إختئبت فى النُقرة كى لا يرانى أحداً.إلى اليوم أنا مختبئ.لأنه بعدما تري المسيح صاعداً تموت الذات ,تجد الصعود فى كل ما تراه.تبهت كل المشاهد  عداه ويضيع معنى المجد الأرضى.