زهير دعيم
تذمر أمامي أحد الأصدقاء وهو جدّ لحفداء كثيرين ؛ تذمر وألحّ عليَّ أن أكتب ، فالقضية أضحت إدمانًا ومرضًا وجَبَ علاجه قبل ان يستشري ويستفحل ، إن لم يكن قد استفحل فعلًا.
وكان صديقي يقصد الهواتف النقّالة ، فحفيده هذا كما ذاك يستلقي على الكنبة وينشغل السّاعات الطويلة بهاتفه النقّال أو قُلْ هاتف احد والديه أو أحد جدّيْه ، حتى أنه كثيرًا ما ينسى أن يأكل أو يشرب أو حتى يقضي حاجته ، فتروح تناديه فلا يسمع ولا يجيب.
ولعلّ الأمر زاد وطغى الآن ونحن في غمرة العطلة الصّيفيّة .
وتساءل صديقي : ماذا نعمل وما هو الحلّ ؟!!! فقد بات الامر مُقلقًا يقضُّ مضاجع نومنا ، رغم أنّه وللحقّ أقول : انهم ومن خلال انشغالهم بهواتفهم تقلّ طلباتهم ويخفّ ضجيجهم !
صحيح أن ضجيجهم يقلّ ، ولكنهم يخسرون ويُضيِّعون وقتًا ثمينًا في أمور لا طائل تحتها ولا فوقها إن صحّ التعبير ، ولا فائدة ترجى منها، والأجدى والأفضل أن ننتبه نحن الأهلين ونعمل على اجتثاث هذه الظاهرة السّيئة من جذورها ولو تدريجيًّا ، واستبدالها بعادات اخرى جميلة ومفيدة نسيناها او كدنا ان ننساها وعلى سبيل المثال لا الحصر اورد بعض البدائل والمقترحات:
1- مطالعة قصص الاطفال الهادفة بكلّ اشكالها وانواعها من قصص مشوّقة وجذّابة وقصص تاريخية واخرى تحكي تحاكي حبّ الله والوطن والانسان والشموخ الى كتب المغامرات والتاريخ ، فبمثل هذه القصص وهذه المطالعة نزرع عشق الكتاب في النفوس ، لعلّ وعسى نلحق بركب الحضارة والرُّقي؛ هذا الركب الذي فاتنا قطاره مسافاتٍ ومسافات.
2- الانضمام الى مخيّمات كشفيّة أو تربوية أو علمية أو دينية مملوءة بالفعاليات والنشاطات وتشجّع وتحثّ على المحبّة و التطوّع ومدّ يد العون للغير ، وزرع القيم الانسانية في النفوس كما وتصقل شخصية الطّفل وتنمّي في داخله روح الاستقلاليّة.
3- الانضمام والاندماج بدورات تربوية ، تعليميّة ، تثقيفيّة .
والدّورات كثيرة ومتنوّعة تدور في فلك الحاسوب والتقنية والابداع الكتابيّ والطبيخ والإسعاف والسّباحة بل وحتى الطيران .
نعم هذه بدائل ، وهناك بدائل اخرى قد نلجأ اليها.
وخلاصة القول : ما وُجدت العطلة الصّيفيّة لقتل الوقت وتبذيره في أمور لا تجدي نفعًا ، بل لاستعادة النشاط وتجديد الهمم ، واكتساب مهارات جديدة نافعة لا تعطيها المدرسة ، فعلى الأهل أن يحزموا الأمر ويبتّوا ويكونوا صارمين ، فالهواتف النقّالة مرض مُعدٍ يصيب الأطفال فيلوّث حياتهم ويسرق هناءتهم ووقتهم وهم ونحن غافلون.
هل من يسمع ؟!!