محرر الأقباط متحدون
أوكرانيا .. شارك أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، بصفة مراقب، في المؤتمر الذي استضافته سويسرا من أجل البحث عن مخرج للأزمة الروسية الأوكرانية. وألقى مداخلة خلال الأعمال سلط فيها الضوء على أهمية قيام حوار بين الأطراف المعنية مع التأكيد في الوقت نفسه على ضرورة احترام القانون الدولي وسيادة كل بلد. كما دعا نيافته أيضا إلى توفير الحماية للأطفال والأسرى المدنيين والعسكريين من قبل الجانبين.
أكد المسؤول الفاتيكاني في مداخلته أن السبيل الوحيد من أجل التوصل إلى سلام حقيقي ومستقر وعادل يكمن في الحوار بين جميع الأطراف المعنية بالصراع المسلح. وعبر نيافته، باسم البابا فرنسيس، عن قربه من الشعب الأوكراني المعذب، مذكراً بالتزام الحبر الأعظم الدائم والمستمر لصالح السلام.
هذا وشجع الكاردينال بارولين الجماعة الدولية على البحث عن السبل الكفيلة بتقديم الدعم المطلوب والقيام بجهود الوساطة بين الطرفين، على الصعيدين الإنساني والسياسي، معرباً عن أمله بأن تتمكن الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها أوكرانيا، وتحظى بدعم الكثير من الدول، من التوصل إلى النتائج التي يريدها الضحايا والتي يتمناها العالم كله. كما أكد نيافته أن الكرسي الرسولي ملتزم في الحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة مع السلطات الأوكرانية والروسية على حد سواء، وهو مستعد أيضا لدعم جهود الوساطة كي تكون مقبولة لدى الجانبين المعنيين، وتعود بالفائدة على الأشخاص الذين يعانون من تبعات هذه الحرب.
بعدها عبر أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عن تقديره وامتنانه لمنظمي المؤتمر، معتبراً أنه حدث يكتسب أهمية عالمية، وقد شاءته وأعدت له باهتمام كبير أوكرانيا التي تتبذل – من جهة – جهوداً حثيثة من أجل الدفاع عن نفسها في وجه العدوان، ومن جهة أخرى تواصل المساعي على الصعيد الدبلوماسي بغية التوصل إلى سلام عادل ودائم. وشدد نيافته في هذا السياق على ضرورة عدم الاستسلام أبداً أمام الحروب ونتائجها المأساوية إذ لا بد من البحث باستمرار عن وسائل تضع حداً للصراع، متسلحين بالنوايا الحسنة والثقة والإبداع.
كما توقف الكاردينال بارولين في مداخلته عند أهمية احترام القانون الدولي، مشدداً أيضا على مبدأ أساسي ألا وهو احترام استقلالية كل بلد وسيادة أراضيه. ولم تخلُ كلمات نيافته من الحديث عن مسألة أخرى بالغة الأهمية ألا وهي إعادة الأطفال إلى ديارهم، وقد تم وضع آلية خصيصا لهذه الغاية، في أعقاب الزيارتين اللتين قام بهما رئيس مجلس أساقفة إيطاليا، الكاردينال ماتيو زوبي، إلى كل من كييف وموسكو بصفة مبعوث خاص للبابا فرنسيس. ودعا المسؤول الفاتيكاني في هذا السياق إلى تعزيز كل قناة متاحة من أجل تسهيل هذه العملية التي لا بد أن تحظى بأولوية مطلقة، من أجل تفادي أي استغلال لأوضاع القاصرين.
وتطرق نيافته بعدها إلى مسألة الأسرى والمعتقلين، العسكريين والمدنيين على حد سواء، خصوصا في ضوء التقارير الدورية بشأن معاهدات جنيف، لاسيما المعاهدة الرابعة التي تتعلق مباشرة بالمدنيين. وعبر بارولين في هذا السياق عن قلق الكرسي الرسولي حيال صعوبة تشكيل لجنة طبية مختلطة تقوم، بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بتقييم أوضاع أسرى الحرب المحتاجين إلى رعاية طبية طارئة.
أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان تلقى دعوة للمشاركة في المؤتمر من قبل الرئيسة السويسرية فيولا أمهيرد، والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، وقد توجه إلى سويسرا برفقة السفير البابوي في سويسرا المطران مارتين كيربز، والمونسينيور بول بوتنارو، المسؤول في قسم العلاقات مع الدول والمنظمات الدولية في أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان. وبصفة مراقب امتنع وفد الكرسي الرسولي عن التوقيع على الإعلانات المشتركة، لكنه عبر عن تأييده لمخرجات القمة.
البيان الختامي الذي وقع عليه ثمانون بلداً من أصل البلدان الاثنين والتسعين المشاركة في القمة، على مستويات مختلفة، دعا إلى تبادل أسرى الحرب وإعادة الأطفال الأوكرانيين الذي نُقلوا إلى روسيا، كما شدد على التخلي عن لغة التهديد وعدم اللجوء إلى القوة ضد أي بلد، واحترام مبدأ الاستقلالية وسيادة الأراضي بالنسبة لكل بلد داخل الحدود المعترف بها دولياً، بما في ذلك المياه الإقليمية، والسعي إلى حل الخلافات بالوسائل السلمية تماشياً مع القانون الدولي.
ويرى المراقبون أنه على الرغم من الخطابات الكثيرة الداعية إلى السلام قد لا تؤدي القمة إلى نتائج ملموسة في المستقبل القريب، نظراً لتخلف الصين عن المشاركة وعدم دعوة روسيا إلى المؤتمر، ناهيك عن رفض اثنتي عشرة دولة التوقيع على البيان الختامي، من بينها البرازيل، الهند، أفريقيا الجنوبية، ليبيا، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.