محرر الأقباط متحدون
يقوم رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال ماتيو زوبي بزيارة إلى مدينة بيت لحم حيث تفقد مستشفى "كاريتاس" للأطفال الذي يُعتبر المستشفى الوحيد من نوعه في الضفة الغربية. وتندرج زيارة نيافته في إطار مبادرة الحج الأبرشي من أجل السلام والتضامن. وقال للمناسبة إن العالم يتصرف بشكل متأخر جداً عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الحياة البشرية داعيا إلى حمل الأقوياء على التعقل وعلى إيجاد الشجاعة اللازمة لتطبيق وقف إطلاق النار.
الكاردينال زوبي وصل إلى بيت لحم مساء السبت الفائت على رأس وفد يضم مائة وستين شخصاً قدموا من مختلف المدن الإيطالية للمشاركة في رحلة الحج إلى الأرض المقدسة التي تجري تحت عنوان "سلام وتضامن"، حسبما أوردت وكالة "سير" الكاثوليكية للأنباء، وكانت في استقباله السيدة شيرين خميس من مكتب التواصل التابع لمستشفى "كاريتاس". وقد شاهد نيافته فيلماً وثائقياً يتناول تاريخ المرفق الصحي الذي يحتفل هذا العام بالذكرى السنوية الواحدة والسبعين لإنشائه، مع العلم أن خدماته لم تنقطع قط طوال العقود السبعة الماضية. يتحدث الفيلم عن وجود أكثر من أربعمائة وعشرة آلاف طفل في المنطقة دون الثامنة عشرة من العمر، ومما لا شك فيه أن تاريخ المستشفى المعاصر يخبر عن الحرب، لاسيما الحرب الدائرة اليوم في قطاع غزة التي تزيد من صعوبة تنقل العائلات الساعية إلى توفير العلاج لأطفالها، هذا ناهيك عن مشكلة الاكتظاظ التي يعاني منها المستشفى.
وأوضحت بهذا الصدد السيدة خميس أنه بغية الوصول إلى بيت لحم يتعين على العائلات أن تجتاز عشرات حواجز التفتيش الإسرائيلية، مضيفة أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الصراع لم يتمكن سبعة آلاف طفل من الحصول على العلاجات اللازمة لهذا السبب بالذات. وقالت إن الحرب زادت من تفاقم الأوضاع الاقتصادية التي كانت صعبة أصلاً، مشيرة إلى أن غياب السياح والحجاج أدى إلى فقدان الكثير من فرص العمل وبالتالي باتت العائلات عاجزة عن تسديد كلفة العلاج. هذا ثم أكدت خميس أنه على الرغم من الأوضاع الاقتصادية والأمنية الصعبة ما يزال المستشفى يلعب دوره، على الرغم من احتياجاته المتزايدة، كي يساعد الأطفال المرضى، لافتة إلى أنه في منتصف شهر آذار مارس الماضي وصل إلى بيت لحم ثمانية وستون طفلاً في قطاع غزة، وتمت استضافتهم في مركز متخصص وتهتم بهم اليوم منظمة "قرى الأطفال SOS"، ويوفر المستشفى لهم الرعاية الطبية.
المسؤولة عن مستشفى "كاريتاس" في بيت لحم الأخت Aleya Kattakayam رافقت الكاردينال زوبي في جولته وقد تفقد نيافته عدداً من الأقسام، والتقى ببعض الأطفال المرضى وبعائلاتهم، وتحدث إلى الأطباء والممرضات. وقال رئيس مجلس أساقفة إيطاليا إننا نوجد اليوم في مكان تجد فيه آلام العديد من الأطفال العلاج، بيد أن هذا الأمر لا يحصل دائماً، لذا من الأهمية بمكان أن ننطلق من هنا لنفهم ما هي احتياجات الصغار، كي نسعى إلى تلبيتها وضمان حقوقهم. وأضاف نيافته أن معاناة الأطفال أمر لا يمكن القبول به، ولا بد من حمل الكبار على التعقل والتفكير. وذكّر زوبي بالأطفال الإسرائيليين الذين قُتلوا في السابع من تشرين الأول أكتوبر الماضي خلال هجوم حماس داخل الأراضي الإسرائيلية، وتذكّر أيضا الأطفال الفلسطينيين الذين قُتلوا في غزة خلال الأشهر الثمانية الماضية، مشيرا إلى أن بعض الأطفال الغزاويين توجهوا إلى إيطاليا حيث يتلقون العلاج في عدد من المستشفيات الإيطالية، وقال إنه سمع منهم قصصاً رهيبة، كخضوع بعضهم لعمليات بتر الأعضاء بدون تخدير.
لم تخلُ كلمات الكاردينال زوبي من الحديث عن أهمية العمل من أجل توفير حياة أفضل للصغار، مشيرا إلى أن الحقد ومنطق القوة، وعدم الشعور بمعاناة الآخرين، والتفكير بالمصالح الخاصة وحسب كلها أمور تولّد العنف وتحصد ضحايا أبرياء، لاسيما بين الأطفال. وأوضح نيافته أنه في بداية زيارة الحج إلى الأرض المقدسة التقى برايشيل غولدبرغ بولين، والدة إحدى الفتيات المحتجزات لدى حماس في غزة، وقال إن هذه المرأة الإسرائيلية تفكر بآلامها وبآلام العديد من الأشخاص في قطاع غزة، وقد أكدت له أنها لا تريد أن يتسبب ألمها بآلام أشخاص آخرين. وختم رئيس مجلس أساقفة إيطاليا بالقول إن مغزى زيارة الحج التي يقوم بها هو أن يفهم معاناة السكان والسعي إلى التعامل معها بواسطة المحبة، والقرب، والمساعدة والصلاة، كي يجد المسؤولون القوة والشجاعة اللازمتين للتوصل إلى وقف لإطلاق النار والجلوس إلى طاولة الحوار.
مستشفى كاريتاس للأطفال أبصر النور في العام ١٩٥٣ في بيت لحم، وهو يتبع لمنظمة "إغاثة أطفال بيت لحم" الخيرية في سويسرا منذ العام ١٩٦٣. يوفر المستشفى خدماته الطبية لحوالي خمسين ألف طفل سنوياً ضمن أقسامه الداخلية وقسم العيادات الخارجية. ويؤكد المستشفى على موقع الإلكتروني الرسمي أن رسالته تكمن في تحسين النتائج الصحية للأطفال في فلسطين من خلال خدمات متخصصة وآمنة يقدمها فريق من ذوي الكفاءات العالية.