هناء ثروت
تطالعنا الاخبار يومًا بعد يوم بأخبار عن اختفاء فتيات وسيدات قبطيات ويعلو الصراخ والنواح والمطالبة التي قد تصل الى مطالبة رئيس الجمهورية بالتدخل لإعادة الفتاة او السيدة التي اختفت، مع عرض لحياتها المستقيمة التقية وكيف كانت امينة في بيتها وخدمتها وعلاقاتها مع الله، ثم وبشكل مفاجيء الاعلان عن عودة المختفية وتعلو التبريكات والتهنئات بعودتها، الحمدلله وألف ألف مبروك.
ولكن سامحوني في وجهة نظري التي سوف اعرضها والتي بالطبع تحتمل الخطأ او الصواب، ولكنها في النهاية دعوة للتفكير، بالطبع اختفاء احد افراد الأسرة هو أمر مريع ومُرعب، وصلاتي ان الله يحفظ بيوتنا جميعًا من هذه التجربة المُرة، ولكن، في أغلب الحالات التي عُرضت في الوقت السابق أو بالأحرى في السنوات السابقة لم تكن هناك جريمة اختطاف ولكن اختفاء برغبة المختفية، سواء كانت فتاة في بيت ابيها (قاصر) او سيدة متزوجة، وللعلم انا هنا لست أدين أحد فكل منا له اسبابه التي قد تجبره على فعل شيء كهذا وهو يعلم عاقبة ما فعل ولكن ربما وجد ان هذا هو الحل الوحيد أمامه، لذا انا لست بصدد محاكمة الضحية (المختفية) ولكني أوجه ملامتي للأسرة، للكنيسة، للأصدقاء، للدائرة القريبة من هذه الضحية، نعم ضحية قد تكون ضحية مجتمع مريض بعاداته وتقاليده وقيوده، قد تكون ضحية لزوج مريض متحكم لا يرى غير نفسه، قد تكون ضحية لدائرة أصدقاء غير اسوياء يريدون ان يجعلوها تحت سيطرتهم ويخرجون فيها كل امراضهم النفسية، هنا لا ترى الضحية سوا الهروب من هذه المعركة الغير متكافئة ويكون الطرف الاضعف فيها هي الفتاة أو السيدة، فدعونا ننظر الى الامر بعيدًا عن العار المجتمعي الذي يخشى منه الناس، ويفضلون ان يعلنوا الاختفاء او الاختطاف بدلا من الهروب، وربما لهم الحق فالمجتمع قاتل بنظراته وتعليقاته اللاذعة، ولكن ما هو المطلوب؟ ما الذي تفعله الأسرة في هذه الحالة؟ الحل لا يبدأ وقت الهروب، الحل يبدأ منذ الصغر، الحل في التواصل الجيد، في سماع صوت الضحية ومحاولة حل مشكلتها، الحل في اننا نبحث عن ما اقترفناه من خطأ جعل هذه الفتاة او السيدة تخرج عن الإطار الأسري وتجلب لهم "العار" كما يقولون، قد تكون مخطئة وقد تكون على صواب ولكن في الأخير التواصل الجيد يقي من التجارب المؤلمة، فكما نقول الوقاية خير من العلاج، نقول أيضًا وجودنا كآباء بجانب ابنائنا يحميهم من هذه التجربة الشرسة، استماعنا لهم ولمشاكلهم بالقدر الكافي من الاهتمام والجدية والمساندة هو حائط الصد لهم من هجوم الافكار الشريرة عليهم، او الاشخاص الاشرار الذين يصطادون في الماء العكر.
علينا أن نقوم بدورنا تجاه أحبائنا، أن نكون لهم دائرة امان يلجأون اليها، يخرجون ما بهم من طاقة سلبيى واحباط وربما اكتئاب، دعونا نتعلم ان نسمع أنات بعضنا البعض وخاصة ابنائنا وشركاء حياتنا وربما قد يستمع الابناء الى ابائهم، ونقبل منهم كل ما بداخلهم حتى وان كانت افكار غريبة وغير مقبولة دون استخفاف او تقليل من اوجاعهم، فقد يكون كلامهم معنا هو أخر صرخة يصرخونها قبل الضياع.