محرر الأقباط متحدون
البابا فرنسيس .. "يمكننا أن نوحِّد الإيمان والعلم في المحبة، إذا وضِع العلم في خدمة رجال ونساء عصرنا، ولم يتمَّ تحويره وتشويهه لضررهم أو حتى تدميرهم" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته للمشاركين في المؤتمر الثاني للمرصد الفاتيكاني في ذكرى جورج لوميتر: "الثقوب السوداء وموجات الجاذبية وتفردات الزمكان"

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في القصر الرسولي بالفاتيكان للمشاركين في المؤتمر الثاني للمرصد الفاتيكاني في ذكرى جورج لوميتر: "الثقوب السوداء وموجات الجاذبية وتفردات الزمكان"، وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال لقد اجتمعتم في كاستيل غاندولفو لحضور مؤتمر "الثقوب السوداء وموجات الجاذبية وتفردات الزمكان"، الذي تم تنظيمه على شرف المونسينيور جورج لوميتر، بعد سبع سنوات من النسخة السابقة. في هذه الأثناء، تم الاعتراف بالقيمة العلمية للكاهن البلجيكي وعالم الكونيات من قبل الاتحاد الفلكي الدولي، الذي قرر أن قانون هابل الشهير ينبغي أن يسمى قانون هابل لوميتر.

تابع البابا فرنسيس يقول أنتم تناقشون هذه الأيام أحدث الأسئلة التي يطرحها البحث العلمي في علم الكونيات: النتائج المختلفة التي تم الحصول عليها في قياس ثابت هابل، والطبيعة الغامضة للتفردات الكونية (من الانفجار الكبير إلى الثقوب السوداء) والموضوع الآني لموجات الجاذبية. إن الكنيسة تهتم بمثل هذا البحث وتشجعه، لأنه يهزُّ حساسية وذكاء رجال ونساء عصرنا. بداية الكون، وتطوره النهائي، والبنية العميقة للمكان والزمان، جميع هذه الأمور تضع البشر أمام بحث محموم عن المعنى، في سيناريو واسع يواجهون فيه خطر الضياع. وهذا الأمر يجعلنا نكتشف من جديد أهمية كلمات صاحب المزمور: "عندما أرى سمواتك صنع أصابعك والقمر والكواكب التي ثبتها، ما الإنسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده؟ دون الإله حططَّته قليلا بالمجد والكرامة كللته". وبالتالي من الواضح أن هذه المواضيع لها أهمية خاصة بالنسبة للاهوت والفلسفة والعلم وكذلك للحياة الروحية.

تابع الأب الأقدس يقول لقد كان جورج لوميتر كاهنًا وعالمًا مثاليًا. وتمثل مسيرته الإنسانية والروحية نموذجًا للحياة يمكننا جميعًا أن نتعلم منه. درس الهندسة امتثالاً لرغبة والده؛ ثم دخل الجيش في الحرب العالمية الأولى وشهد أهوالها. كشخص بالغ تابع دعوته الكهنوتية والعلمية. فكان في البداية - كما يقولون - "متناغم"، أي يعتقد أن الحقائق العلمية مودعة في الكتاب المقدس بطريقة مستترة. ولكنَّ خبراته الإنسانية وما ترتب عليها من تطورات روحية قد حملته لكي يفهم أن العلم والإيمان يتبعان طريقين مختلفين ومتوازيين، ولا يوجد تعارض بينهما. في الواقع، يمكن لهذين المسارين أن يناغما بعضها البعض، لأن العلم والإيمان، بالنسبة للمؤمن، لديهما المصفوفة عينها في حقيقة الله المطلقة. وقد قادته مسيرته في الإيمان إلى الوعي بأن الخلق والانفجار الكبير هما حقيقتان مختلفتان، وأن الإله الذي يؤمن به لا يمكن أن يكون موضوعًا يمكن تصنيفه بسهولة بواسطة العقل البشري، ولكنه "الإله الخفي"، الذي يبقى على الدوام في بُعد غامض وسرِّي، غير مفهوم تمامًا.

وخلص البابا فرنسيس إلى القول أيها الأصدقاء الأعزاء، أتمنى أن تستمروا في مناقشة القضايا التي تناقشونها بروح مخلصة ومتواضعة. إن الحرية غياب التكييف، اللذين تختبرونهما في هذا المؤتمر، يمكنهما أن يساعداكم على التقدم في مجالاتكم نحو الحقيقة، التي هي بالتأكيد انبثاق لمحبة الله. يمكننا أن نوحِّد الإيمان والعلم في المحبة، إذا وضِع العلم في خدمة رجال ونساء عصرنا، ولم يتمَّ تحويره وتشويهه لضررهم أو حتى تدميرهم. أشجعكم على الذهاب إلى ضواحي المعرفة البشرية: هنا يمكننا أن نختبر إله المحبة، الذي يروي عطش قلوبنا. أبارككم جميعًا وأبارك عملكم من كل قلبي. وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي.