هاني لبيب
إذا كانت بداية فصل الصيف رسميًّا هى أمس الخميس.. فإن ما عانيناه خلال أيام الأسبوع الماضى فقط من ارتفاع درجة الحرارة أمر ينذر بصيف ملتهب.
درجة الحرارة اليومية فى مصر دخلت ضمن أولويات البحث فائقة الأهمية، بعد أن تحولت عبارة وصف مناخ مصر الشهيرة «دافئ ممطر شتاء.. حار جاف صيفًا» ضمن المقولات المأثورة التى نتندر عليها، ولا نعيشها.
قطعًا.. حدث تغير فى منظومة المناخ، وهو تغير كنا نعتقد فى وقت من الأوقات أنه سيكون طويل الأمد، ولكن الواقع يؤكد أن تحولات وتغيرات المناخ كانت أسرع مما توقعنا، وهو ما يعود بالدرجة الأولى إلى التطور الصناعى المذهل والمتسارع بشكل يومى، والمستند إلى الوقود الأحفورى، (البترول والغاز والفحم)، وما ينتج عن حرقه من زيادة انبعاث الغازات، التى تؤدى إلى المزيد من الاحتباس الحرارى.
يمكن رصد تأثير التغيرات المناخية الحالية والمحتملة على المجتمع المصرى فى: تذبذب معدلات درجات الحرارة عن طبيعتها المعتادة، وزيادة الاحتياجات المائية سواء للإنسان أو للزراعة أو التصحر فى ظل شح المياه وندرتها، وحدوث خلل فى الإنتاج الزراعى، وارتفاع منسوب مستوى سطح البحر وتأثير ذلك على المناطق الساحلية، وتغير النمط المعتاد فى هطول الأمطار والسيول وحركة الرياح، وإحداث تغيير جذرى فى التوازن البيئى، وما يطرأ من تغيير خريطة الأمراض والوقاية منها وعلاجها.
وبعيدًا عن المدخل العلمى لظاهرة تغير مناخ مصر، الذى هو جزء من تغير المناخ عالميًّا، مما استدعى عقد قمم ومؤتمرات دولية، ولكن فى تقديرى الأهم، بعد أن تحول جو مصر إلى قارس البرودة شتاء ومرتفع الحرارة صيفًا، أنه يجب على الحكومة المصرية الجديدة المرتقبة بناء على هذا التغير المناخى أن تضع ضمن أولوياتها إعادة النظر فى:
- كود البناء المصرى ليتناسب مع تزايد ارتفاع درجات الحرارة وزيادة نسبة الرطوبة.. سواء فى التصميمات الهندسية أو فى المواد المستخدمة للبناء.
- مواصفات تصنيع الملابس بما يتلاءم مع هذه التغيرات مثلما نرى فى الدول الأوروبية، وزيادة الاعتماد على القطن للملابس الصيفية تحديدًا.
- مواصفات تصنيع واستيراد السيارات ووسائل النقل، التى أصبحت لا تتناسب مع درجات الحرارة المرتفعة فى الصيف سواء فيما يخص الميكانيكا أو التكييف.
- إعادة النظر فى المواصفات القياسية لكهرباء المنازل والمصانع بشكل آمن لمواجهة أخطار ارتفاع درجات الحرارة، وما يترتب على ذلك من تحديد مواصفات قياسية للأجهزة الكهربائية المنزلية.
- الوقاية الصحية وما يتبعها من تخصصات جديدة أو أدوية ذات صلة بالبرودة الشديدة أو الحر الشديد.. فتغيير المناخ يؤثر بشكل مباشر فى الحالة الصحية.
- إعادة النظر فى منظومة الزراعة المصرية قبل أن نجد أنفسنا فى مواجهة تغيير جذرى فى طبيعة الزراعة المصرية بما يتناسب مع تغيير درجات الحرارة، وما يصلح زراعته حسب المعتاد وما لا يصلح، وهو ما يعنى إعادة النظر فى منظومة الأمن الغذائى للمواطن المصرى.
نقطة ومن أول السطر..
قضية تغير الحالة المناخية تحتاج إلى حملة قومية للتوعية بتأثيرها فى سلوك المواطنين.. ليس فقط للحفاظ على حياتهم، ولكن لمواجهة وتجنب الأمراض والإصابات بسبب تغير شكل الحياة المعتاد.
لا يمكن فصل الحالة المناخية عن الحفاظ على البيئة، كما لا يمكن فصلهما فى كل الأحوال عما سيترتب عليهما سواء بالتعارض أو الاشتباك أو التقاطع مع الحالة الاقتصادية.
نقلا عن المصري اليوم