محرر الأقباط متحدون
قام أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، بتدشين المقر الجديد لاتحاد مجالس أساقفة أوروبا في روما، بعد ظهر أمس الجمعة، بعد أن كان في سان غالو بسويسرا، واعتبر نيافته أن قرب الأساقفة الأوروبيين من البابا ومن دوائر الكرسي الرسولي يمكن أن يقدم دفعاً رعوياً جديداً ويشكل انطلاقة مسكونية، لاسيما خلال السنة اليوبيلية التي تستعد الكنيسة للاحتفال بها العام المقبل، وفي إطار المسيرة السينودسية.
اتحاد مجالس أساقفة أوروبا أبصر النور منذ أكثر من نصف قرن وهو يضم تسعة وثلاثين من الهيئات الأعضاء، من بينها ثلاثة وثلاثون مجلس أساقفة وطنياً تمثل خمسة وأربعين بلداً في القارة الأوروبية. وقد نُقل مقر أمانة السر من سويسرا إلى العاصمة الإيطالية، وافتُتح المقر الكائن في شارع "بينيا" خلال احتفال شاركت فيه شخصيات مدنية وكنسية من بينها أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الذي سلط الضوء على النواحي اللوجستية والفنية لهذا الخيار، أي أن يكون المقر قريباً من البابا ومن دوائر الكرسي الرسولي، مشيرا إلى أن ذلك يعكس علاقات الشركة الكنسية القائمة بين الأساقفة والحبر الأعظم.
القرار اتخذه رؤساء المجالس الأسقفية الأوروبية خلال لقاء جمعهم في مالطا في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وتمت الموافقة عليه بعد أن استشاروا البابا فرنسيس، وأمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان، ودائرة الأساقفة. وقال رئيس اتحاد مجالس أساقفة أوروبا، ورئيس أساقفة فيلينوس المطران جينتاراس غروساس إن القرار اتُخذ لكونه يعكس تبدلات الظروف والأوضاع التاريخية الراهنة، مذكراً بأنه عندما أبصر الاتحاد النور كانت أوروبا منقسمة إلى شطرين، الشرق والغرب، وكان أساقفة القارة الكاثوليك يبحثون عن منطقة محايدة تجمعهم، فوقع الاختيار أولا على مدينة كويرا السويسرية عام ١٩٧١، ثم نُقل المقر عام ١٩٩٧ إلى سان غالو في سويسرا أيضا.
في كلمة ألقاها لمناسبة تدشين المقر الجديد في روما لفت الكاردينال بارولين إلى أن هذه الخطوة تتجاوب قبل كل شيء مع المتطلبات والاحتياجات الفتية والتقنية، مؤكدا أن كون المقر في روما يعكس العلاقة الوطيدة القائمة بين المجالس الأسقفية الأوروبية وكرسي بطرس. وأضاف أن الهدف يتمثل أيضا في جعل المبنى الجديد مركزاً مرجعياً بالنسبة للأساقفة الأوروبيين، إذ سيجدون فيه بيتاً لهم يستضيف اجتماعاتهم ولقاءاتهم في كل مرة يزورون فيها روما. واعتبر نيافته أن هذا الأمر سيكتسب أهمية أكبر خلال السنة اليوبيلية.
لم تخل كلمة المسؤول الفاتيكاني من الإشارة إلى الهدف من إنشاء اتحاد مجالس أساقفة أوروبا ألا وهو زيادة التعاون بين المجالس الأسقفية الأوروبية في ضوء الخبرة التي عاشها المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، وأضاف أن الاتحاد مدعو اليوم إلى إظهار وجه السينودسية، ووجه كنيسة تنطلق من حقيقة الإنجيل وتذهب لملاقاة رجال ونساء زماننا، ينيرها ويعضدها حضور المسيح.
وأكد الكاردينال بارولين أن هذه الرسالة تتحقق من خلال الالتزام في الكرازة بالإنجيل والشهادة للحقيقة، خصوصا في زمن لم يعد يدرك، على ما يبدو، الحقائق المتسامية بل ينظر وحسب إلى ما يحقق التوافق الاجتماعي ويتجاوب مع المشاعر الآنية. ولفت نيافته أيضا إلى ضرورة الحفاظ على علاقات الشركة الأخوية والشهادة للمحبة والقيام بأعمال خيرية حيال المتألمين والضعفاء والمهمشين، ضحايا ثقافة الإقصاء، التي تهمش الحياة البشرية لاسيما للأشخاص الضعفاء ومن لا حول لهم ولا قوة.
ختم أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان كلمته بالقول إن التزام اتحاد مجالس أساقفة أوروبا يسير في الاتجاه الذي يحدده الاندفاع المسكوني والشركة الكنسية والمساعدة الرعوية من أجل مواجهة التحديات المطروحة اليوم أمامنا، لاسيما على صعيد العلمنة والكرازة بالإنجيل، وهما موضوعان يبعثان على القلق في أوروبا، هذا فضلا عن أهمية العمل على غرس روح السلام وإرساء أسس الوفاق في القارة القديمة التي تعاني اليوم من الانقسامات.