فريدة الشوباشى
تحتفل مصر بالذكرى الحادية عشرة لثورة الثلاثين من يونيو فى حضن الوطن الذى أنقذته من براثن قوى الشر التى كانت تنوى تفتيته تنفيذاً لمخطط أسيادها وقد فعلت كل ما أساء له خلال السنة السوداء التى حكمت فيها ولم تتوقف جرائم أدواتها عن القيام بعمليات إرهابية لم يسبق لها مثيل طوال التاريخ.
أيقظت سنة حكم الإخوان السوداء الضمير الجمعى المصرى، فاتخذت الملايين قرار التصدى لهذه الجماعة واقتلاعها من مكامن السيطرة، بل وشلها تماماً.. ولا يزال الثلاثون من يونيو لغزاً محيراً للعالم، فمصر لم تكن بها أحزاب قوية تدعو الجماهير للتظاهر ولا كانت قد ظهرت لديها قيادات توجهها، ومن ثم لم يتوصل أحد إلى حل شفرة هذا الشعب الذى نزل إلى الشوارع، فى نفس اللحظة، ورفع قرار الرفض بتلقائية جعلت الكل يسلم بأنه شعب «مالوش كتالوج».
ونفس الشىء حدث لدى اختيار القائد الذى كلفه الشعب بالعبور بالمحروسة إلى بر الأمان، وكان هذا القائد قد اعتبر أن اختياره تفويض شعبى وأمر له بالقيادة التى أجمع عليها الشعب والجيش الذى استدعاه هذا الشعب فدوى هتاف بلغ عنان السماء يقول: «انزل يا سيسى مرسى مش رئيسى»، فاستجاب «السيسى» حاملاً رأسه على كفيه وهو يعلم تماماً أنه تسلم بيتاً مهدماً، بلاطه مخلع وسقفه واقع وجدرانه مائلة وأكد أن الإرادة المصرية لن تعلو عليها إرادة أخرى، سجل التاريخ عصراً جديداً بدأ فى هذا اليوم الذى اصطفت فيه المرأة والرجل والشباب وكبار السن فى انتخاب «السيسى» رئيساً بإجماع عشرات الملايين الذين احتشدوا فى أكبر تجمع بشرى فى التاريخ.. بعد طرد جماعة الشر من الحكم ظلت مستمرة فى بث الشائعات وتنفيذ عمليات إرهابية بقدر ما تمكنت ولكن القيادة الجديدة تصدت لها وشرعت على الفور فى الخروج من النفق المظلم واستعادة مصر لمكانها ومكانتها. وشمر الجميع عن سواعدهم لتطهير الوطن من كافة السلبيات التى كان منها المشهد المخزى للعشوائيات فى بلد الأهرام التى جعلت حافظ إبراهيم يقول عن مصر وهى تتحدث عن نفسها: «وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبنى قواعد المجد وحدى...».
وقامت مصر الثورة على قدم وساق، تحقق كل ما تحتاج إليه الدولة العصرية من بنى تحتية وإرساء أسس الحياة الكريمة لكافة أبنائها بتوفير كل الاحتياجات، من سكن كريم، لتعليم، لعناية صحية لتوفير فرص عمل وإعادة سيناء الحبيبة إلى حضن الوطن وتخليصها من الجماعات الإرهابية التى شلت الحياة بهذا الجزء الغالى من مصر. ومن أبرز معالم ثورة يونيو إعادة اعتبار المرأة المصرية التى كرمها الرئيس السيسى بما تستحق تقديراً لدورها المركزى فى الثورة والدفاع عن الوطن، فالشباب الذى تصدى لمخطط التفتيت هو من ربته المرأة المصرية، والاعتراف بجدارتها فى كافة المجالات والميادين، وبعد وصفها بالعورة وما يتبعها من أوصاف مهينة، فتح «السيسى» النوافذ مشرعة أمام المرأة لتولى كافة المهام التى كانت مقصورة على الرجل، لأنه كما قال العبقرى صلاح جاهين، البنت زى الولد ما هيش كمالة عدد. عاد عصر المرأة الذهبى رغم الصعوبات المحلية والدولية، فكانت وزيرة وقاضية ومحافظة وعضوة فى مجلسى الشيوخ والنواب، وتم تنقية التشريعات التى كانت تحط من قدر المرأة وتظلمها بصدد العلاقة الأسرية، ومن أعظم إنجازات الثورة، إعادة الشعور بالأمن والأمان، بعد أن كنا نخشى السير فى الشارع ونستيقظ يومياً على وقوع عمليات إرهابية. إن العالم كله بات يحترم القرار المصرى ويتعامل معه بمنتهى الجدية، وليس قرار السيسى برفض التهجير القسرى للفلسطينيين من غزة إلى سيناء واعتبار ذلك خطاً أحمر ببعيد وهو ما أخرج القضية الفلسطينية من قاع الأدراج إلى قمة الاهتمام والذى أصاب مخطط إسرائيل بتصفية القضية الفلسطينية فى مقتل.
إن مصر تحقق الإنجازات المعجزة ويشهد الجميع بأن ما تحقق من إنجازات خلال أحد عشر عاماً كان يحتاج إلى مائة عام.. وأنا أنتمى لجيل عاش معجزة أخرى فى يونيو، حيث هب الشعب المصرى مساء التاسع من يونيو ١٩٦٧ وهزم الهزيمة التى كان العدو وأسياده يزغردون فرحاً بوقوعها، خاصة بتنحى الزعيم الخالد جمال عبدالناصر عن السلطة، ورفض الشعب قرار التنحى فكان ذلك المساء أول خطوة فى حرب الاستنزاف ومنها إلى طريق العبور، ووقتها ذهل الأعداء وأكدوا أننا شعب «مالوش كتالوج». إن مصر البهية ستظل أبد الدهر منصورة بإذن الله وتوحد شعبها المؤمن بقيادتها التاريخية.. قيادة نبض قلبها مع نبض الشارع الذى يقف خلفها بقوة لتحقيق نبوءة هذه القيادة، مصر أم الدنيا وستكون بمشيئة الله «قد الدنيا».
نقلا عن الوطن