طارق الشناوى

لو سألتنى أن اختار أفضل أفلام سعاد حسنى كفن أداء ممثل، فسوف أبدأ تاريخيا بـ( صغيرة ع الحب)، وأذكر بعده على أقل تقدير نحو عشرة أفلام. سر تفرد أداء سعاد ليس فى أنها تقدم دور مراهقة فى الثانية عشرة ثم تنضج فى مشاهد أخرى وتكبر عشر سنوات لتعيش عمرها الحقيقى على الشاشة، أتوقف كثيرا أمام هذه الطاقة الإبداعية التى قدمتها سعاد ، فكانت تتأرجح فى تلك المنطقة العمرية، الإطار الخارجى مثل الفيونكة وديل الحصان والفستان بألوانه الطفولية، من الممكن لعشرات من الممثلات أن يفعلن ذلك وأكثر، ولكن الذى منح سعاد كل هذا التفرد هو قدرتها الاستثنائية على التقمص الوجدانى.

على صفحات جريدة (الشروق) قبل أيام، قدمت زميلتى الصحفية الدؤوبة إيناس عبدالله سبقًا صحفيًا، عندما نشرت صورة لفؤاد المهندس مع سعاد حسنى فى فيلم

(صغيرة ع الحب)، وهو يؤدى الدور الذى لعبه باقتدار وخفة ظل نور الدمرداش، رغم أنه كان يؤدى دور رجل (ثقيل الظل)، وتلك هى المفارقة التى أمسك بها الدمرداش، كلما أمعن فى ثقل الظل تفجرت الضحكات.

انتهت إيناس إلى أن الصورة مختلقة، سألت الأستاذ محمد المهندس الابن البكر لفؤاد المهندس، قال إن والده لم يشارك فى الفيلم، ولم يذكر له أبدا أنه صور مثلا عدة أيام ثم توقف عن استكمال التصوير، بينما المؤرخ الفنى الكبير الأستاذ محمود قاسم لم يستبعد أن الصورة حقيقية، إلا أنه أضاف أنها مجرد مزحة من فؤاد مع سعاد عندما زارها فى الاستوديو، خاصة أن بينهما أكثر من فيلم مشترك.

 

وقتها عام ٦٤ كان فؤاد المهندس قد أصبح نجم شباك، والرهان عليه كبطل صار مضمونا، حيث كانت الرقام تشهد دائما لصالحه، فى ٦٣ شارك سعاد بطولة فيلم (عائلة زيزى)، وفى ٦٦ (جناب السفير).

 

أتذكر أن الكاتب الكبير أحمد أبو السعود الأبيارى روى قبل سنوات، بعض كواليس

 

(صغيرة ع الحب)، كتب المعالجة الدرامية والحوار والده أبو السعود الأبيارى، قال لي بالفعل تردد اسم فؤاد المهندس بين المرشحين وأيضا إسماعيل ياسين، إلا أن المخرج نيازى مصطفى، أصر على أن الدور ينادى على نور الدمرداش، رغم أنه وقتها الأقل نجومية بالقياس على إسماعيل وفؤاد.. هكذا دائما المخرج الكبير نيازى مصطفى لديه رؤية أكثر عمقا. سعاد كانت هى الترشيح الأول وبلا أى بدائل، بينما الإنتاج فى البداية كان يرى أن حسن يوسف هو البطل، إلا أن نيازى قال: يجب أن نجد فارقا فى الأحجام، حسن وسعاد بينهما توافق جسدى.

 

بينما رشدى أباظة أطول، كما أن دور مساعد المخرج الذى أداه سمير غانم، كان رأى أبو السعود أن إسماعيل ياسين خير من يلعبه باقتدار، ووقتها كان من الممكن أن يوافق إسماعيل على دور البطل المساعد، إلا أن نيازى قال إن سمير غانم هو الكوميديان القادم ، جيل سمير صار مطلوبا أكثر عند جمهور السينما، كان إسماعيل قد بدا يعانى من تراجع الإيرادات، حاول أبو السعود حبا فى صديقه إسماعيل أن يسند إليه دور نور الدمرداش إلا أن نيازى كان قد استقر تماما على نور.

 

 

طبقا لرواية أحمد أبو السعود الأبيارى كان فعلا فؤاد مرشحا للدور، وهذا مجرد تحليل لكاتب هذه السطور، ولا أملك اليقين، أن فؤاد اعتذر لأنه كان وقتها بطلا على (الأفيش) ومطلوب كثنائى مع توأمه الفنى شويكار !.

نقلا عن المصرى اليوم