حمدي رزق
من الأدبيات السياسية المستجدة فى عهدة الرئيس السيسى (التسليم والتسلم)، معلوم السابق واللاحق كلاهما يؤدى واجبا وطنيا، السابق يستحق الشكر، واللاحق يستحق التهنئة على الواجب المستوجب تاليا.
وعليه لماذا لا يتشكل من وزراء الحكومة السابقين مجلس استشارى لمجلس الوزراء الجديد، يضم فى تشكيلته الوزراء السابقين، مجلس يكون عونًا وسندًا للحكومة الجديدة؟.
الوزراء السابقون ثروة قومية، كل منهم خبر العمل الوزارى وكلف فاجتهد، أخطأ وأصاب، وخرج من التشكيل الوزارى باعتبار التغيير سنة الحياة، والشكر موصول للجميع.
كل وزير منهم قيمة سياسية وعلمية وعملية وأكاديمية فى تخصصه الوزارى، والحكومة الجديدة ليست فرعًا منقطعًا من الشجرة الوزارية، وكل وزير سابق من أصل هذه الشجرة، والشجرة تثمر بالإكثار، ولهذا طرقه المعهودة.
المجلس الوزارى الاستشارى (المقترح)، أو حكومة الظل، سيضم خبرات لها سابق خبرة بالملفات التى ستجتهد فى دراستها الحكومة الجديدة، وتفاعلت سابقًا مع المشكلات التى ستعانى منها الحكومة الجديدة، ويمتلك بعضهم حلولًا وأفكارًا لم يتمكن أو لم يُمكّن أو لم يسعفه الوقت أو الإمكانيات أو طحنه الظرف السياسى وحال دون تحقيقها أو تجليسها على الأرض، لكل حكومة ظروفها، وما هو مستحيل فى زمن قد يكون متاحًا تطبيقه فى زمن تالٍ.
مثل هذه الخبرات الوطنية لا تترك هكذا، ولا تهمل، أفكارها تصب فى حلحلة المشاكل وابتكار الحلول، وليس معنى سابق أنه فاشل، أو يوصم بالفشل، والسابق سبق إلى مواجهة هذه المشاكل المزمنة، وحاول وقدر لبعضهم النجاح، ومنى بعضهم بعدم التوفيق، والنجاح مثل الفشل له أسباب وتحكمه ظروف كانت قاسية على البعض منهم.
نبع من الخبرات النادرة فى العمل الوزارى، إهمالها يعد إهمالًا لثروة وطنية، وتجاهلها لا يخدم هدفًا وطنيًا، مع حفظ الألقاب والمقامات، من ينكر خبرات وإسهامات هذا الرهط المقدر من الوزراء؟!.
طابور طويل من الخبرات النادرة فى العمل الوزارى، خبرات معتبرة عملت بإخلاص، وبذلت جهدًا مقدرًا وتشكل مجمع خبرات مستوجب استثمارها فى بيت خبرة وطنى، الوطن فى عرض فكرة، فى أمس الحاجة إلى استشارات ودراسات وأفكار. السابقون لم تنته مهمتهم فى دولاب الحكم، والسابقون وإن تخففوا من عبء المسؤولية، فإن عليهم مسؤولية إعانة أهل الحكم بالفكرة والمشورة، ويقينًا هم جميعًا من ضلع الوطن، ولا يتأخرون عن واجب، وسيخفّون إلى هذا المجلس الاستشارى، وسيجتهدون زلفى وقربى للوطن.
مثل هذا المجلس الاستشارى سيكون بيت خبرة نموذجيًا، ولن يكلف الحكومة شيئًا، وسيشكل احتياطيًا استراتيجيًا من الخبرات، مجلس كفايات وطنية متسلحة بخبرات وزارية ثمينة.
يحزننى أن يتحول الوزراء السابقون إلى ما يشبه «خيل الحكومة»، يطلق عليهم الرصاص عند أى صهيل بفكرة أو برأى أو باستشارة، يقبحون وتعفر وجوههم، وتوسخ ملابسهم، الوزير السابق مثل المجذوب، يفرون منه.
تأسيس هذا المجلس الوزارى الاستشارى، سيكسب الوطن كثيرًا، إذا استنّ الرئيس هذه السُنّة فى الاستفادة من هذا الشلال البشرى المفعم بالخبرات الوطنية، يصل ما انقطع بين الخبرات الوزارية، وساعتها سيكون هناك بيت خبرة وطنى، يقف على الحروف جميعًا، يجلى الأفكار، ويجلّس السياسات، ويدعم المشروعات، ويقترح للمستقبل.
لن نذهب إلى المستقبل خلوًا من خبرات الماضى، على الأقل الماضى القريب، وصولًا إلى المستقبل القريب، وكلها من تصريف الأفعال.
نقلا عن المصري اليوم