Oliver كتبها
- كلكم تعرفوننا و تعرفونني. نحن سراق العشور مكروهين من الناس.الكهنة تبغضنا و الشعب لأجل العشور و النهب.ولاءنا لروما لا لإسرائيل.كنا كاللصوص نقتحم البيوت, نتلذذ بالتجسس عليهم كى نجمع أو ننهب الجزية.كم تجاوزنا لأجل الجباية و اغتصبنا ما يحلو فى أعيننا ,صار العشارون و الزناة مترادفان.إذا جزت عند دار الجباية أزكمت أنفك روائح جرائمنا.نحن جواسيس الأرض.نعرف ماذا يملكون. بكم باعوا العبيد ,كم حصدوا و كم خروفاً ولد و كم ثوراَ مات.نرقب أعمار المواليد.ماذا ورثوا أو زرعوا.حرفتنا التكويم.نغتني بوشاية الناس ضد الناس.أنا زكا رئيس عشارين أريحا.
- أنا نموذجاَ صارخ للخطاة.بهاء قصرى من الخارج فحسب و داخله تستوطن الفوضى. زكائب المال و الغلال متناثرة .حياتى صياح و هياج بالنهار و قلق يؤرقنى كل ليلة.كلما وسعت زرائبى ضاقت بمزيد من البهائم و الخراف المنهوبة.تفترسنى هموم الغِنى.يجتمع العشارون عندى.يوردون ما جمعوه.كل ليلة ننام سكارى من خمر مسروق.مصابيح القصر المتقدة تبدو كالمنطفئة.لا أرى إلا الأفق يضيق كلما إتسع.
- منذ زمن لم أر زوجتى.لم أحتضن أولادى,ضاعت أسرتى منى و ضِعت منها.نتقابل صدفة و لا ير أحدنا وجه الآخر.عشنا غرباء فى بيتى.ضعت أنا منى لما صار المال رب البيت.يحتل الكل ويتسلط.
- منذ فقدنا متى اللاوى و نحن نتعجب.كيف ترك خزانات المال عند موضع الجباية و تبع يسوع حين دعاه إتبعنى.تتوالى الأخبار أن المسيح يقبل الولائم فى بيوت العشارين.نتناقل الروايات و لا نقتنع بها.كيف لمن يصنع العجائب أن يقبل الدخول إلى بيوت العشارين.كيف يخرج الشياطين و يقبل دعوة أصدقاء الشياطين بل يأكل عندهم؟ألا يعلم أن أطعمتنا منهوبة و خرافنا مغتصبة و خمورنا مسروقة؟
- جاءنى أحد المراقبين الذين عينتهم على الطرق يجمعون من عابرى الجسور ضريبة العبور.أخبرنى أن يسوع آتٍ .هل أسلبه أم أكتفى بضريبة عبوره إلينا؟سكتُ أفكر ثم قلت دعه يعبر إلينا.لم يكن فى رأسى إلا أن أراه.أنا أميز الناس من وجوههم.أريد أن أعرف إن كان حقاً صديقاً للعشارين.
- شاع الخبر مع شمس النهار أن يسوع آت.نبهت جواسيسى لينشطوا و حذرت من العنف معه حتى لو دخل دار الجباية قرب الشاطئ حيث سمعت أنه يحب الشواطئ.لا أريد شغباً كى أتحقق من يسوع.ربما لا يأت أريحا ثانية. ..دخلت غرفتى أرتطم فى كل شيء.نظرت فى المرآة.مَن هذا الرجل؟ المرآة أظهرت قبحى.إرتديت ثوباً تفوح منه رائحة البهائم و الخنازير التى ملأت القصر.ما تعطرت فالعشارين لا يبالوا و لا يتعطروا.خرجت من غرفتي أتعثر بزكائبي. لماذا أهرول؟.لماذا أريد أن أرى يسوع؟صرت كخروف مسروق منجذب لمصيره و أنا منجذب بلا مبرر.سمعت أصوات أولادى يعبرون قدام الزكائب و لم أعرفهم, اصطدمت عند الباب بزوجتى و لم أراها.أريد أن أرى يسوع..
- تدافعت مثل الناس نحو الشاطئ.حين يأت يسوع لا تجد فرقاً بين العشار و بين الأبرار.الجمع يجرى بمحاذاتى و أنا بين الحشود أختفى.أنفاسى قصيرة من التخمة فلم أتمكن من السعى.قامتى قصيرة و أريحا عُرفت منذ القدم أنها مدينة النخل فلم أتبين أين أنا و لا كيف سأرى يسوع.لن يقبلنى أحد فى شرفات منزله.هربت كالفأر من بين الناس . تمسكت بشجرة جميز قصيرة مثلي كأنها زرعت من أجل تلك اللحظة.أعاننى رقبائى فتشبثت بالشجرة .صعدت متلفحاَ رداءى من الحرج و رائحته المقززة تخنقني .متى رأيت يسوع لن أفتح فمى لأن مزيجاً من رائحة الخمر و العربدة تملأه.لن أطلب شيئاً فلست بحاجة إلى معجزة لكى يطيل قامتى القصيرة.أريد أن أراه بلا سبب بلا أمنية هل تصدقون.
- هاج الناس كلما إقترب.الكل يطلب و الصياح يعلو و يسوع قادم.تأملته من بعيد فلم أراه.إقترب هو و حوله تلاميذه و رأيت مَتى تلميذه وسطهم و صدقت .أوقفهم فوقف الجميع.نظر إلى أعلى و نادانى بإسمى؟ عرف أننى زكا و أنا لا أعرفه.نطق إسمى بين الجموع فإنتبهوا لأننى كنت أتوارى بين أوراق الجميزة.قال لى أسرع و أنزل.فأسرعت لا أعرف كيف و نزلت.وقفت قدامه لا أجرؤ على النظر فى عينيه.ها أنا أراه و لا أراه.صمتَ الجمع منتظرين أن يشفى غليلهم منى.يسكب الويلات فى وجهى كما وبخ الفريسيين لكنه سكت و أسكت الكل.لم يدعُه أحد فى أريحا فدعا نفسه و فى بيتى مكث الذى تمنيت أن أراه للحظة.دارت بى الدنيا.ما أدركت شيئاً.لا أستطيع أن أحكى لكم كيف كان قلبي يدق و عيناى زائغتان من دموع الفرح أو الألم أو الحرج أو غير ذلك لست أدرى.أقول لكم.غابت الجموع و غبت أنا حتى وجدتنى مع المسيح فى البيت و الباب مغلق .لن أقل لكم ماذا قال لى لأننى لا أعرف ماذا قال.كان كلامه غير منطوق به.كان حنانه غير موصوف.تكلم قليلاً وبعينيه عالج كل شيء.يغفر و يخلص.
- جَمَعَ البيت فيه.رأيت زوجتى حين جلست معه و رأيت أولادى كأنه لأول مرة.قلت للخدم أن يذبحوا و يذبحوا و يعدوا أعظم مائدة .لكنه لم يأكل شيئاً.كان شبعاناً لسبب لا أعرفه.إستنار البيت مع أن مصابيحه لم توقد بعد.أخليت من حولنا كل الزكائب.لم يطلب منى المسيح أن أترك عملى بل أترك شرى.إطمئنيت به فتعهدت قدامه كما تعهدنى.سأجمع العشارين و نعيد ما سلبناه و نعوض من نهبناه .لن أعشر أموالى فحسب بل نفسى كلها.زمنى وقلبى بكل أعشاره ليسوع.الجمع يتذمر خارجاً.عيروه بسببى منذ بات عندى.كيف يبيت المسيح عند العشارين.سيتراجعون لما يعرفوا أن المسيح خلصنى من الشر فلن أخيفهم أو أسلبهم فيما بعد.وقتها لن يلوموه لأنه بات عندى.لن أدع أحداً يلوم يسوع بسببى.
- تصادقت مع مسيح متى العشار. وددت أن أعوض ما فاتنى.كلما مررنا أنا و مَتى عند دار الجباية نتبادل النظرات فى صمت.به تغير كل شيء.ملأ البيت بسلامه و جمعنا فيه. أدخُل الغرفة التى جلس فيه يسوع معى ومهابة حضوره فى غيابه تملأنى..غرفته صارت للتسبيح.سهر الليل عندى لم ينم..سهرنا معه دون كلل أو ملل.أطوف البيت لأراه فى كل البيت.بصماته على الكأس و الخبز و على ظهرى حين طيب خاطرى.كأنت يداه ما زالت.صوته يملأ البيت لا يغادره.أحببت إسمى من فمه .رتب لى خلاصاً فإنتشيت.رد البيت بحنانه .فرشه بالرحمة لكى يجلس المحتاجون بفرح..المسيح وسع تخومى ما عادت أريحا تكفني لأبشر .أريد أن أبشر كل بيت كما منح المسيح الرب خلاصاً لأهل بيتى.