محرر الأقباط متحدون
كانت دبلوماسية الكرسي الرسولي في الإطار الدولي الحالي محور كلمة لأمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية وذلك في لقاء في معهد الخدمات الخارجية في باساي سيتي الفلبينية.
في إطار الزيارة التي يقوم بها إلى الفلبين ألقى أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية رئيس الأساقفة بول ريتشارد غالاغير الجمعة ٥ تموز يوليو كلمة في معهد الخدمات الخارجية في باساي سيتي بالقرب من العاصمة مانيلا، وهو المعهد الذي يُعِد مَن يُفترض أن يعملوا خارج البلاد سواء في السفارات أو كممثلين لأية هيئات أو مؤسسات فلبينية. وتمحورت كلمة أمين السر حول دبلوماسية الكرسي الرسولي في الإطار الدولي الحالي، ووجه المطران غالاغير في البداية التحية إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المشاركين في هذا اللقاء وإلى طلاب المعهد والعاملين فيه ما بين أكاديميين وإداريين. ثم أعرب عن سعادته للتحدث اليوم عن طبيعة وتميُّز العمل الدبلوماسي الذي قام ويواصل القيام به معتبرا إياه حجر زاوية من أجل تعزيز السلام والنوايا الطيبة.
وفي حديثه عن الإطار الحالي قال أمين السر إننا أمام مشهد واعد ومهدِّد بالخطر في الوقت ذاته، فهناك من ناحية تبادل غير مسبوق للأفكار والبضائع والمعرفة التكنولوجية وتداخل بين الشعوب والأمم، إلا أن هذا الترابط يكشف من ناحية أخرى جوانب ضعيفة وهشة. وتحدث في هذا السياق عن منح الدول الأولوية لمصالحها متجاهلة في بعض الأحيان حلولا يطبعها التعاون أمام تحديات عالمية مثل تردي البيئة والتغير المناخي والأزمات الإنسانية. وذكَّر المطران غالاغير من جهة أخرى بأن المؤسسات متعددة الأطراف التي نشأت عقب الحرب العالمية الثانية من أجل حماية السلام والاستقرار تواجه اليوم مصاعب بسبب تضارب مصالح الدول وأجنداتها.
وواصل أمين السر للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية مشددا على أن الأزمات تتطلب حلولا عالمية، كما وسلط الضوء على خطر تصاعد التوتر العالمي ما قد يؤدي إلى ظهور مناطق نزاع جديدة. وعاد المطران غالاغير في كلمته إلى ما كتب البابا فرنسيس في الإرشاد الرسولي Laudate Deum (سبحوا الله): " لقد أصبح العالم متعدد الأقطاب وفي نفس الوقت معقدا حتى أنه صار يتطلب إطارا مختلفا للتعاون الفعال. ولا يكفي التفكير في توازن القوى، بل يجب أيضا التفكير في ضرورة الاستجابة للتحديات الجديدة والرد عليها بآليات عالمية، أمام التحديات البيئية والصحية والثقافية والاجتماعية، وخاصة لتعزيز احترام أبسط حقوق الإنسان والحقوق الاجتماعية ورعاية البيت المشترك. يجب إنشاء قواعد عالمية وفعالة من شأنها أن تقدم ضمانا لهذه الرعاية العالمية".
تحدث أمين السر بعد ذلك عن دبلوماسية الكرسي الرسولي فقال إنها لا تسعى إلى أية سلطة أو هيمنة، فجذور الجهود الدبلوماسية للفاتيكان تعود إلى مبادئ تمنح الأولوية لخير البشرية وتعزيز كرامة الإنسان والعمل من أجل سلام دائم. ويدعو عمل الكرسي الرسولي الدبلوماسي إلى مواجهة قضايا زمننا الملحة انطلاقا من الخير العام والتضامن بين الأمم والتكافل.
ومن هذا المنطلق توقف المطران بول ريتشارد غالاغير عند الدور المميز والخاص الذي يقوم به الكرسي الرسولي على صعيد الدبلوماسية الدولية، فتطرق إلى مواضيع عديدة توضح أهمية الكرسي الرسولي نظرا لانطلاقه من مبادئ وقيم أخلاقية واضحة، كما وتحدث عن تميز دور البابا على الصعيد الدولي. وقال أمين السر في هذا السياق إن البابا يُعتبر الشخصية المركزية في الجهود الدبلوماسية للكرسي الرسولي، وتابع متحدثا بالتالي عن البابا فرنسيس والذي، وفي استمرارية مع أسلافه، يترجم سلطته الروحية والأخلاقية إلى أفعال ومبادرات ومواقف لتعزيز الكنيسة والبشرية والخير العام، وبشكل خاص للدفاع عن الحقوق الإنسانية وتنمية كل فرد والعناية ببيتنا المشترك.
هذا وأعطى أمين السر بعض الأمثلة متوقفا بشكل خاص عند ما تقوم به دبلوماسية الكرسي الرسولي، وانطلاقا من رؤية البابا فرنسيس، من جهود على أصعدة عديدة، في طليعتها مواجهة تحديات عالمية مثل الفقر والتغيرات المناخية وظاهرة الهجرة وغيرها. تحدث المطران غالاغير أيضا عن دعوات البابا فرنسيس المتكررة من أجل السلام ونبذ العنف. كما وتطرق إلى التزام البابا كراعٍ للكنيسة من أجل كنيسة مع الفقراء ومن أجلهم، كنيسة تطبعها الرحمة يُشَبهها الأب الأقدس بمستشفى ميداني لرعاية المهمشين والمعوزين. شدد أمين السر من جهة أخرى على أن الالتزام بإنجيل يسوع وبتعليم الكنيسة الكاثوليكية هو ما يحرك نشاط الكنيسة وأيضا دعواتها إلى الإصلاح الذي لا يقتصر على المؤسسات الدولية بل يجب أن يشمل حتى الكنيسة ذاتها.