( 412- 444 م)
إعداد / ماجد كامل
يحتل القديس كيرلس الكبير مكانة هامة ومتميزة في تاريخ الكنيسة فهو البطريرك الرابع والعشرون من بطاركة الكنيسة القبطية . وهو الرجل الذي تصدي لأخطر بدعة واجهت الكنيسة بعد بدعة اريوس وهي بدعة نسطور . ولقد لقب في تاريخ الكنيسة بألقاب عديدة نذكر منها (عامود الدين – عامود الإيمان – شبل مارمرقس – الأول – الكبير – اثناسيوس الثاني … الخ )
وفي هذا المقال سوف نعرض لحياته وشخصيته وكفاحه ضد النسطورية ثم نعرض بعد ذلك
للمحة مختصرة عن القداس الكيرلسي وتطوره والفرق بينه وبين القداسات الأخرى
أولا :- اصل أسرته :-
يذكر التاريخ الكنسي عن القديس كيرلس انه من أسرة ميسورة الحال عاشت في مدينة ممفيس (وهي حاليا ميت رهينة جنوب محافظة الجيزة ) ولقد قامت مربية أثيوبية بتربية طفلين بعد وفاة والدهما وكان هذين الطفلين هما "القديس ثاوفيلس البطريرك الثالث والعشرين وأخته الصغيرة التي صارت فيما بعد والدة القديس كيرلس" ويحدثنا التاريخ الكنسي أن هذه المربية قد اصطحبت ذات يوم الطفلين إلى معابد الإله ابولون للصلاة هناك وحدث بمجرد دخولهما أن سقطت الأوثان علي الأرض وتحطمت فتوقعت الجارية غضب الآلهة منها فهربت بالطفلين إلى مدينة الإسكندرية وهناك توجهت إلى أحدي الكنائس لتتعرف علي هذا الدين الجديد وتصادف أن كان البابا اثناسيوس يصلي هناك فطلب من أحد الشمامسة بالتنبيه عليها بالانتظار بعد نهاية القداس لمقابلة البابا ؛ولما مثلت الجارية بالطفلين أمام البابا بادرها بالاستفسار عن سبب توجهها إلى معبد للأصنام وكيف دبرت العناية الإلهية سقوط الأصنام وتحطيمها لكي يقودها إلى الكنيسة فدهشت الجارية كيف تسني للبابا معرفة هذا السر فخرت تحت قدميه طالبة إرشاده وتعريفها بالديانة الجديدة ؛ فوضع البابا الطفلين تحت إرشاده بعد أن قام بتعميدهما وصار الولد هو القديس ثيوفيلس البطريرك 23 من بطاركة الكنيسة القبطية أما الفتاة فلقد صارت والدة القديس كيرلس
مولد القديس :-
ولد القديس كيرلس بمدينة الإسكندرية في الفترة من 371" – 375 " (غير معروف علي وجه الدقة تاريخ الميلاد) وكان يتمتع بمواهب فطرية عديدة فلقد كان ذو عقل حاذق مع فكر ثاقب وقوة في الذاكرة . قيل عنه أن كان يقضي الليل في قراءة الكتاب المقدس وفي يده سيف من حديد فإذا غالبه النوم نخسه السيف فيستيقظ في الحال ؛كما تميز بعذوبة الصوت وجماله في الألحان الكنسية فالحقه خاله البابا ثيوفيلس بمدرسة الإسكندرية لدراسة الفلسفة واللاهوت
نزوله للبرية :-
قام البابا ثيوفيلس باصطحابه إلى برية شيهيت وهناك سلمه إلى أحد أباء البرية العظام وهو القديس سيرابيون تلميذ أبو مقار الكبير وظل هناك لمدة 5 سنوات
سيامته قسا :-
لما لمس البابا ثيوفيلس الفضيلة العالية في القديس كيرلس قام باستدعائه من الدير وسيامته شماسا ثم قسا لمساعدته في أمور الخدمة
اختياره بطريركا :-
بعد نياحة البابا ثيوفيلس في يوم 15 أكتوبر 412 ؛اجمع الشعب علي اختيار القديس كيرلس خلفا له وتم تنصيبه بطريركا في 17 أكتوبر 412
أعماله الأولى في البطريركية :-
1-قام بكتابه ردود قوية علي كتابات الإمبراطور يوليوناوس الجاحد في ثلاثة كتب
2-أمر بطرد جميع النوفاتيين من مدينة الإسكندرية
3-أمر بطرد جميع اليهود من مدينة الإسكندرية صونا للسلام في المدينة
4-قام بحل الحرم الذي وقعه خاله البابا ثيوفيلس علي القديس يوحنا ذهبي الفم واعادته مرة أخري إلى شركة الكنيسة
ظهور نسطور ونشر بدعته :-
+ واخيرا ظهر نسطور وهو أصلا من خريجي مدرسة إنطاكية اللاهوتية "وهي نفس المدرسة التي تخرج منها اريوس ومقدونيوس وعدد كبير من الهراطقة " ونادي نسطور ببدعة غريبة وهي أن للسيد المسيح اقنومين و شخصين وطبيعيتين طبيعة لاهوتية وطبيعة بشرية ولذلك لا ينبغي أن نلقب السيدة العذراء بوالدة الإله Theotokos ؛ وانما الأصح أن نلقبها بوالدة المسيح Christokos كما عاب علي المجوس سجودهم للطفل يسوع واستقطع المقطع الأخير من الثلاثة تقديسات ؛ ولقد رفض مؤمنو القسطنطينية تعاليم نسطور وحضر أيضا بعض الرهبان ومثلوا أمامه أوضحوا له خطأ تعاليمه وانحرافه عن الإيمان السليم فثار عليهم وامر بحبسهم في الكنيسة كما أمر خدامه بضربهم و أهانتهم
+في عام 429 أرسل البابا كيرلس رسالة فصحية إلى جميع كنائس العالم بمناسبة عيد القيامة قام فيها بالرد علي نسطور بدون ذكر اسمه وفي عظة عيد القيامة قال أثناء العظة (أن مريم لم تلد أنسانا عاديا بل ابن الله المتجسد لذلك فهي بحق أم الله) كما أرسل بعض رسائل ودية عن طريق بعض الاخوة إلى نسطور وحدثت بينهما مراسلات طويلة نذكر منها قول نسطور في أحد هذه الرسائل (أنا لا أستطيع أن اعبد آلها مات ودفن ) وكان مما قاله نسطور أيضا (هل سمعتم عن اله يجوع ويعطش ويتألم) وقال أيضا (هل سمعتم عن اله عمرة شهران ) فكان رد كيرلس عليه(أن الجسم هو العنصر الوحيد الذي يدركه الموت ومع ذلك نقول أن الإنسان يموت مع أن النفس لا تموت وبالمثل بالنسبة للمسيح ؛فاللاهوت ذاته لا يموت ولكن المسيح تألم ومات) وهنا يطرح كيرلس عبارته الشهيرة التي أصبحت شعارا ورمزا للكل الكنائس المسيحية في العالم كله وهي (طبيعة واحدة للكلمة المتجسد) وشبه القديس كيرلس هذا الاتحاد بـــ :_
1-مثل الروح والجسد 2 -مثل عليقة موسى المشتعلة بالنار
3 –جمرة النبي اشعياء 4-مثل النار والحديد
5-تابوت العهد 6-مثل الماء والنار
+قام البابا كيرلس بعقد مجمع مكاني في مدينة الإسكندرية عرض فيها لمشكلة نسطور وردوده عليها فوافق عليها الجميع
+وفي نفس القترة عقد أسقف روما مجمعا مكانيا أخر في مدينة روما أعلن فيها تأييده للبابا كيرلس وأرسل له رسالة قال فيها (انت اعظم المدافعين عن الإيمان الأرثوذكسي لقد كشفت لنا عن دقائق هذا المبتدع أوضحت لنا الإيمان المستقيم)
+قام البابا كيرلس بعد انتهاء المجمع بوضع 12 بندا شرح فيها العقيدة الأرثوذكسية وحكم بحرم كل من لا يؤمن بها وهي المعروفة في تاريخ الكنيسة بحرومات القديس كيرلس The Anathema’s Of S T Cyril وبعث بها إلى نسطور فرفض نسطور التوقيع عليها وقام بكتابة ردود عليها وساعده في ذلك بعض أساقفة إنطاكية من معتنقي بدعته
+كانت النتيجة أن انقسمت الكنيسة إلى قسمين :- قسم بجانب القديس كيرلس ويشمل كنائس "روما- أورشليم – أسيا الصغرى" وقسم بجانب نسطور ويشمل كنائس "القسطنطينية - إنطاكية " فشعر الجميع بالخطر من هذا الانقسام مما دعا البابا كيرلس إلى مخاطبة الإمبراطور ثيئودوسيوس الصغير داعيا إياه إلى عقد مجمع مسكوني للنظر في أمر هذه البدعة . وبالفعل أرسل الإمبراطور دعوات إلى جميع أساقفة المسكونة لحضور مجمع مسكوني وكان هذا هو :-
المجمع المسكوني الثالث :- افسس 431
+بعث الإمبراطور برسالة إلي جميع أساقفة العالم يحدد فيها موعد جلسات المجمع في 7 يونية 431 . وحضر في الموعد المحدد 200 أسقف من جميع إنحاء العالم علي رأسهم البابا كيرلس ومعه وفد مكون من 50 شخص كان من بينهم الأنبا شنودة رئيس المتوحدين والأنبا بقطر رئيس الأديرة الباخومية كما حضر نسطور ومعه وفد مكون من 40 شخصا
+ظل أعضاء المجمع منتظرين حضور وفد كنيسة إنطاكية ووفد كنيسة روما دون جدوي ولكن يوحنا بعث برسالة إلى أعضاء المجمع يعتذر فيها عن الحضور لظروف الطريق ويأذن لهم بالبدء في الجلسات إلى حين وصوله
+اضطر البابا كيرلس إلى إعلان بدء افتتاح المجمع رسميا في 22 يونية 431 (أي بعد 16 يوما من موعد الافتتاح الرسمي ) وذلك لانه جاءه خطاب أن لا يعطل افتتاح المجمع اكثر من ذلك
+دعي أعضاء المجمع نسطور إلى النزول وانتدبوا ثلاثة أساقفة لاقناعه بالحضور ولكنه اشترط حضور أسقف إنطاكية أولا مما اضطر البابا كيرلس إلى إعلان افتتاح المجمع وانتهي المجمع إلى قرار بحرم نسطور وتجريده من اسقفيته ووضع مقدمة قانون الإيمان (نعظمك يا أم النور الحقيقيي ..... الخ ) .
ملحوظة هامة :-
ظهرت بعض الدراسات الحديثة التي تقول أن مقدمة قانون الإيمان "نعظمك يا ام النور الحقيقي" لم تكن ضمن قرارات مجمع أفسس ؛حيث انها غير مدرجة ضمن وثائق مجمع أفسس ؛كما أنها غير موجودة في قانون الإيمان عند بقية الكنائس التقليدية بجميع عائلاتها . وأنما هي أصلا قطعة ليتورجية قبطية غير موجودة في أي تراث كنسي آخر لأي كنيسة . وقد أدخلته الكنيسة القبطية ضمن مقدمة قانون الإيمان . وللسادة الباحثين والدارسين في تاريخ المجامع البت في صحة هذه الدراسات من عدمه .
+أخيرا وفي يوم 27 يونية 431 وصل يوحنا الانطاكي والوفد المرافق له ولما قرأ قرارات المجمع غضب جدا ورفض الاعتراف بها فأسرع وعقد هو وواساقفته مجمع أخر حكم بإدانة كيرلس وتبرئة نسطور ولأن مندوب الإمبراطور كان نسطوريا فقد تواطأ مع يوحنا أسقف إنطاكية أرسل قرارات يوحنا إلى الإمبراطور دون قرارات كيرلس
+قام مندوب الإمبراطور بفرض حصار شديد علي أعضاء المجمع حتى لا يتصل بقية أعضاء المجمع بالإمبراطور وابلاغه بالقرارات الصحيحة .فقام الأباء بإحضار شخص والبسوه ملابس شحاذ وامسكوه في يده عصا مفرغة من الداخل بها قرارات المجمع الصحيحة وبذلك افلت من الحصار ووصل إلى الإمبراطور
+استمر نسطور واتباعه في خداع الإمبراطور وإيهامه أن القرارات الأولى هي القرارات الصحيحة فطلب الإمبراطور باستدعاء ثمانية من أعضاء الفريقين واجتمع الجميع في مدينة خلقدونية وبعد مباحثات طويلة اقتنع الإمبراطور بصحة قرارات كيرلس فأمر بتبرئته وإدانة نسطور
+استمر الخلاف والمراسلات بين البابا كيرلس ويوحنا أسقف إنطاكية حتى تم الاتفاق بينهما في عام 433 "أي بعد ستنين من مجمع افسس" .
أيامه الأخيرة ونياحته :-
وقضي القديس كيرلس أيامه الأخيرة في الكتابة والتأليف وتعليم الشعب حتى تنيح بسلام في 3 أبيب 160 للشهداء الموافق 10 يوليو 444 م عن عمر يناهز حوالي 69 عاما قضي منها حوالي 32 عاما بطريركا ومازالت رفاته محفوظة في الكنيسة المرقسية الكبرى بالإسكندرية ؛ صلاته فلتكن معنا أمين .
كتابات القديس كيرلس الكبير :-
+ في مجال تفسير الكتاب المقدس ترك لنا القديس كيرلس 17 كتابا في تفسير الخمسة الأسفار من التوراة ؛وتفاسير مختلفة لسفر أشعياء والأنبياء الأثني عشر ؛ وفي العهد الجديد قام بتفسير أنجيل يوحنا .
+ في مجال اللاهوت والعقيدة له مجلد ضخم بعنوان "كنز الثالوث الأقدس الواحد الجوهر ؛وحوار حول الثالوث
( صدرت له ترجمة عربية عن مركز دراسات الآباء ؛قام بالترجمة عن اليونانية الدكتور جوزيف موريس فلتس ؛ وقام بمراجعة الترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد ) . وله مجموعة كتابات للرد علي النسطورية جمبعها صدرت خلال الفترة من ( 428- 432 م ) ؛منها رسالة موجهة للأمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني ؛والحرومات الأثني عشر ضد نسطور (صدرت خلال عام 430 م ) .
+ في مجال اللاهوت الدفاعي ؛ صدر له كتاب "ضد يوليانوس الجاحد " وهو رد علي كل التهم التي وجهها الأمبراطور يوليانوس ضد الإيمان المسيحي ( صدرت له ترجمة عربية عن منشورات المكتبة البولسية ؛وقام بالترجمة الأب يوحنا الفاخوري ) .
+ الرسائل الفصحية :- وصل إلينا منها 29 رسالة .
( للإطلاع علي قائمة الأعمال الكاملة للقديس كيرلس الكبير ، يمكن الرجوع إلي :-
1-جوهانس كواستن :-علم الآبائيات "باترولوجي " ، المجلد الثالث ، الصفحات من ( 160- 174 ) .
2-كيرلس سليم بسترس :- تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة ، الصفحات من ( 633- 636 ) .
3-أحد آباء برية القديس مقاريوس :- دراسات في آباء الكنيسة ، الصفحات من ( 491- 497 ) .
والجدير بالذكر أنه توجد في الفترة الأخيرة حركة ترجمة نشطة لكثير من كتابات القديس كيرلس الكبير أذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه ؛ وفي حدود المساحة المتاحة من المقالة :
1- ضد الذين يتصورون ان الله له هيئة بشرية ؛ وقام بالترجمة جورج عوض إبراهيم ؛مؤسسة القديس انطونيوس .
2- كتاب الكهنوت بحسب تعليم القديس كيرلس عمود الدين ؛ترجمة جورج عوض إبراهيم ؛مؤسسة القديس انطونيوس .
3- كتاب تعليقات لامعة علي سفر التكوين (جلافيرا) ؛ترجمة جورج عوض إبراهيم ؛ مراجعة د .نصحي عبد الشهيد .
4- كتاب تجسد كلمة الله ؛ترجمة ريمون يوسف رزق ( القس لوقا يوسف حاليا ) .
5- تفسير انجبل لوقا للقديس كيرلس الأسكندري ؛ ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد .
نماذج من فكره وكتاباته :-
1- الابن الوحيد الجنس ، وهو الله بالطبيعة ، حمل الجسد من القديسة العذراء مريم ، وكانه مؤلف من أثنين : أعني من الطبيعة التي من عل ، ومن الناسوت بصورة لا يعبر عنها ، ولا يمكن إدراكها ( نيافة الأنبا غريغوريوس :- اللاهوت العقيدي " سري التجسد والفداء " ، صفحة 33 ) .
2- الكلمة صار بشرا كما يقول يوحنا اللاهوتي ، لقد أتحدت الطبيعة الإلهية المحيية بالطبيعة البشرية اتحادا لا يفسر ولا يفقه . ونحن نفهم من ذلك أن عمانوئيل واحدا ظهر من الطبيعتين بدون أن يخرج من حدود ألوهته بسبب الجسد الذي اتخذه ( كيرلس سليم بسترس :- تاريخ الفكر المسيحي عند الآباء ، مرجع شبق ذكره ، صفحة 636 ) .
3-في لقب والدة الإله :- " ليس الإنسان الذي ولدته مريم إنسانا عاديا ، إنه ابن الله المتأنس ، فهي إذن أم الرب ووالدة الإله ( كيرلس سليم بسترس :- تاريخ الفكر المسيحي ، صفحة 632 ) .
4-هل تدعي مريم ثيوتوكس ؟ لا شك في ذلك وقد حبلت بالله الكلمة المتانس وولدته . هذا الأسم معروف وقد ورد عند جميع الآباء الأرثوذكسيين في الشرق والغرب ( كيرلس سليم بسترس ، صفحة 632 ) .
5- في الرد علي يوليانوس الجاحد يقول " بالبحث الدقيق الذي أوليناه من العناية الشيء الكثير ، متتبعين آثار هؤلاء المفكرين أبرزنا بوضوح فكر كل واحد منهم ، فقد استطاع قراءنا أن يقفوا علي أن الكثيرين من حكماء اليونان ضلوا الطريق لأنهم لم يعتمدوا إلا علي تفكيرهم الخاص ، فتضاربت آرائهم وتناقضت نظرياتهم ، ولكن بعضهم الآخر أتيح لهم الإطلاع علي كتب موسي ، لأن رغبتهم في المعرفة قادتهم إلي مصر ، هءلاء استقامت آراهم بعض الاستقامة ، و اقتربوا من الحقيقة ،ولكن لم يسلم تفكير عقولهم من الشوائب ، وهكذا فالعقائد المسيحية تنعم بالأسبقية ، وهي حافة بالحقيقة ، وقد أيدتها نخبة العقول البارزة ، وهي أوفي واسمي من ثرثرات اليونانيين ( الرد علي يوليانوس الجاحد :- تعريب الأب حنا الفاخوري ، سلسة النصوص الدفاعية ، منشورات المكتبة البولسية ، صفحة 67 ) .
6-في الصوم المقدس :- لا تقل ان صائم صوما طاهرا وأنت متسخ بكل الذنوب ، الصوم سلاح جبار أمام الشرير ، وترس به تقاتل به سهام العدو ( مركز البابا كيرلس عمود الدين للدراسات اللاهوتية ، 10 يونيو 2020 ) .
7- أشف أيها الرؤوم نفوسنا الشقية بمرهم أسرارك المحيية ، وطهر أجسادنا ، أغسلنا من آيامنا لنتأهل لحلول روحك القدوس في نفوسنا ، أنر عقولنا لنعاين سبحك ، نق أفكارنا . ( من أقوال القديس كيرلس الكبير ، منتديات المحبة المقدسة ، 7 نوفمبر 2009 ) .
8- يا حمل الله الذي بأوجاعك حملت الخطايا بتحننك ..... امح اثامنا يا ابن الله الذي بألامك طهرت أدناس المسكونة ..... بمراحمك طهر أدناس نفوسنا يا رب الذي بموتك قتلت الموت الذي قتل الجميع .... بقوتك أقم موت نفوسنا ( من أقوال القديس كيرلس الكبير :- منتدي المحبة ، نفس المرجع السابق ) .
9- الفكر المقبول والضبوط يرفع إلي الله لأنه كما هو مكتوب أن الله لا يرذل القلب المتضع والمنكسر ( نفس المرجع السابق ) .
10-في الصلاة :- لم يكن السيد المسيح في حاجة إلي قوة أو عون من آخر ، إنما فعل هذا لكي نتعلم نحن بمقتضي القانون أن نتخلي عن الإهمال في الصلاة ، وأنه عندما تداهمنا التجارب والاضطهادات وأخطار الأعداء ، فإن الوسيلة الفعالة لخلاصنا هي أن نصحو ونجثو علي ركبنا طالبين المعونة من فوق ( الصلاة والبنوة عند القديس كيرلس الأسكندري ، ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد ، موقع دفاعيات ) .
لمحة مختصرة عن القداس الكيرلسي المنسوب إليه
1- من حيث المبدأ صلوات كل من القداس الباسيلي والقداس الكيرلسي موجهة للله الأب بينما صلوات القداس الغريغوري موجهة لله الابن
2- من حيث المبدأ أيضا صلوات القداس الغريغوري تتم في الأعياد السيدية الكبرى وصلوات القداس الكيرلسي تتم في آحاد الصوم الكبير بينما صلوات القداس الباسيلي تتم طوال السنة نظرا لسهولة ألحانها واختصارها .
3- القداس الكيرلسي وضعه القديس مرقس الرسول بنفسه باللغة اليونانية في القرن الأول الميلادي .
4- ظل يسلم شفاها حتى قام البابا اثناسيوس الرسولي بتدوينه علي الورق وذلك عام 330
5- وفي عصر البابا كيرلس الكبير فكر في إطالة القداس المرقسى فاضاف أليه بعض الصلوات والاواشي ومنذ ذلك الحين تسمي باسمه وصار يعرف بالقداس الكيرلسي
6- ترجم القداس الكيرلسي بعد ذلك الي اللغة القبطية ثم ترجم الي اللغة العربية في القرن العاشر الميلادي .
7- يمتاز القداس الكيرلسي بكثرة اواشيه وتنوعها فهو يحتوي علي 17 اوشية بخلاف المجمع والترحيم .بينما القداس الباسيلي يحتوي علي 7 اواشي والقداس الغريغوري يحتوي علي 10 اواشي فقط .
8- يختلف ترتيب القداس الكيرلسي عن ترتيب القداس الباسيلي والغريغوري في انه يضع صلوات التقديس والرشومات في نهاية القداس بعد الاواشي والمجمع مراعاة للتدرج في مشاعر الصلاة شيئا فشيئا حتى يصل الي قمة الروحانية مع صلوات التقديس ثم التناول من الأسرار المقدسة .
9- بدأت بعض محاولات من بعض الكهنة لتطبيع القداس الكيرلسي علي القداس الباسيلي بجعل الاواشي والمجمع بعد صلوات التقديس والرشومات مع حذف الكثير من الاواشي الطويلة كالراقدين والمسافرين بحجة أنها قيلت في صلوات رفع بخور باكر وعشية
10- للأسف الشديد ضاعت معظم الحان القداس الكيرلسي لقلة استعماله ومن يصلي به اليوم فهو يصليه بلحن غير ثابت وبدون تسليم .
بعض مصادر ومراجع المقالة :-
1-قداسة البابا شنودة الثالث :- هرطقة نسطور وحرومات القديس كيرلس الكبير وقوانينه ، عظة مسجلة لقداسة البابا شنودة الثالث علي اليوتيوب .
2-القس منسي يوحنا :- تاريخ الكنيسة القبطية .
3-إيريس حبيب المصري :- قصة الكنيسة القبطية ، الجزء الأول .
4-القس حنا الخضري :- تاريخ الفكر المسيحي ، الجزء الرابع .
5-جوهانس كواستنن :- علم الآبائيات " الباترولوجي " ، العصر الذهبي للأدب الآبائي المدون باللغة اليونانية ، ترجمة الراهب غريغوريوس البرموسي ، مركز باناريون للتراث الآبائي ، 2021 .
6-كيرلس سليم بسترس وآخرون :- تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة ، منشورات المكتبة البولسية .
7-نيافة الأنبا غريغوريوس :- اللاهوت العقيدي " الجزء الثاني " سري التجسد والفداء ، المجلد رقم 7 ، جمعية الأنبا غريغوريوس .
8-بعض المواقع المتفرقة علي شبكة الأنترنت .