ماجد سوس
فستان أبيض يلامس الأرض، ابتسامة عريضة تُخفي خلفها قلبًا ينبض بلهفة الاقتران بحبيب العمر، عروسٌ تقف بجانب عريسها، ليلة العمر، لحظاتٌ تفصلها عن حلمٍ رسمته بِخيالها منذ زمن بعيد. أنه حب عمرها. انظروا ماذا حدث. اقترب منها فجأة الموت ليهمس في أذنها، فتستسلم له، تسقط بين يدي حبيبها دون وداع.
لم يدرك عريس بني مزار أنّ نانسي عروسه، ذات الخمس والعشرون ربيعا، سيفقدها إلى الأبد وبدلا من أن يدخل بها إلى عش الزوجية، ستختطف منه في لحظة وبدلا من أن يحملها لبيتها الجديد حملها لمثواها الأخير. ما أقسى هذا المشهد الحزين المروع. ما أصعب موت الفرحة قبل أن تولد، حين تتحول الأضواء فجأة إلى ظلام. حين تنتهي القصة بموت البطلة، تاركةً خلفها صدمةً لا تُوصف، ودموع حارقةً تذرف من أجفان الحبيب والقريب والصديق فتتساقط دموع الفراق على ثوب الزفاف الأبيض.
رحلت نانسي تاركةً وراءها قلوب يعتصرها الأنين والألم، عريس في انهيار غير مصدق ما حدث، عائلةً مكلومةً، أصدقاء كادوا يفقدون عقولهم وأحلامًا دُفنت معها في ذلك اليوم الأسود. قصةٌ حزينةٌ تُروى كأنها حكاية من حكايات الأساطير، عروسٌ لم تُكمل فرحتها، وحبٌّ انطفأ قبل أن يبدأ. وتبقى حكايتهما مأساةً تُمزق القلوب إلى الأبد. هذا هو الجانب المظلم من تلك المأساة.
ما وصفته لك عزيزي هي تلك الصورة الخارجية الزمنية التي نراها فنشعر أن قلوبنا تتمزق ولكن هناك صورة حقيقية لا يراها الكثيرين، فالقصة لم تنته عند الفراق والاختطاف، لا لم تنته، انظر معي ما حدث بعد، حين وضع جسد نانسي الخيمه الارضيه أمام الهيكل للصلاة عليها ووجهها ناحية الشرق كانت تنتظر عريسها القادم من المشرق ليعبر بها الي سماء جديده وارض جديده.
نعم، الفراق أمر صعب جدا، ولكن ما يحول حزننا إلى فرح، أن هذا الموت الذي يخيف الإنسان قد مات. نعم قد مات. الموت لم يعد له وجود وصرنا نطلق عليه الرقاد - النوم - والانتقال والعبور من أرض الشقاء إلى أرض الراحة وهذا هو سر المسيح يسوع الذي قدمه للبشرية، والغاية العظمى التي يقف أمامها الكثيرون غير مصدقين ولا مؤمنين بها. أيتجسد الله كيف ولماذا؟
أقول لك لماذا عزيزي، لكي يعود الإنسان إلى رتبته الأولى التي خلقه عليها الله ، لذا كان لابد أن يحدث أمران، الاول ان يستعيد الصورة الالهية التي خلق عليها الإنسان والذي فقدها بالخطية والثانية، أن يُهزم الموت وتنتهي سطوته ويفقد سلطانه. ولأن هذان الأمران صعب على أي إنسان أن يحققهما، كان لابد لله أن يجد حلاً لخلاص الإنسان.
كان الله يبحث عن إنسان ٍ لم يفعل خطية وقادر ان يخلص العالم، ليعيد الإنسان إلى صورته الاولى ، يبحث عن إنسان يخلص الإنسانية!! من الأمرين اللذين يرعبان كل الخليقة، وهما الخطية والموت.
ولما لم يجد هذا الانسان، قرر أن يخلص الإنسان بنفسه وأن يرسل كلمته ليتأنس ويظهر في جسد إنساني حقيقي، فالله الذي ظهر في شجرة وجبل وصخرة لموسى بالطبع يستطيع أن يظهر في جسد بشريتنا.
ولأنه الإله كان لابد أن يأتي بدون زرع بشر أي بدون حيوان منوي حتى لا يأخذ من آدم طبيعة الخطية، متجسداً في بطن عذراء ويخرج انساناً كاملا إلها كاملا متحدان في شخص الرب يسوع المسيح ، فغير الزمني دخل في الزمن وصار زمنياً لأجلنا.
وعاش الرب بيننا وهو يلبس جسدنا، يجول يصنع خيرا، يقيم موتى، يشفي مرضى، والاهم يغفر الخطايا ويفتح ملكوته ليستقبل المسافرين من ارض الشقاء إلى ارض البقاء الأبدي .
وحين أتت ساعة خلاص البشرية، اختار طريق الصليب ليسحق به الشيطان ويصرع به الموت وينتصر عليه وفي ذات الوقت يخلص الإنسان من خطيته ويرده إلى رتبته الأولى.
هذا ما حدث بعد الفستان الذي تحول الي كفن في الحقيقه كان كفنا للطبيعه الفاسده ولكن كان الطريق للابديه في سماء جديده وارض جديده اعدها الله لنا عن طريق الصليب ، ويصير كل من يمسك في الصليب يمسك في الحياة لأن الذي صلب عليه هو رئيس الحياة فلم يقدر عليه الموت ولا على من يمسك فيه.
يا أحبائي يسوع المسيح كلمة الله الذي عبر بجسده وروحه القدوس بنا وفي جسدنا من الموت إلى الحياة قد أسس بنفسه طريق العبور هذا ولم يعد للموت سلطاناً علينا أنه مجرد معبر أو نفق قصير يدخلنا إلى حياة أبدية مفرحة لا تنتهي. لأن إلهنا المتجسد صار باكورة لنا وقام من بين الأموات وبموته داس الموت وقتله.
بالحقيقة قد قام، نعم يا عزيزي قام حقا، ولزم علينا أن نهتف هذا الهتاف يوم انتقال أحبائنا، خريستوس آنيستي، حبيبتنا قد نامت مؤقتاً وانطلقت روحها حيث فردوس الفرح والنعيم حيث لا ألم، ولا تعب ولا مرض ولا حزن ولا ظلم ولا آنين.
إن آمنت أنه قام، حتما ستقوم،