حمدى رزق

أترك المساحة للأستاذ الدكتور «محمود كبيش»، أستاذ القانون الجنائى، عميد كلية حقوق القاهرة (سابقًا)، ليضعنا فى صلب عنوان المقال «مجرد تشابه أسماء» ويمس قضية خطيرة فقط لتشابه الأسماء.

 

يقول الدكتور كبيش، هذه مشكلة قديمة/ حديثة، ومع ذلك لم يتم التفكير فى إيجاد حلول جذرية لها، رغم تداعياتها الخطيرة سواء على الحريات الشخصية أو على منظومة العدالة ذاتها أو على السياحة والاستثمار عامة.

 

ورغم بساطة الحلول فى ظل الاتجاه الحثيث من الدولة إلى استخدام المنظومة الرقمية فى كافة إداراتها، سيما إدارة العدالة.

 

وأبرز تداعياتها فقدان الشعور بالأمن لدى المواطن، رغم يقينه أنه لم يرتكب جرما أو مخالفة لقانون، إذ إنه ببساطة شديدة يمكن استيقافه فى أحد أكمنة الشرطة أو فى أحد منافذ الدولة أثناء قدومه أو مغادرته لمجرد أن اسمه متشابه مع اسم شخص محكوم عليه فى جريمة جنائية أو متهرب من الضرائب.

 

وقد يتعرض الشخص إلى الاحتجاز لفترة تطول أو تقصر إلى أن يتبيَّن حقيقة أمره، وهو ما يعنى خضوعه لمساس بحريته وإهدار لحقوقه رغم أنه برئ وهو ما يخالف المبادئ الدستورية المستقرة.. بل إن من يتم احتجازه قد يُضطر إلى اتخاذ إجراءات قانونية لإثبات براءته، وحتى لو ثبتت هذه البراءة، لأنه ليس هو المعنى، ستظل لديه معلومة جنائية فى مصلحة الأمن العام بأنه كان يوما ما متهما فى قضية.

 

المحزن، قد تكون جريمة مخلة بالشرف والاعتبار، وهذا الاتهام سيظل يلاحقه هو وأبناءه مدى الحياة حين يتقدمون لشغل وظيفة عامة أو للالتحاق ببعض الكليات أو لشغل منصب عام، فضلا عما يتحمله الشخص البرىء الذى يقع تحت طائلة تشابه الأسماء من مصاريف الاستعانة بمحامين، وضياع وقته فى أمر لا ناقة له فيه ولا جمل، بل إن تشابه الأسماء قد يؤدى إلى إفلات (المجرم الحقيقى) من العقاب بما ينطوى عليه من إهدار للعدالة.

 

والسؤال الذى يطرح نفسه: هل من حلول جذرية أو ممكنة لهذه الظاهرة؟

الإجابة قطعا بـ (نعم): المسألة محتاجة تعاون بين ثلاث جهات (الشرطة والنيابة العامة والمحاكم)، فالشرطة عند تلقيها البلاغات، يجب أن تحرص على قيد البلاغ بالاسم والرقم القومى، فإن لم يتمكن المبلغ من تقديم الرقم القومى، تكون جهة الشرطة (من خلال التحرى والمنظومة الإلكترونية المتوفرة حاليا) ملزمة بأن تحصل على الرقم القومى الخاص بالمبلغ ضده، ومن السهل الحصول عليه إلكترونيا، على أن يتم التأكد من أنه رقم المبلغ ضده، وليس رقم شخص آخر تشابه اسمه معه، وذلك من خلال المعلومات التى يقدمها المبلغ عن وظيفة الشخص المبلغ ضده وعنوانه... إلخ، وبحيث لا يُعرض المحضر على النيابة العامة إلا بعد استيفائه بإرفاق الرقم القومى للمبلغ ضده.

 

فإذا عُرض المحضر على النيابة العامة دون إرفاق الرقم القومى، تحرص النيابة العامة على طلب تحريات الشرطة واستيفاء المعلومات بإرفاق الرقم القومى، وعلى النيابة العامة ألا تصدر أمرا ضد شخص أو أن تحيله للمحاكمة دون أن يكون مرفقا باسمه رقمه القومى.

 

وطالما أن الأوراق الخاصة بأى قضية تتضمن الرقم القومى على النحو السابق، فإنه يجب أن يشتمل الحكم ليس فقط على اسم المحكوم عليه، وإنما كذلك على رقمه القومى.

 

ثم يأتى دور النيابة عند تنفيذ الحكم بأن ترفق بملف التنفيذ اسم المحكوم عليه ورقمه القومى، ويأتى دور شرطة التنفيذ بعد ذلك بعدم إدراج المنفذ ضده فى منظومة التنفيذ إلا إذا كان اسمه مقترنا بالرقم القومى، وبحيث لا يجوز مطلقا الإدراج على ملفات التنفيذ إلا إذا كان اسم المنفذ ضده مقترنا برقمه القومى.

 

 

إذ يستحيل مع كل ذلك أن يحدث خلط بين الأشخاص حتى لو تشابهت أسماؤهم الرباعية فالأرقام القومية لا تتشابه. والخلاصة أن الحلول سهلة، ولكن تحتاج إلى نوايا مخلصة وإيمان كامل بأهمية احترام حقوق الأبرياء وحرياتهم وضمان تحقيق عدالة حقيقية وليست شكلية.

نقلا عن المصرى اليوم