أيمن زكى

وفي مثل هذا اليوم استشهد القديس مار أغناطيوس الثيؤفورس الانطاكى (القديس أغناطيوس المتوشح بالله | النوراني) في رومية سنة 107 وُلد إغناتيوس (إجناتيوس، إجناطيوس) حوالي عام 30 م.، قيل أنه نشأ في سوريا. يرى البعض أنه الطفل الذي حمله السيد المسيح مقدمًا إياه مثلًا للتواضع (مت 18: 2-4).

إذ رأى الرسل فيه غيرته المتقدة رسموه أسقفًا على إنطاكية، وقد اختلف البعض في شخصية من سامه، فيرى البعض أن الرسول بطرس سام أفوديوس على اليهود المتنصرين والرسول بولس سام أغناطيوس على الأمم المتنصرين... وأنه لما تنيح الأول تسلم أغناطيوس رعاية الكنيسة بشطريها. على أي الأحوال اتسم بغيرته على خلاص النفوس فكسب الكثير من الأمم للسيد المسيح.

و اتسم بحبه الشديد لشعبه كما يظهر من حديثه مع مستقبليه في أزمير أثناء رحلته إلى روما للاستشهاد، إذ كان يذكر أمام مستقبليه شعبه ويطلب إليهم الصلاة من أجلهم.

و قيل إنه رأي في رؤيا الملائكة تسبح ممجدة الثالوث القدوس، فنقل النظام الذي لاحظه إلى الكنيسة الإنطاكية، حيث انتشر بعد ذلك بين بقية الكنائس.

وحدث إذ سمع عنه تراجان من جهة غيرته على انتشار المسيحية استدعاه، ودخل معه في حوار من جهة "يسوع المصلوب"، استحضره وسأله: "هل أنت أغناطيوس الثيئوفورس؟ " فأجابه معناه: "حامل الله " فقال له: "أتظن أننا لا نحمل آلهتنا لتنصرنا في الحروب؟ " فأجابه " كيف تكون التماثيل آلهة؟ اعلم أنه لا اله إلا الله وحده الذي خلق السماء والأرض وابنه يسوع المسيح الذي تجسد ليخلص البشر فلو كنت تؤمن به لكنت في هذا الملك سعيدا". 

انتهى بإصداره الأمر بأن يقيد أغناطيوس القائل عن نفسه أنه حامل في قلبه المصلوب، ويُقاد إلى روما العظمى، ليقدم هناك طعامًا للوحوش الضارية، إرضاءً للشعب.

و إذ سمع الأسقف بذلك ابتهج جدًا، إذ جاءت الساعة التي طالما ترقبها، وحسب هذا الأمر الإمبراطوري أعظم هدية قدمت إليه، إذ جثا وصرخ مبتهجًا: "أشكرك أيها السيد الرب، لأنك وهبتني أن تشرفني بالحب الكامل نحوك، وسمحت لي أن أُقيد بسلاسل حديدية كرسولك بولس". ولما صلى هكذا قبّل القيود، متضرعًا إلى الله أن يحفظ الكنيسة، هذه التي ائتمنه الرب عليها ليخدمها حوالي 40 عامًا.

وخرج القديس في حراسة مشددة من عشرة جنود، وقد صاحبه اثنان من كنيسته هما فيلون وأغاتوبوس.

إذ رأى الجند حب الشعب له والتفافهم حوله عند رحيله تعمدوا الإساءة إليه ومعاملته بكل عنف وقسوة، حتى دعاهم بالفهود بالرغم من لطفه معهم، وما دفعه الشعب لهم كي يترفقوا بأسقفهم. وصلوا إلى سميرنا حيث استقبله القديس بوليكربس أسقفها كما جاءت وفود كثيرة من كنائس أفسس وتراليا وماغنيزيا، فاستغل الفرصة وكتب رسائل لهذه الكنائس كما كتب رسالة بعثها إلى روما إذ سمع أن بعض المؤمنين يبذلون كل الجهد لينقذوه من الاستشهاد، جاء فيها: 

[أخشى من محبتكم أن تسببوا لي ضررًا...صلوا ألا يوهب لي إحسان أعظم من أن أقدم لله مادام المذبح لا يزال مُعدًا...

أطلب إليكم ألا تظهروا لي عطفًا في غير أوانه، بل اسمحوا لي أن أكون طعامًا للوحوش الضارية، التي بواسطتها يوهب لي البلوغ إلى الله. إنني خبز الله. اتركوني أُطحن بأنياب الوحوش لتصير قبرًا لي. ولا تترك شيئًا من جسدي، حتى إذا ما متّ لا أُتعب أحدًا، فعندما لا يعد العالم يرى جسدي أكون بالحق تلميذًا للمسيح].

  من ترواس أبحر إلى نيوبوليس، ثم فيلبي،...وأخيرًا إلى منطقة بروتس حيث التقى بالإخوة الذين امتزج فرحهم برؤيته بحزنهم لانتقاله. قابلهم بكل محبة سائلًا إياهم أن يظهروا المحبة الحقيقية ويتشجعوا.

جثا على ركبتيه وصلى لكي يوقف الله موجة الاضطهاد عن الكنيسة، وأن يزيد محبة الإخوة لبعضهم البعض.

أخيرًا أسرع به الجند إلى الساحة، وأطلقت الوحوش ليستقبلها بوجه باش، فوثب عليه أسدان ولم يبقيا منه إلا القليل من العظام. و جمع المؤمنون ذخائره وأرسلوها إلى كنيسته بإنطاكية.

بركه صلاته تكون معنا كلنا امين...

 

و لالهنا المجد دائما ابديا امين...