د.ممدوح حليم
نعمي تخطط لزواج راعوث من بوعز
تطلعت نعمي بشغف لزواج راعوث من بوعز الثري المحترم. وبدأت تخطط لذلك، والمرأة الشرقية بارعة في هذا الشأن.
لقد طلبت منها طلبا غريباً ، وطبقا لمعايير ثقافة عالم اليوم ، يبدو الأمر معيبا. دعنا نقرأ ما جاء في الكتاب المقدس في هذا الشأن:
" ١ وقالت لها نعمي حماتها: «يابنتي ألا ألتمس لك راحة ليكون لك خير؟ ٢ فالآن أليس بوعز ذا قرابة لنا، الذي كنت مع فتياته؟ ها هو يذري بيدر الشعير الليلة. ٣ فاغتسلي وتدهني والبسي ثيابك وانزلي إلى البيدر، ولكن لا تعرفي عند الرجل حتى يفرغ من الأكل والشرب. ٤ ومتى اضطجع فاعلمي المكان الذي يضطجع فيه، وادخلي واكشفي ناحية رجليه واضطجعي،
وهو يخبرك بما تعملين». ٥ فقالت لها: «كل ما قلت أصنع». ٦ فنزلت إلى البيدر وعملت حسب كل ما أمرتها به حماتها. ٧ فأكل بوعز وشرب وطاب قلبه ودخل ليضطجع في طرف العرمة. فدخلت سرا وكشفت ناحية رجليه واضطجعت. ٨ وكان عند انتصاف الليل أن الرجل اضطرب، والتفت وإذا بامرأة مضطجعة عند رجليه. ٩ فقال: «من أنت؟» فقالت: «أنا راعوث أمتك. فابسط ذيل ثوبك على أمتك
لأنك ولي». ١٠ فقال: «إنك مباركة من الرب يابنتي لأنك قد أحسنت معروفك في الأخير أكثر من الأول، إذ لم تسعي وراء الشبان، فقراء كانوا أو أغنياء.
١١والآن يابنتي لا تخافي. كل ما تقولين أفعل لك، لأن جميع أبواب شعبي تعلم أنك امرأة فاضلة. ١٢ والآن صحيح أني ولي، ولكن يوجد ولي أقرب مني. ١٣ بيتي الليلة، ويكون في الصباح أنه إن قضى لك حق الولي فحسنا. ليقض. وإن لم يشأ أن يقضي لك حق الولي، فأنا أقضي لك. حي هو الرب. اضطجعي إلى الصباح». ١٤ فاضطجعت عند رجليه إلى الصباح. ثم قامت قبل أن يقدر الواحد على معرفة صاحبه. وقال: «لا يعلم أن المرأة جاءت إلى البيدر». (راعوث ٣: ١-١٤)
دافع مفسرو الكتاب المقدس وهم من الأجانب وعنهم ينقل المصريون عن راعوث باعتبار أن هذه هي الطريقة التي تعبر بها عن رغبتها في الزواج من بوعز طبقا للثقافة اليهودية آنذاك.وقد فعلت ذلك بناءً على طلب من حماتها وهي سيدة كبيرة وليس من المفترض أن تعرضها للخطر. ولعل اخلاق بوعز العالية شجعتها على ذلك. لقد وضعت نفسها عند قدميه تعبيرا عن لجوئها إليه طلبا للرعاية والحماية ، وغيرها من المبررات.
لكن في الاتجاه المعاكس يرى البعض أن شغف نعمي الشديد بزواج راعوث ( التي لا تعرف التقاليد اليهودية) من بوعز جعلها تتجاوز الأصول ، وهو الأمر الذي فهمه بوعز جيدا ، إذ يجب عرض الأمر على الولي الأول أولا ، وفي حالة رفضه يؤول الأمر إلى الولي الثاني وهو بوعز. وهو الأمر الذي شرع فيه بوعز في اليوم التالي. ولو أن الأمر كان مستساغا من المجتمع آنذاك ما فعلت لما طلب منها الانصراف قبل طلوع الفجر حتى لا يراها الناس.
بوعز رجل محترم ورزين ومؤدب، لذا مر الموقف على خير. أما نعمي فكانت تمتلكها رغبة جامحة في زواج راعوث من بوعز. وهو الأمر الذي تحقق وسنراه في الحلقة القادمة.