حمدى رزق
فى حوار فضائى أخير مع الكاتب الوطنى «أحمد الجمال» (برنامج نظرة/ صدى البلد)، توقفنا عند «نخر السّوس»، وعند السّوس اللى بينخر فى عضم البلد، ويُعجزنا عن إدراك ما يجرى، ويُلفتنا عن قضية وطن يستحق الحياة.
وتأسيسا لغويا، نخر السوس الخشب، فتّته، ثقَبه، أتلفه، وتَسَوَّسَ الخَشَبُ بمعنى اِنْتِشَارُ السُّوسِ فِى ثَنَايَاهُ، حديث «الجمال» عن السوس اللى بينخر فى عضم البلد، يستأهل وقفة من الحادبين على سلامة هذا الوطن، حذار إذا نخر السوس يخلخل البنيان.
تخيل الوطن فى مفرق وجودى، والاشتغالات تدير الرؤوس عن الهم الرئيسى، الأزمة الاقتصادية تمسك بخناق الوطن، والجوار الحدودى مشتعل جنوبا وشرقا وغربا وفى المتوسط، والمنطقة على كف عفريت بمنخار فظيع ينفث حمما مشتعلة، شره مستطيرا.
تخيل الفضاء الوطنى فى شغل عن هذا الذى هو مصيرى، فضاء مغاير، فضاء فارغ تماما من الهم الوطنى العام، الشارع منشغل بحكى بغيض، زيجات وطلاقات، وصفعات، وهلم جرا من قضايا عبثية لا ترقى لمستوى الهم العام.
صرنا أسرى ترندات مصنوعة فى أقبية مسحورة، للفت الانتباه الوطنى عما هو مستوجب، وأولى بالتركيز والاحتشاد من حول القيادة السياسية فى معركة وجودية مصيرية.
مَن ذا الذى يستحضر العفاريت التى تسكن الفضاء الإلكترونى، مَن يشغلنا عن مستقبلنا، من يحرفنا عن جادة الطريق، من يمسك بناصية الفضاء الإلكترونى فيذهب بنا إلى طريق الندامة.. وسكة السلامة تنادينا، محددة الاتجاهات.
ومصر تخوض غمار أزمتها الاقتصادية وتجرى مفاوضات ماراثونية شاقة مع صندوق النقد الدولى، تخيل أم المعارك الإلكترونية، تقصد أنها «الناموسة» التى لسعت «محمد رمضان»، هل هذه قضايا تستنفد «الوقود الحيوى» لهذا الوطن؟!.
هل مثل هذه الهوامش (قصة شيرين وحسام) تصرفنا عن المتون الوطنية، هل هذه قضايا ننفق فيها كل هذا الوقت والجهد، وتشغل ليلنا ونهارنا حتى عن مجريات «الحوار الوطنى» الذى يشكل خارطة طريق للمستقبل؟!.
بلغ بنا الحال أن ننتحر اختلافًا على ضربة جزاء «حسين الشحات»، وجنود مصر زنهار يحرسون الحدود فى درجات حرارة يذوب من قيظها عين القطر (النحاس)، ومثلهم شباب زى الورد يصلون الليل بالنهار لإنجاز المشروعات الكبرى، وفى المصانع والمزارع، وفوق قمم الجبال، وأطباء فى غرف العمليات، وعلماء فى المختبرات، والفضائيون فاضيين للسقطة واللقطة.. ويتبعهم الغاوون!.
ومنين نجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه، ما هذا السخام الذى نتترى فيه، معارك عبثية، وترندات وهمية، ولت وعجن، وكلام ماسخ، أجندة الوطن مش ع البال، الناس فى حتة تانية خالص، الترند جنِّن البلد، الناس تنام وتصحى على أخبار الفيس المفسفسة، وفيديوهات يوتيوب المفستكة.
فى مثل هذه الأجواء المشحونة سياسيا وعلى مستويات دولية، والقيادة تخوض واحدة من أخطر معارك الوطن يصرفون الانتباه إلى تفاهات، وينظرون، ويحتربون، ويتحزبون، للأسف تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
لا أزعم عقلًا، ولا أدّعى حكمة، ولكن عقلى شَتّ، جَنّ، ترتيب الأولويات مستوجب، والصغائر لا تُلهينا عن المعارك، لا نملك رفاهية الاحتراب على ضربة جزاء حمراء أو بيضاء، وليس من أولويات المرحلة صلح شيرين وحسام، أستاذنا «الجمال» يستصرخكم: حذارِ من السوس اللى بينخر فى عضم البلد!.
تقلا عن المصرى اليوم