الأب رفيق جريش
السبت الماضى تعرض الرئيس السابق للولايات المتحدة لمحاولة اغتيال، وقد نجى منها بأعجوبة، وذلك ليعيد إلى ذاكرتنا الاغتيالات أو محاولات الاغتيالات المتعددة التى جرت فى السابق لرؤساء الولايات المتحدة وكبار الشخصيات مما يجعلهم مستهدفين طوال الوقت وفى أى لحظة، فقبله اغتيل إبراهام لينكولن ١٨٦٥ ليكون أول رئيس يغتال مرورا بفرانكلين روزفلت ١٩٣٣، لكنها لم تنجح ومرورا أيضا بجون كنيدى ١٩٦٣ الذى لقى حتفه فى الحال، وهى أشهر حادثة اغتيال، إذ قتل القاتل ليدفن سر الاغتيال إلى يومنا هذا، فمحاولة اغتيال رونالد ريجان ١٩٨١ بعد ٦٩ يوما من حلف اليمين وغيرها.
شاهدنا أيضا أن الإجراءات الأمنية الضعيفة كان بها كثير من الفجوات استطاع كثير مِمَنَ حضروا لتعضيد ترامب فى الانتخابات الإبلاغ عنها للشرطة، لكن لا أحد تحرك له ساكن، بل تجاهلوا تحذيرات الشهود الذين رأوا القاتل يستعد، وهو حاملا البندقية، والذى وصل إلى سطح مخزن على بعد مائة متر فقط من منصة ترامب إلى أن وقعت الواقعة، وسيحقق الكونجرس مع المسؤولين الأمنيين، والعالم كله ينتظر إجابات، فبرغم أن الصورة التى وصلتنا عن المهاجم على الرئيس السابق ترامب أنه شاب (٢٠ سنة) ووصف بأنه مضطرب نفسيا وفاشل فى دراسته، إلا أننا لا نستطيع أن نحرم أنفسنا من التساؤل: هل تم استغلال هذا الشخص المضطرب من قبل أحد أو مجموعة لتنفيذ هذه العملية، أم أن هذا الهجوم من تصرفه الشخصى فقط؟ سؤال مشروع.
فى نفس اليوم والأيام التالية لمحاولة الاغتيال وفى المؤتمر الانتخابى للحزب الجمهورى لاحظنا أن وتيرة الصلوات والشكر لله من أجل نجاة ترامب كانت كثيرة، وتمت الاستعانة بكثير من رجال الدين المسيحى من طوائف مختلفة من أجل هذا الغرض والمصحوبة بالتراتيل الدينية، والتأكيد أن الشعب الأمريكى هو شعب مُصلى، ونجاة ترامب هى بسبب حماية السماء له فقد استغل اليمين الأمريكى هذا الحدث استغلالا جيدا فى مواجهة يسارية حزب الديمقراطيين الموالى لبايدن، ورغم أنه يعلن نفسه كاثوليكى الديانة، إلا أنه وحزبه يشجعان الإجهاض، والجماعات المثلية والمساكنة، وهى ضد القيم الدينية، وأيضا لا يجب أن ننسى تشجيعهما ودعمهما الخاطئ للجماعات الإسلامية المتطرفة، عملا بنصائح الرئيس السابق أوباما مهندس الفوضى الخلاقة والربيع العربى، وما إلى ذلك.
الرئيس السابق والمرشح الحالى ترامب من مشجعى حمل السلاح، ورافض تماما أى إجراءات للحد من بيعه بعد أن شاهدت الولايات المتحدة كثيرا عن أحداث القتل الجماعى، خاصة فى المدارس من قبل المضطربين نفسيا، وتحت وطأة لوبى صانعى وموزعى السلاح لم يتعرض لهم ترامب فى مدة رئاسته الأولى كما كانت الإجراءات التى اتخذها بايدن قليلة وضعيفة، وذلك إرضاءً لمجموعات الضغط من بائعى وموزعى السلاح فى الولايات المتحدة الأمريكية.
لست من محبى بايدن ولا مشجعى ترامب، لأننى أرى أن السياسة الأمريكية بعدت كل البعد عن القيم التى كانت تروج لها فى العالم، وعالمنا العربى بالذات، فالسياسة الأمريكية غير مستقرة فتتغير وتتبدل وتميل إلى الاضطراب، وأخطائها كثيرة وفادحة، ورغم ذلك فالتعامل معها ضرورة أليمة، فجميعا مشتركون فى عالم واحد، والحوار هو سبيلنا والأقرب إلى أذهاننا هو ما نعيشه اليوم من مأساة إنسانية فى غزة، فالولايات المتحدة الأمريكية شريكة فى هذه المأساة مع إسرائيل، رغم محاولاتها التنصل منها، فرحل عنها ثوب الحرية والديمقراطية وعدم التمييز التى صدعتنا بها.
نقلا عن المصري اليوم