محرر الأقباط متحدون
جاء في تقرير صدر عن منظمة الأمم المتحدة أن اللاجئين والمهاجرين الذين يعبرون الصحراء يعرضون حياتهم لخطر الموت أكثر من أولئك الذين يجتازون البحر المتوسط، وهو مسار للهجرة غير النظامية يُعتبر الأخطر من نوعه في العالم. يموت هؤلاء الرجال والأطفال والنساء نتيجة العطش والجوع أو بسبب أعمال العنف، ما أدى إلى موت أكثر من ألف شخص في هذه الصحراء الأكبر والأشد حراً في العالم.
جاء في التقرير الأممي أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التقت بآلاف المهاجرين والنازحين الذين شاهدوا العديد من العظام البشرية وبقايا الجثث وسط رمال الصحراء. وغالباً ما ينتهي مسار الهجرة هذا في القارة الأفريقية، إذ يقول ستون بالمائة من المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى ليبيا إنهم بلغوا وجهتهم النهائية.
للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع السيد فيسنان كوشتيل، المبعوث الخاص للمفوضية الأممية في وسط وغرب المتوسط، والذي قدم التقرير. قال المسؤول الأممي إن أهم المخاطر التي يتحدث عنها هؤلاء المهاجرون هي الهجمات التي تشنها عصابات إجرامية، وقطاع الطرق الذين ينهبون كل ما يملكون. أما بالنسبة للنساء فغالباً ما يتعرضن للاغتصاب وشتى أنواع العنف الجنسي. وهناك أيضا العنف الممارس من قبل مهربي المهاجرين، الذين يرغمونهم على القيام ببعض المهام خلال سفرهم. ويتضح لهؤلاء أنهم لا يقومون بالرحلة الجميلة التي وُعدوا بها، بل يقعون ضحية للابتزاز والعمل القسري والاستغلال الجنسي أحياناً كثيرة. فضلا عن ذلك يواجه المهاجرون المخاطر من قبل حرس الحدود إذ يقوم بعض هؤلاء العناصر باستغلال منصبهم ليبتزوا المال.
ولفت إلى أن العديد من هؤلاء الأشخاص يتحدثون عن وجود مهاجرين ماتوا في الصحراء، من بينهم من سقطوا من الشاحنات، أو مرضى تم التخلي عنهم في وسط العدم. ويقول الناجون إنهم شاهدوا جثثاً في جنوب الجزائر وشمال النيجر، وفي جنوب ليبيا، وأيضاً في مناطق أخرى من الصحراء. واعتبر أنه استناداً إلى تلك الشهادات يُعتقد أن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين يموتون في البر هو أعلى من عدد من يموتون غرقاً في البحر المتوسط.
بعدها تحدث المسؤول الأممي عن صعوبة وصول المنظمات الإنسانية إلى تلك المناطق النائية، نظراً للأوضاع المناخية والجغرافية، وأيضا لأن الدول لا تريد أن تكون تلك المنظماتُ شاهدة على ما يجري هناك، كي يبقى الأمر مكتوماً، خصوصا وأن ما يجري في الصحراء يبقى بعيداً عن الأنظار خلافاً لغرق المراكب في البحر المتوسط. واعتبر السيد كوشتيل أنه يتعين على المنظمات الدولية أن تعمل مع القادة التقليديين، مع السلطات المحلية التي هي شاهد على ما يجري، وتقع أحياناً ضحية لتلك العصابات الإجرامية، كما لا بد من تطوير منظومة للبحث عن الأشخاص وتحديد هويتهم عندما يصلون إلى القرى الصغيرة والواحات في الصحراء.
هذا ثم قال المسؤول الأممي إن المهاجرين واللاجئين الذين يعبرون البحر المتوسط ويصلون إلى السواحل الأوروبية، يحصل نصفهم تقريباً على حق اللجوء، أو على نوع من الرعاية الإنسانية، ما يعني أن النصف الآخر ليس بحاجة إلى أي حماية دولية، وهم غالباً الأشخاص الذين يهاجرون لأسباب اقتصادية، أو من يطمحون للدراسة في أوروبا أو لأسباب أخرى. وأكد أن الوضع مشابه بالنسبة للمهاجرين الذين يعبرون الصحراء. فمعظم هؤلاء يبقون في القارة الأفريقية، وسبعون بالمائة يستقرون في البلدان المجاورة لبلدهم إذ ينوون العودة عندما تتحسن الأوضاع.
وأضاف أن ما يساهم اليوم في ارتفاع أعداد النازحين في أفريقيا هي الأزمة السودانية التي ولّدت عشرة ملايين لاجئ ومهجر، فضلا عن الحرب في مالي وبوركينا فاسو، علما أنهم لا يختارون جميعاً التوجه إلى شمال أفريقيا إذ هناك العديد من سكان بوركينا فاسو، على سبيل المثال، الذين يتوجهون إلى دول خليج غينيا، في أفريقيا الغربية.