زهير دعيم
الشهر تمّوز ... وكما كانت تقول المرحومة جدتي : " بتمّوز بتغلّي المي بالكوز "  وفعلًا غلت في جرّة الماء وبكيزان الصّبار ؛هذا الصّبّار الذي هو كما التين والعنب عطايا الهيّة لجليلنا وشرقنا الجميل .

    ولكن للأسف أضحت هذه الفواكه ضنينة على الشّعب  البسيط – ولعلّ 90 بالمائة من مجتمعنا العربيّ في البلاد هو من هذا الشّعب البسيط - .

 حقًّا أضحت ضنينة وبعيدة المنال كيف لا وكيلو واحد من  الصّبار والتين والعنب قد تصل الى خمسين شاقلًا ؟

    لا أقول سِرًّا ... فماذا يفعل عامل يتقاضى راتبًا 7000- 8000 شاقل ويعمل بمفرده ويعيل عائلة مكونة من 4-5 أفراد ؟

 وهل بمقدوره أن يُمتّع نفسه واسرته بالتين والعنب والصّبار ؟

   لقد أضحت هذه الفواكه البلديّة مقتصرة على الأغنياء فقط .

 وهنا أتذكّر قصّةً لشّابّ فقير الحال خرج وزوجته  في ليلة  ليتمشيا في شوارع مدينتهم ، ومرّا أمام دكّان لبيع الشّوارما ، ولم يكن بمقدورهما أن يشتريا فوقف قائلًا لزوجته :

"  شمّي "  فالشّمّ مجانًا .

  وتركا المكان ليقول لزوجته  بعد ان قطعا مسافة ما  :
 ما رأيك أن نعود الى دُكّان الشّوارما ؟
 فابتسمت والحلم يراودها :
 أتريد أن تشتري لي رغيفًا ؟
 فقال والغصّة تخنقه :
 لا يا غالية ، أريد أن أشمّ وإياك رائحة الشّوارما  ثانية ؟
   نعم  لم نصل  بعد الى هذا الحدّ .

  والمؤلم فعلًا أنّ هذا الغلاء لم يصب الفواكه فقط ،  بل تعدّاها الى الخضراوات واللحوم وكل البضائع بل وكل جوانب حياتنا .
  هذا والحكومة غافية .. نائمة .. وكأنّ شيئًا لم يكن ، في حين أن الرّاتب " مكانك عُد "

  أمِنَ المعقول أن تغلب وتتفوّق اسعارنا على الأسعار في أوروبا وتغلبها بكثير ؟
 أمِنَ المعقول أن ننافس سويسرا في غلاء المعيشة ومتوسط دخل الفرد عندنا لا يصل الى ربع دخل السويسريّ ؟

  والسؤال الذي يطرح نفسه هو :
 الى أين سنصل ؟ وهل هناك هيئة وزارية تراقب وتحاسب وتنتفض دفاعًا عن الطبقة المتوسطة والفقيرة ؟
 حتى الآن نسمع سمعًا ولا نرى طحنًا .

   بتُّ أفكّر بجدّية أن أقضي الصيف في قبرص من باب التوفير والأمان  فلم يعد عندنا شيء رخيص الّا الأرواح .
  أتراني أتشاءم ؟!!!