د. ممدوح حليم
الأخلاق بين الأصل الطيب والدين
راعوث وبوعز نموذجا 
 لاشك في أن سفر راعوث يجسد لنا نموذجين رائعين للأخلاق الرفيعة والأصل الطيب والقيم النبيلة. أنهما راعوث وبوعز اللذين تزوجا في نهاية القصة. لكن كان بينهما اختلاف كبير يتجسد في خلفيتهما الدينية.
 
 أما بوعز فهو يهودي أصيل نشأ في بيئة يهودية لذا نجده يفهم الشريعة ويسلك بآدابها وتقاليدها وتعليمها. وقد شكل كل ذلك فيه شخصا محترما مؤدبا نبيلا مثاليا من الناحيتين الدينية والإنسانية.
 
أما راعوث فقد ولدت ونشأت وكبرت في بلاد موآب وهي بلاد لا تعرف الله واشتهرت بكثرة الشر. صحيح انها في آخر سنواتها في بلاد موآب تزوجت من يهودي وآمنت بإلهه ، لكن فترة زواجها لم تكن طويلة إذ مات زوجها سريعا ومن ثم لم يكن المؤثر اليهودي فيها قويا.
 
  إن أصلها الطيب وأخلاقها العالية جعلاها لا تفارق حماتها لتعود معها إلى بيت لحم كأرملة فقيرة غريبة بلا رجل لها ولحماتها وقد تكون هناك فريسة لرجال مجتمع لا تعرفه. وليس لهما من ينفق عليهما. لا شك في أنه كان من الأفضل كثيراً أن تمكث في بلدها وهو أمر لا غبار عليه وحثته عليه حماتها، لكنها رفضت.
 
ماذا نستخلص من القصة؟ إن الدين ليس المؤثر الرئيسي في الأخلاق ، فهوذا بوعز يهودي، وراعوث لم تعرف الله حتى شبابها، وكلاهما ذو اخلاق عالية. ومن الواضح أن اصلهما طيب رغم اختلاف الدين وبيئة النشأة التي تربيا فيها . إن الأصل الطيب هو الأساس في الأخلاق ، وقدرة التعليم والمال والدين على تغييرها محدودة.
 
وحتى وقتنا هذا هناك شعوب لا تعرف الله ذات أخلاق رفيعة . بينما شعوب ذات أديان وتعرف الله تتطاحن.
احترام عاطر من القلب الى راعوث الجميلة المؤدبة المتواضعة التي لم تنحرف رغم قسوة ظروفها. ولقد كافأها الله فتزوجت من شخص نبيل مثلها هو بوعز.
  (انتهت القصة)