سيلڤيا النقادى
هناك مقولة شهيرة للفنان العالمى مايكل أنجلو تقول «إن موهبة الإنسان تكمن فى التقاء قيمه وعواطفه وقوته ليصبح هذا الالتقاء هو البذرة الأولى نحو أى عمل فنى أو إبداع فى الوجود».
أفتح الباب.. أسرد خيطًا طويلًا لم ينقطع من الذكريات، وأنا أقف أتأمل هذا العمل الفنى.. هذا التمثال الشامخ الذى نحته الفنان البارع ناثان دوس تكريمًا وتقديرًا وعرفانًا للأستاذ الدكتور مجدى يعقوب لعطائه وخدمته التى يعجز القلم عن وصفها فى خدمة البشرية والإنسانية.
أقف صغيرة الحجم أنظر لأعلى؛ فأنا هنا داخل «قاعة الزمالك للفن» حيث ترقد مسلة ضخمة تتوسط إحدى قاعاتها.
استلهم الفنان رمزها الحامل لمعانى الشموخ والقوة فى الحضارة المصرية ليشع أعلاها وجهًا مضيئًا شامخًا منحوتًا بالجرانيت الأحمر «لأمير القلوب» د. مجدى يعقوب، مُشيدًا على قاعدة تتضمن أربع نوافذ تمثل حجرات القلب الأربع فى كل جهة من المسلة يتوسطها قلب معلق بخيط رفيع، أسفله شمعة موقدة تعلن التحية لهذا العالم الجليل الذى رفع الألم عن المرضى ومنح الأمل فى الحياة للآلاف الذين يعانون من قلب ضعيف.. قلب مريض، وكذا لتنير أيضًا الطريق أمام اليائسين والعالقين بالأمل.
ناثان دوس لم يبرع فقط فى تجسيد وجه مجدى يعقوب الإنسانى صاحب الابتسامة المشعة التى تدخل القلوب دون أن تستأذن، وإنما أضاف من خلال هذا العمل التاريخى العظيم وساما وطنيا ومفخرة وعزة وكبرياء لكل أبناء شعب مصر الذين سيظلون يحملون بفخر هذا الوسام على صدورهم أينما ذهبوا وأينما كانوا؛ اعترافًا بهذه الخدمات الإنسانية التى قدمها هذا الإنسان النادر الوجود لأبناء هذا الوطن وللعالم أجمع.
مرة أخرى أفتح الباب.. مرة أخرى أسرد هذا الخيط من الذكريات، فقد التقيت مجدى يعقوب لأول مرة فى لندن منذ سنوات طويلة، كنت شابة فى العشرين وكان هو فى بدايات قمة تألقه.. كان اللقاء حنونًا، دافئًا تصاحبه هذه الابتسامة الهادئة التى طمأنت زوجى بأنه بين أيدٍ من ذهب سوف تقوم بتغير ٥ شرايين للقلب من خلال عملية قلب مفتوح دقيقة بمستشفى هارفيلد بضاحية لندن.
لا أنسى أبدًا هذا اللقاء الأول ولا أنسى هذا المكتب الكبير الخالى من الأوراق.. الخالى من الشهادات أو الصور المعلقة على الحائط، كان هذا أفضل لى ولزوجى، فقد تمكنا من التركيز على مظهره وكلامه وشرحه لما سوف يقوم به دون أن يتشتت انتباهنا بشهادة أو صورة.. كان بالفعل فرعونًا متواضعًا صاحب وجه نبيل وجلد داكن ونظرة قديمة هادئة وأصابع دقيقة بشكل استثنائى.. بعد الشرح طرح سؤالين أو ربما ثلاثة على زوجى.. سأله «متى يمكننى البدء؟» وكان الجواب «على الفور».
تحياتى وعرفانى لك «سير مجدى».. ترى هل تتذكرنى؟.
وتقديرى للفنان المبدع ناثان دوس الذى جسد كل المعانى والصفات الذى يحملها الرجل من خلال تمثال تفخر به مصر.
نقلا عن المصرى اليوم