د. وسيم السيسي
فيلهلم بارتلوت «Barthlott» مدير معهد علوم النبات فى بون «ألمانيا»، قرأ نصًا مصريًا قديمًا يقول: كما أن الشمس تشرق وتغيب، ولكنها تشرق من جديد، وكما أن النهر يفيض ويغيض «يهبط» ولكنه يفيض من جديد، كذلك الإنسان، يولد ويموت، ولكنه يبعث من جديد، ولكن عليه أن يبعث نظيفًا كزهرة اللوتس!.

بدأ بارتلوت فى دراسة هذه الزهرة المسماة زنابق النهر عند العرب أو Water-Lilly عند الإنجليز، فوجد أن سطحها ينظف نفسه بنفسه «تنظيف ذاتى»، وذلك لوجود كوادرليونات «الكوادرليون= مليون مليار» من النتوءات أو الإبر «جمع إبرة» على سطحها، تفتت الماء أو الماء الممزوج بالطين، أو حتى الصمغ المائى، إلى ذرات تطردها!.

صنعَ ملعقة سطحها كزهرة اللوتس، فوجد أنها تخرج من العسل الأبيض كأنها لم تكن فيه!، أطلق عليها «Honey Spoon With Lotus Effect» باع هذا الكشف لشركات الأجهزة الطبية لصناعة الشرايين وصمامات القلب بخاصية زهرة اللوتس حتى لا يتجلط عليها الدم، فلا يحتاج المريض لعقاقير السيولة، كما باع هذا الكشف لشركات الطائرات، السيارات، دهان جدران العمارات، فأصبح من علومنا مليونيرًا، وأطلقت مجلة «Scientific American» على هذا القرن: قرن زهرة اللوتس.

ثم جاء العالم الصينى يانج شنج يوى حتى يعطينا خريطة جينية لزهرة اللوتس، ونعرف منه أنها كانت موجودة منذ مائة وخمسين مليونًا من السنين، منذ عصور الديناصورات والتى كانت مهيمنة على كوكب الأرض قبل الإنسان بملايين السنين.

وأخيرًا جاء الكيميائى رامز سعد صاحب معمل لتحليل المعادن فى المواد العضوية كالنباتات، وشعر الإنسان، فى كندا.

حدثنى رامز سعد عن هذه الزهرة العجيبة، قال: من قلب الطين والوحل تخرج الحياة!، فبذورها أو درناتها تزرع فى الطين، وتنبت منها سيقان حتى تصل إلى سطح الماء، فتظهر الأوراق التى تنام ليلًا ثم تصحو على ضوء الشمس، أى تلم أوراقها مساء، وتنشرها صباحًا!، قلت له: فى قصة الخلق عند أجدادنا المصريين، كان النون اللانهائى الأزلى، خرجت منه لوتسة «مفرد لوتس» عملاقة، تفتحت أوراقها، وخرج منها قرص الشمس، فهى إذن حبيبة الشمس، تنام معها، وتصحو معها، قال رامز سعد: لقد حللت المعادن فى زهرة اللوتس، والطين الذى تنمو عليه، فوجدت نفس نسب المعادن فى الإنسان، والطين، وزهرة اللوتس، وأهم هذه المعادن هو عنصر السيلكون الذى يكون ستين بالمائة من مكوناتها المعدنية، وهذا السيلكون الذى نصنع منه الزجاج، هذه البلايين من حبات السيلكون الميكروسكوبية «تكبير ستة آلاف مرة» هى التى تجعل سطح زهرة اللوتس لا يلتصق بها شىء.

قلت لرامز سعد: قدّس أجدادنا هذه الزهرة وجعلوا منها غذاء ودواء، فالسيلكون ضرورى للكولاجين، والكولاجين ضرورى للنضارة والشباب «الجلد»، نجحت زميلتى فى الدكتوراة لأن الممتحن جعلها تمسك جلد يده المترهل مقارنة بجلد يدها الحيوى «بسبب الكولاجين»، وسألها ما السبب فى هذا الفرق؟، منتظرًا أن تقول له: الكولاجين، فلم تعرف، قالت: لأنى أصغر منك يا سيدى!، وكان الممتحن سعيدًا لأنها لم تقل لأنك أكبر منى!، ونجحت بهذا الذكاء وسرعة الخاطر!.

إن كلمة لوتس جاءت من كلمة يونانية «لوتاز» أى الحب والجمال، ولكن اسمها عند الأجداد «سوشن» والتى جاءت منها سوسن، سوزان، وكانت تستخدم فى صناعة العطور، ومستلزمات التجميل، كما دخلت فى العمران، والمحكمة الدستورية العليا فى مصر، وكل الأعمدة فى العاصمة الإدارية على شكل زهرة اللوتس، بل إن مصر كلها كزهرة اللوتس جغرافيًا، أوراقها الوجه البحرى، وساقها الوجه القبلى، ولا غنى لأحدهما عن الآخر.
نقلا عن المصرى اليوم