حمدى رزق

الدكتور «خالد عبدالغفار»، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة والسكان، فى كلمته فى الاحتفال باليوم العالمى لالتهاب الكبد الفيروسى، (٢٨ يوليو)، يُذكِّرنا بما نسينا.. ملحمة مصرية عنوانها «مصر خالية من فيروس C»، نموذج ومثال على الإرادة المصرية المنجزة.

 

لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، وشهادة لوجه الله، مرضى فيروس (C) ما حلموا بالشفاء الذى كان بعيدًا بعيدًا أقرب إليه الموت، إلا بعد التفاتة الرئيس «السيسى» إلى كارثة تفشى هذا الفيروس كالوباء.

 

كارثة صحية غفلت عنها الحكومات المتتابعة، أقرب إلى جائحة اجتاحت البلاد من أقصاها إلى أقصاها، بلغ حجم الإصابات أرقامًا تعجز عن تخيلها؛ فضلًا عن علاجها دولة خارجة لتوها من محنة سياسية عكست محنة اقتصادية.

 

كان التحدى رهيبًا، وكان القرار الرئاسى مصيبًا، تقرر علاج كل مصابى فيروس (C) مجانًا، والكشف عن الفيروس احتمالًا.. قرار أقرب إلى الخيال.

 

القرار الرئاسى تجسد على الأرض تحديًا صعبًا، ونشطت مدرسة الكبد المصرية وشمّرت عن سواعدها، وبرزت تتحدى هذا الغول الرهيب مدعومة بإرادة سياسية تبغى توفير العلاج لكل مصاب مهما كانت التكلفة، وصار الفيروس على قائمة الأولويات الرئاسية. المعجزة الطبية التى حدثت جديرة بالتوقف والتبين، التوقف أمام الرقم المصرى المذهل من المتعافين الذى يفوق فى حجمه وأعداده وبالأرقام كل الأعداد التى تم علاجها على مستوى العالم أجمع.

 

المعجزة المصرية تتحدث عنها المراجع الطبية العالمية، وتفخر بها المنابر الدولية، وتتصدر أغلفة المجلات الطبية العالمية، وتحتفى بها منظمة الصحة العالمية سنويًّا، احتفاء وتقديرًا.

 

التوقف أمام قدرة الدولة المصرية فى تجليها، مصر تمرض لا تموت.. نعم، استطاعت الدولة الفقيرة توفير أحدث العلاجات العالمية بأرخص الأسعار بآلية تفاوضية احترافية، واجتذبت الشركات العالمية والوطنية لإنجاز صناعة دوائية وطنية معتبرة.

 

التوقف أمام المنظومة العلمية التى نظمتها اللجنة القومية للفيروسات الكبدية التى أبدعت فى ابتكار بروتوكولات العلاج التى تناسب «الجين الرابع» الذى ينهش أكباد المصريين، وكيف واكبت المستحدثات الطبية والعلاجية عالميًّا، وجلبها إلى القاهرة لتمصيرها وتحضيرها.

 

التوقف أمام منظومة التأمين الصحى التى أثبتت جدارة وامتيازًا فى فروعها المنتشرة بطول وعرض البلاد، والتى استقبلت آلافًا مؤلفة ترجو العلاج، وتحَمّل رجالها فى صبر وأناة تدفقات المرضى المتعبين دون ضجر.

 

نافسهم بكل الإخلاص رجال منظومة العلاج على نفقة الدولة، عدد قرارات العلاج من فيروس (C) على نفقة الدولة أرقام فوق الخيال.

 

التوقف أمام الجهد الطوعى الرائع لمنظمات المجتمع المدنى، ما يسمى «التشبيك المجتمعى» فى مواجهة فيروس يضرب فى الكبد، المظلة الاجتماعية التطوعية فى الأقاليم شكلت حالة إبداعية استثنائية، المراكز فُتحت لعلاج الغلابة مجانًا، والتبرعات انهالت على المراكز، والمتطوعون فى القرى والأرياف نفروا لإنقاذ أهليهم من الفيروس اللعين.

 

التوقف أمام شعب يصورونه على أنه فاقد الهمة، إذ فجأة ينهض من سباته ويودع إحباطه ويخوض معركة قاسية فى مواجهة فيروس رهيب، شعب تبرع لعلاج الفيروس كما لم يتبرع من قبل، شعب قرر القضاء على الفيروس وإنقاذ شبابه وشيوخه بعمل تطوعى شعبى بوعى حضارى، شعب ضرب نموذجًا فى الإيثار. من حق الوزير أن يتحدث بفخر عن هذا الإنجاز الطبى، ويُذكِّر بجهود سابقيه، وتتبقى كلمة: مَن أنقذ كبد المصريين من فيروس (C) بعون الله وتوفيقه قادر على إنقاذ مصر من أزماتها الاقتصادية والحدودية.. مصر محفوظة بأمر الله.

نقلا عن المصرى اليوم