أكمل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي المراجعة الثالثة بموجب الاتفاق الموسع في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، مما يسمح للحكومة المصرية بسحب نحو 820 مليون دولار ما يعادل (618.1 مليون وحدة حقوق سحب خاصة)، وفق بيان له في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء.

 
وأكد صندوق النقد الدولي، في تقريره، على تحسن الأوضاع الاقتصادية بعد الإجراءات الإصلاحية الأخيرة وزيادة موارد النقد الأجنبي، ولكن أشار إلى بعض التحديات بسبب ارتفاع المخاطر الجيوسياسية.
 
تحسن الأوضاع الاقتصادية
وبحسب الصندوق، بدأت الأوضاع الاقتصادية الكلية في التحسن منذ الموافقة على المراجعتين الأولى والثانية للبرنامج في مارس فقد تراجعت الضغوط التضخمية تدريجيًا، وتم القضاء على نقص النقد الأجنبي، وتم تحقيق الأهداف المالية (بما في ذلك تلك المتعلقة بالإنفاق من خلال مشاريع البنية التحتية الكبيرة).
 
وبحسب الصندوق، بدأت هذه التحسينات في إحداث تأثير إيجابي على ثقة المستثمرين ومعنويات القطاع الخاص.
 
كان صندوق النقد الدولي أعلن في أبريل الماضي بعد قرار المركزي بتحرير سعر الصرف في مارس صرف أول شريحتين بقيمة 820 مليون دولار بعد الانتهاء من المراجعتين المؤجلتين، كما وافق على رفع قرض مصر من 3 إلى 8 مليارات دولار.
 
وأدت تدفقات النقد الأجنبي الضخمة خلال النصف الأول من العام الجاري إلى تخفيف ضغوط أزمة النقد الأجنبي وسد فجوة التمويل.
 
وتلقت مصر خلال أول 3 أشهر من تحرير سعر الصرف نحو 57 مليار دولار منها 35 مليار دولار استثمارات إمارتية مباشرة في مدينة رأس الحكمة و نحو 21 مليار دولار استثمارات أجنبية غير مباشرة في أدوات الدين الحكومية، بخلاف شريحة الصندوق.
 
سعر صرف مرن أمرا ضروريا
وأكد الصندوق أن الحفاظ على نظام سعر الصرف المرن ونظام الصرف الأجنبي المحرر سيكون ضروريا لتجنب تراكم الاختلالات الخارجية.
 
كانت مصر أعلنت في مارس الماضي العودة إلى تحرير سعر الصرف للمرة الرابعة خلال عامين منذ بدء الإتفاق على قرض مع الصندوق ليرتفع سعر الدولار بنحو 60% من 30.94 جنيه إلى نحو 48.4 جنيه خلال تعاملات البنوك، في خطوة يستهدف منها توحيد سعر الصرف وسد فجوة التمويل الأجنبي.
 
ضبط الأوضاع المالية
وأوضح الصندوق أن جهود ضبط الأوضاع المالية الجارية سوف تساعد في وضع الدين العام على مسار هبوطي حاسم.
 
كانت الحكومة أعلنت الخميس الماضي رفع سعر السولار والبنزين للمرة الثانية خلال 2024، بهدف تخفيف ضغوط تكلفة الدعم على الموازنة العامة للدولة.
 
وأوضح الصندوق أنه لضمان استمرار توافر الموارد لتلبية الاحتياجات الإنفاقية الحيوية لمساعدة الأسر المصرية، بما في ذلك الصحة والتعليم، سوف تكون هناك حاجة إلى اهتمام خاص لتعزيز تعبئة الإيرادات المحلية واحتواء المخاطر المالية من قطاع الطاقة.
 
وسوف يساعد هذا أيضا في توليد بعض الحيز المالي لتوسيع الإنفاق الاجتماعي لدعم الفئات الضعيفة، وفق الصندوق.
 
تنفيذ سياسة ملكية الدولة
وفي حين تم إحراز تقدم في بعض الإصلاحات البنيوية الحاسمة، هناك حاجة إلى جهود أكبر لتنفيذ سياسة ملكية الدولة، وفق الصندوق.
 
وتشمل هذه التدابير تسريع برنامج التخارج، وملاحقة الإصلاحات لتبسيط اللوائح التجارية لإنشاء شركات جديدة، وتسريع ممارسات تيسير التجارة، وخلق "مجال لعب متساوي" يتجنب الممارسات التنافسية غير العادلة من قبل الشركات المملوكة للدولة.
 
كانت مصر تخارجت بنحو 5.6 مليار دولار من بعض الحصص المملوكة لها منذ بدء إعلان ملكية الدولة خلال آخر عامين، بهدف سد فجوة التمويل الأجنبي ومشاركة القطاع الخاص في التنمية.
 
حوكمة القطاع المصرفي
وبحسب الصندوق، أن تعزيز مرونة القطاع المالي وممارسات الحوكمة والمنافسة في القطاع المصرفي يجب أن تكون من الأولويات الرئيسية أيضاً، وهذه التدابير حاسمة لتوجيه مصر نحو النمو الذي يقوده القطاع الخاص والذي يمكنه توليد فرص العمل والفرص للجميع.
 
وفي الوقت نفسه، هناك حاجة إلى نهج قائم على البيانات من جانب البنك المركزي لخفض التضخم وتوقعات التضخم، وفق ما ذكره الصندوق.
 
ورغم تراجع معدل التضخم للشهر الرابع على التوالي إلى 27.5% في يونيو الماضي فإنه لا يزال أعلى من مستهدفات البنك المركزي بين 5% إلى 9 بنهاية الربع الأخير من العام الجاري.
 
كان البنك المركزي أشار في تقريره الأخير إلى وجود ضغوط تحيط بالتضخم منها تبعات ضبط الأوضاع المالية- ترشيد الدعم- وصدمة عرض السلع عالميا بسبب التوترات الجيوسياسية بالمنطقة.
 
وقالت إنطوانيت م. سايح، نائبة المدير العام والرئيسة بالإنابة، في صندوق النقد الدولي، "إن الإصلاحات المعززة في إطار البرنامج المدعوم من تسهيل الصندوق الممدد تسفر عن نتائج إيجابية".
 
وتابعت "قد أدى توحيد سعر الصرف وتشديد السياسة النقدية المصاحب له إلى الحد من المضاربة، وجلب التدفقات الأجنبية، واعتدال نمو الأسعار، ومع ظهور علامات التعافي في المشاعر، ينبغي أن يكون نمو القطاع الخاص على استعداد للتعافي".
 
وأَضافت "من المتوقع أن تساعد إعدادات السياسة في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي ومن شأن التحول المستدام إلى نظام سعر الصرف المرن، والاستمرار في تنفيذ موقف السياسة النقدية الصارمة، والمزيد من ضبط الأوضاع المالية إلى جانب التنفيذ السليم للإطار لمراقبة ومراقبة الاستثمار العام أن يدعم التوازن الداخلي والخارجي.
 
وتخصيص جزء من التمويل من صفقة رأس الحكمة لتراكم الاحتياطيات وخفض الديون يوفر وسادة إضافية ضد الصدمات، وفق إنطوانيت.
 
وأضافت أن الإصلاحات التي تعزز الإيرادات الضريبية، وتوفر استراتيجية أكثر قوة لإدارة الديون، وتجلب موارد إضافية من التخارج إلى خفض الديون من شأنها أن تخلق مساحة لإنفاق أكثر إنتاجية، بما في ذلك الإنفاق الاجتماعي المستهدف الإضافي.
 
وأَضافت أن استعادة أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد التكاليف، بما في ذلك أسعار الوقود بالتجزئة بحلول ديسمبر 2025، أمر ضروري لدعم التوفير السلس للطاقة للسكان والحد من اختلال التوازن في القطاع.
 
وأشارت إلى أن تعزيز حوكمة البنوك المملوكة للدولة، وتعزيز سياسة ملكية الدولة، وزيادة الشفافية المالية، وتسوية الملعب الاقتصادي أمر بالغ الأهمية لتأمين المزيد من الاستثمار الخاص.
 
البيئة الإقليمية لا تزال صعبة
وفي الوقت نفسه، يرى صندوق النقد الدولي، البيئة الإقليمية الصعبة الناتجة عن الصراع في غزة وإسرائيل والتوترات في البحر الأحمر، فضلاً عن التحديات السياسية والبنيوية المحلية، تدعو إلى الاستمرار في تنفيذ التزامات البرنامج.
 
وبحسب الصندوق أن الاستمرار في ضبط الأوضاع المالية، مع تعزيز تعبئة الإيرادات، لخلق المساحة اللازمة لتوسيع البرامج الاجتماعية، وفق ما ذكره الصندوق.
 
وبحسب الصندوق سيكون تسريع الإصلاحات الهيكلية للمساعدة في زيادة نمو القطاع الخاص أمرا أساسيا.
 
وأكد الصندوق أن المخاطر لا تزال كبيرة، فالصراعات الإقليمية وعدم اليقين بشأن مدة انقطاع التجارة في البحر الأحمر تشكل مصادر مهمة للمخاطر الخارجية.
 
وأكد أن الحفاظ على سياسات الاقتصاد الكلي المناسبة، بما في ذلك نظام سعر الصرف المرن، من شأنه أن يساعد في ضمان الاستقرار الاقتصادي.
 
كما أن التقدم بشكل هادف في برنامج الإصلاح الهيكلي من شأنه أن يحسن بشكل كبير من آفاق النمو، وفق الصندوق.
 
وأضاف الصندوق أن إدارة استئناف تدفقات رأس المال بحكمة سوف تكون مهمة أيضاً لاحتواء الضغوط التضخمية المحتملة والحد من مخاطر الضغوط الخارجية في المستقبل، وفق الصندوق.