نادر شكري
أصدرت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية مؤخرًا تقريرها لعام 2023 عن حالة الحرية الدينية في العالم. ، ومنها وضع الحريات الدينية في مصر خلال العام 2023 
 
و يصف التقرير السنوي المقدم للكونجرس، وضع الحرية الدينية في كل بلد، ويشمل السياسات الحكومية التي تنتهك المعتقدات والممارسات الدينية للجماعات والطوائف الدينية والأفراد، وسياسات الولايات المتحدة لتعزيز الحرية الدينية في جميع أنحاء العالم، وتصدر الخارجية الأمريكية التقارير وفقا لقانون الحرية الدينية الدولية لعام 1998.
 
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن إن "الحرية الدينية لا تزال غير محترمة بالنسبة لملايين الأشخاص حول العالم".وأضاف بلينكن: "في كل منطقة، لا يزال الناس يواجهون العنف على أساس ديني، والتمييز على أساس ديني، سواء من الحكومات أو من مواطنيهم".
 
•  وضع الحريات في مصر
وشمل التقرير وضع الحريات الدينية بمصر لعام 2023، ووتم تقسم التقرير لعدة أقسام متنوعة شمل النص القانوني، والديموجرافيا الدينية، وحالة احترام الحكومة للحرية الدينية، الانتهاكات التي تنطوي على العنف أو الاحتجاز أو إعادة التوطين الجماعي، الانتهاكات التي تحد من حرية المعتقد الديني وحرية التعبير، الانتهاكات التي تنطوي على قدرة الأفراد على ممارسة الأنشطة الدينية بمفردهم أو مع الآخرين، لانتهاكات التي تنطوي على التمييز أو عدم المساواة في المعاملة، حالة احترام المجتمع للحرية الدينية، كما قدم القسم الرابع سياسة الحكومة الأمريكية ومشاركتها وما قامت به السفيرة الامريكية بالقاهرة  هيرو مصطفي من جولات ولقاءات بكافة الأطراف الدينية والرسمية بمصر .
 
وقال التقرير ينص الدستور على أن “حرية الاعتقاد مطلقة” وأن “حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأتباع “الأديان السماوية” [أي الديانات الإبراهيمية الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية] حقٌ ينظمه القانون”. وينص الدستور على أن المواطنين “سواء أمام القانون”، ويجرم التمييز و”التحريض على الكراهية” على أساس الدين. ويحدد الدستور الإسلام كدين الدولة ومبادئ الشريعة كمصدر رئيسي للتشريع، لكنه ينص على أن القوانين الكنسية الموحدة لليهود والمسيحيين تشكل أساس التشريع الذي يحكم أحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار الزعماء الروحيين. وتعترف الحكومة رسمياً بالإسلام السني والمسيحية واليهودية، وتسمح فقط لأتباعها بممارسة شعائرهم الدينية علناً وبناء دور العبادة. كما أن القانون يعتبر “ازدراء وعدم احترام” الديانات الإبراهيمية الثلاث، ودعم الأيديولوجيات “المتطرفة”، جرائم.
 
وعرض التقرير بعض حالات الانتهاكات ومنها.
 
في 16 يناير/كانون الثاني، رفضت محكمة النقض، أعلى محكمة في البلاد، استئنافاً قدمته سعاد ثابت، امرأة مسيحية تبلغ من العمر 74 عاماً، لإلغاء أحكام تبرئة ثلاثة رجال مسلمين في محافظة المنيا، كانوا قد اعتدوا عليها وجردوها من ملابسها في عام 2016 بعد اتهامات عن علاقة عاطفية بين ابن سعاد ثابت وامرأة مسلمة. وبعد مرور أكثر من عام على إطلاق سراح القبطي والناشط الحقوقي رامي كامل سعيد صليب، عام 2022، ظل خاضعاً لحظر السفر. وقد اعتقلت السلطات رامي كامل في عام 2019 بعد أن قدم طلباً للحصول على تأشيرة سويسرية للتحدث في منتدى للأمم المتحدة في جنيف حول حقوق الأقليات، واتهمته بالانضمام إلى جماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة. وفي فبراير/شباط، حكمت محكمة جنح بالإسكندرية على أسامة شرف الدين، منشئ محتوى تيك توك، بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة إهانة المسيحية.
 
وفي فبراير/شباط، أعلنت جامعة سيناء قرارها بإغلاق التحقيق في سلوك طالبة متهمة بـ “ازدراء الأديان” بناء على لقطة شاشة (screenshot) لتعليق يسيء إلى الإسلام ظهر على حساب الطالبة على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي مارس/آذار، أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حظر السفر الفعلي المفروض على الناشط القرآني رضا عبد الرحمن. وبحسب البيان، فإن عبد الرحمن – الذي أُطلق سراحه بعد أكثر من 18 شهراً من الحبس الاحتياطي عام 2022 – مُنع من مغادرة البلاد لزيارة السعودية في 10 مارس/آذار، رغم عدم وجود أي قرار قضائي يمنع سفره. وفي يوليو/تموز، أيدت محكمة النقض حكم الإعدام الصادر عام 2019 بحق ضابط الشرطة ربيع مصطفى خليفة، المدان بجريمة القتل العمد في مقتل اثنين من الأقباط في مدينة المنيا عام 2018.
 
وفي يوليو/تموز، جددت محكمة الجنايات حبس نور فايز إبراهيم، بتهمة القتل العمد، لمدة 45 يوماً على ذمة التحقيق في القضية المرفوعة ضده أمام أمن الدولة العليا. وفي نهاية المطاف، اتهمت السلطات إبراهيم بـ “قيادة جماعة إرهابية” و”إظهار عدم احترام للأديان الإبراهيمية”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، جددت محكمة جنايات القاهرة حبس اللاجئ اليمني عبد الباقي سعيد عبده علي، لمدة 45 يوماً بتهم “الانضمام إلى جماعة إرهابية وازدراء الإسلام”، وذلك عقب تحوله من الإسلام إلى المسيحية، بما يتجاوز الحد الأقصى المسموح به وهو 18 شهراً، وهي فترة الحبس الاحتياطي التي يسمح بها القانون.
 
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت اللجنة العليا للمصالحة بالأزهر، بالتعاون مع محافظة قنا، انتهاء جلسة صلح أنهت نزاعاً عنيفاً استمر ثماني سنوات بين عائلات في قرية الكرنك، والذي أدى إلى مقتل 10 أشخاص. في 20 يوليو/تموز، أي بعد يوم من الحكم عليه من قبل إحدى المحاكم بالسجن ثلاث سنوات بتهمة “نشر أخبار كاذبة”، تم العفو عن الباحث باتريك زكي، وأُطلق سراحه في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد أكثر من ثلاث سنوات من اعتقاله عام 2020 إثر أحداث عنف. في مقال نشر عام 2019، كتب باتريك زكي عن التمييز الذي يواجهه الأقباط في البلاد.
 
في مارس/آذار، أصدر الأزهر فتوى تنص على أن طفلاً يبلغ من العمر أربع سنوات يُدعى شنودة، نشأ على يد أبوين مسيحيين أقباط بعد أن تخلى عنه والديه، يمكن اعتباره مسيحياً؛ وبعد ذلك أعيد الطفل من الرعاية الحكومية إلى والديه الأقباط بالتبني. وخلال العام، أبلغت جماعات المجتمع المدني والمنظمات القبطية عن ثماني حالات على الأقل من حالات الاختطاف المزعومة والتحويل القسري للنساء والفتيات القبطيات. وفي العديد من هذه الحالات التي تتعلق بقاصرات، ساعدت الأجهزة الأمنية في تحديد مكان الفتيات وإعادتهن إلى عائلاتهن.
 
وقد أفادت الصحف المحلية والدولية في سبتمبر/أيلول عن استمرار هدم الأضرحة الإسلامية في حي مقابر “مدينة الموتى” بالقاهرة لإفساح المجال أمام مشاريع توسعة الطرق السريعة متعددة المسارات.
 
وفي مايو/أيار، أعلن محمد مختار أبو زيد، نائب عام مشيخة الطرق الصوفية بدسوق بمحافظة كفر الشيخ، عن عدم إقامة احتفالات بذكرى ميلاد الشخصية الصوفية إبراهيم الدسوقي – أحد أكبر رموز الطرق الصوفية. وكان قد تم منع التجمعات في البلاد، تنفيذاً لقرار إلغاء التجمعات الدينية الجماهيرية عقب تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) في عام 2020. وفي يوليو/تموز، أصدر مجلس الدولة قراراً يحظر على منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ممارسة “الوعظ الديني والشعائر الدينية”، مع التوجيه بفرض غرامات تتراوح بين 100 ألف جنيه مصري (3200 دولار) إلى مليون جنيه مصري (32400 دولار) لمخالفة الحكم. ونظمت وزارة الأوقاف مؤتمرا دوليا في سبتمبر/أيلول، تناول، بحسب الوزير محمد مختار جمعة، التحدي المتمثل في “تحرير المساجد من سيطرة الجماعات المتطرفة”.
 
وفي 21 يناير/كانون الثاني، أفادت وسائل إعلام محلية أن الرئيس السيسي أصدر توجيهات للتخطيط لتوسيع بناء المساجد لنشر “الدين الحنيف في جميع أنحاء البلاد”، مع ضمان الاختيار المناسب لمواقع المساجد و”تقليص حجم” سعة المساجد على أساس تعداد السكان المحليين. وفي مارس/آذار، افتتح الرئيس السيسي المركز الثقافي الإسلامي في العاصمة الإدارية الجديدة، وهو أحد مكونات مسجد مصر، ثاني أكبر مسجد في العالم بمساحة تتسع لـ 107 آلاف مصلٍ. وفي أغسطس/آب، ترأس رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إعادة افتتاح كنيس بن عزرا في القاهرة القديمة، أقدم معبد يهودي في البلاد. واحتج زعماء الجالية اليهودية في القاهرة في وقت لاحق لأن المنظمين لم يدعوا أي يهود إلى الحفل، وأن السلطات أعادت افتتاح المبنى دون الحصول على موافقة مسبقة من الطائفة. وفي سبتمبر/أيلول، افتتحت الحكومة مسجداً تم ترميمه حديثاً من العصر العثماني، وهو أقدم مسجد عثماني في المدينة، داخل القلعة التاريخية بالقاهرة. ووفقاً لمصادر المجتمع الشيعي وخبراء الحرية الدينية، ظل المسلمون الشيعة غير قادرين على إنشاء أماكن عامة للعبادة. وبحسب تقارير إعلامية، منعت وزارة التربية والتعليم الطلاب من ارتداء أغطية الرأس التي تخفي وجوههم، بما في ذلك النقاب، للعام الدراسي 2023-2024.
 
وقد وقعت اشتباكات خلال العام بين الطائفتين المسلمة والقبطية. في سبتمبر/أيلول، أفادت أبرشية الأقباط الأرثوذكس بأبي قرقاص أن قرويين مسلمين هاجموا مسكناً قبطياً خاصاً لاعتقادهم الخاطئ أن المجتمع القبطي كان يبني كنيسة غير مسجلة. وفي يناير/كانون الثاني، قام مسؤولو دير السيدة العذراء في درنجة بمحافظة أسيوط، بترميم أيقونة للسيدة العذراء والعائلة المقدسة بعد أن قام مجهولون بتغطية وجوه الشخصيات المصورة باستخدام رذاذ الطلاء الأسود. وفي مايو/أيار، في أعقاب الجدل الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة النطاق حول تصوير ممثل بريطاني من أصل أفريقي لكليوباترا في دراما وثائقية من إنتاج Netflix، نشر معهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط (MEMRI) تعليقات من الصحفي رفعت رشاد، الذي ألقى باللوم على اليهود، “الذين يسيطرون على العالم ووسائل الإعلام والثقافة العالمية”، بسبب “التشويه التاريخي” في تصوير كليوباترا على أنها “أفريقية، في حين أنها مقدونية في الواقع، وبالتالي فإنها “فاتحة البشرة وذات ملامح هيلينية”.
 
وفي مايو/أيار، ردّ مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بغضب على مقطع فيديو كشفت فيه صيدلانية أنه قد تم منع صديقتها المحجبة من دخول أحد المطاعم في منطقة التجمع الخامس الراقية بالقاهرة. في 19 يونيو/حزيران، تلقى طالب مسيحي في جامعة الزقازيق تهديدات بالقتل من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن نشر منشورات على فيسبوك تسيء إلى الإسلام رداً على تعليقات مسيئة للمسيحية؛ وقد قال الطالب إن حسابه قد تم اختراقه، وأن المنشورات المخالفة ليست له. وقد كشف تقرير أصدره “مركز الأندلس للتسامح ومناهضة العنف” في أكتوبر/تشرين الأول عن توسع كبير في “التحريض على الكراهية” و”الازدراء للأديان الأخرى” خلال العام السابق. وأشار التقرير إلى أن خطاب الكراهية الذي يستهدف الشيعة كان الأعلى على فيسبوك، حيث شكلت المنشورات المعادية للشيعة أكثر من 79 بالمائة من منشورات خطاب الكراهية التي حللها المركز، مقارنة بـ X (تويتر سابقاً)، حيث أعلى نسبة من خطاب الكراهية الديني، أكثر من 45%، استهدفت اليهود.
 
وقد أثار القائم بالأعمال، ومسؤولون آخرون بالسفارة، وممثلو الحكومة الأمريكية الزائرون، بشكلٍ منتظم، المخاوف فيما يتعلق بالحرية الدينية مع كبار المسؤولين الحكوميين. في 7 مايو/أيار، قام ممثلو السفارة بزيارة محافظة المنيا، التي يبلغ حوالي 50 بالمائة من سكانها من المسيحيين – وهي أعلى نسبة في أي محافظة – لعقد اجتماعات مع نائب المحافظ والأسقف القبطي للمحافظة. وفي يونيو/حزيران، التقت السيدة الأولى برئيس جامعة الأزهر، الدكتور سلامة داود، والشباب الذين شاركوا في برنامج تبادل السفارة الأمريكية لمناقشة التجارب والقيم المشتركة فيما يتعلق بالحرية الدينية.
 
وعلى مدار العام، التقى ممثلو السفارة بكبار المسؤولين في مكاتب الإمام الأكبر للأزهر، الشيخ أحمد الطيب؛ ودار الإفتاء؛ والبابا القبطي تواضروس؛ وبطريرك الروم الأرثوذكس ثيودوروس؛ والأساقفة وكبار رجال الدين في الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية والأنجليكانية؛ وأعضاء الجالية اليهودية، وممثلي الأقليات غير المعترف بها، بما في ذلك المسلمين الشيعة، والبهائيين، وشهود يهوه، والملحدين، والعلمانيين. وكانت عدم قدرة الطلاب على اختيار عدم تلقي التعليم الديني الإسلامي أو المسيحي في المدارس العامة، والجهود الحكومية لحماية واستعادة المواقع الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية في القاهرة وصعيد مصر، من بين القضايا التي تمت مناقشتها.
 
وفي 30 يناير/كانون الثاني، شاركت السفارة في تنظيم احتفال باليوم العالمي لذكرى المحرقة. وكان من بين المتحدثين أحد الناجين من المحرقة، وهو مقيم في الولايات المتحدة، والدكتور ناصر قطب، ابن شقيق أول عربي تعترف به إسرائيل على أنه “الصالح بين الأمم” لجهوده في إنقاذ اليهود في برلين خلال الحرب العالمية الثانية. في 19 يوليو/تموز، نشرت وزارة الخارجية بياناً على موقع X ترحب فيه الحكومة الأمريكية بـ “العفو المصري عن المدافعين عن حقوق الإنسان، باتريك زكي، ومحمد الباقر [محامي زكي]، وكلاهما كانا محتجزين ظلماً بسبب ممارستهما للحريات الأساسية”.