محرر الاقباط متحدون
شارك أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين في تطواف مكرس للسيدة العذراء نُظم في وسط روما، ولفت إلى أن هذا التقليد العريق يستمد جذوره من التاريخ لكن باستطاعته في الوقت نفسه أن يساعدنا على عيش الحاضر بشكل أفضل. كما توقف نيافته في حديث مع الصحفيين على هامش الحدث الديني عند الالتزام المستمر من قبل الفاتيكان والكرسي الرسولي لصالح السلام في العالم والوقاية من الحروب. وقال: نسأل الرب أن يلهم عقول الأشخاص الذين يخوضون الحروب، ويمنحهم القدرة على الحوار.
التطواف التقليدي بتمثال العذراء مريم نُظم في نهر الـ"تايبر" مساء الأحد الموافق الثامن والعشرين من الجاري بمشاركة حشد غفير من المؤمنين وممثلين عن السلطات المدنية والدينية، حيث وُضع التمثال على متن قارب أبحر في مياه النهر الروماني. أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الذي شارك في الحدث ممثلا البابا فرنسيس عبر عن سروره الكبير تجاه المحافظة على هذا التقليد الروماني العريق، لافتا إلى أن هذا التقليد إيماني وثقافي في الآن معا، وهو مفيد أيضا بالنسبة لحاضرنا.
لدى وصول الكاردينال بارولين نُزع الستار من على تمثال العذارء الذي قام المسؤول الفاتيكاني بمباركته، قبل أن يوضع على متن المركب ويجول في النهر وصولا إلى جسر غاريبالدي الذي يعبر فوق جزيرة Tiberina. من هناك حُمل التمثال على الأكتاف واستمر التطواف سيراً على الأقدام إلى كنيسة القديسة مريم في حيّ Trastevere.
للمناسبة ألقى الكاردينال بارولين كلمة سلط فيها الضوء على أهمية الحفاظ على الجذور، لأن الحاضر يستمد جذوره من الماضي، لاسيما فيما يتعلق بالأمور والجميلة والطيبة. وتمنى نيافته أن تساعدنا تقاليد الماضي الجميلة والطيبة على عيش الحاضر بصورة أفضل.
يعود هذا التقليد إلى العام ١٥٣٥ عندما وجد عدد من صيادي الأسماك تمثالاً منحوتاً من خشب الأرز على ضفة نهر الـ"تايبر". وسرعان ما اعتبر المؤمنون هذا التمثال عجائبياً، وسُلم إلى رعاية الرهبان الكرمليين، الذين وضعوه في إحدى كنائس حي تراستيفيريه. ومنذ ذلك الحين بدأ المؤمنون يحتفلون بهذه المناسبة في تموز يوليو من كل عام.
على هامش الاحتفال الديني كانت للكاردينال بارولين دردشة مع الصحفيين الذين سألوه عن الدور الذي يلعبه الفاتيكان والكرسي الرسولي في المجال الدبلوماسي الدولي لصالح السلام في العالم، وشدد نيافته على أهمية عدم الانحياز، مع أن الأمر ليس سهلا، والعمل لصالح السلام بعيداً عن المصالح العسكرية والسياسية والاقتصادية، مشيرا إلى أن هذا هو الالتزام الذي يميّز الدبلوماسية الفاتيكانية، فضلا عن السعي إلى الوقاية من الصراعات المسلحة والحروب، والبحث الدؤوب عن حلول عادلة ودائمة عندما تندلع الحروب.
بعدها لفت أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إلى أن هذه المواقف لا تلقى دائماً قبولا وتفهماً من الجميع، لكن لا يستطيع الكرسي الرسولي أن يتخلى عن هذه الدعوة، وعن استعداد الفاتيكان ليكون فسحة يلتقي ضمنها الأعداء ويبحثون معاً عن أرضية للحوار والتفاوض.
تعليقاً على الأوضاع الراهنة في أوكرانيا وقطاع غزة، وإمكانية وجود هامش للحوار يوقف الحرب، اعتبر نيافته أن المسألة تتعلق بغياب الثقة، لافتا إلى أن التفاوض يبدأ عندما يتوفر حدٌ أدنى للثقة. وختم المسؤول الفاتيكاني يقول: لنسأل الله أن يلهم عقول جميع الأشخاص المورطين في الحروب والصراعات المسلحة وأن يمنحهم القدرة على الجلوس إلى طاولة الحوار مع الآخرين.