محرر الأقباط متحدون
على الرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية بشأن ضحايا العبودية والعنصرية في موريتانيا إلا أن مختلف مكونات المجتمع ما تزال تعاني من هاتين الآفتين بشكل يومي. عن هذا الموضوع تقول عالمة المجتمع والناشطة النسوية الموريتانية Dieynaba NDiom إن ما يجري في البلاد هي ممارسات تشكل تعدياً خطيراً على الكرامة البشرية، مشددة على ضرورة أن يلتزم القضاء بشكل أفضل في مكافحة العبودية.
في مقابلة مع موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني قالت السيدة نديوم إننا يمكن أن نرى اليوم وجود العبودية في موريتانيا والتي تتخذ أشكالاً عدة، مشيرة إلى أنه البلد الوحيد الذي توجد فيه محكمة معنية بمكافحة العبودية ما يدل على وجود هذه الظاهرة، بالإضافة إلى ظاهرة العنصرية، وهذا واقع ما يزال قائماً في القرن الحادي والعشرين، وليس جزءا من الماضي كما يعتقد كثيرون.
بعدها أشارت عالمة المجتمع الموريتانية إلى أن العديد من الأشخاص يعيشون اليوم في حالة من العبودية، إنهم أشخاص لا يتمتعون بالحرية في التنقل، ولا يتمتعون بالحق في التعليم، إنهم يخضعون لأشخاص آخرين يستغلونهم كما يشاؤون. ولفتت إلى وجود أشخاص تحرروا من العبودية، وآخرون ما يزالون من ضحايا هذه الآفة ولا يملكون أي قرار بشأن حياتهم سوى تنفيذ رغبات أسيادهم. وأوضحت السيدة نديوم أن موريتانيا تضم مكونات لغوية وثقافية وعرقية، مشيرة إلى أن آفة العبودية ما تزال موجودة بنوع خاص وسط السود، لاسيما جماعات الولوف والبولار والسونينكي، وهم فئة من المجتمع ما تزال تعاني من التمييز العرقي، ويُنظر إليهم على أنهم من نسل العبيد. فيُعتبر هذا المواطن أقل درجة من باقي المواطنين. وأضافت أن أشكال العبودية الأكثر شيوعاً في موريتانيا هي التي يمارسها العرب والبربر بحق الجماعات المعروفة باسم "هاراتين".
لم يخل حديث الناشطة النسوية الموريتانية من التطرق إلى أوضاع المرأة في البلاد، موضحة أن النساء يدفعن غالباً الثمن الأعلى لهذه الظاهرة، خصوصا لأن المرأة تتعرض للاغتصاب الجنسي المتكرر، بالإضافة إلى العنف الجسدي والنفسي. وهن نساء لا يتمتعن بكرامتهن البشرية ويعتمدن على رغبات أسيادهن، الذين هم الذكور داخل القبيلة. وحتى العبيد السابقين، تابعت تقول، لم يتحرروا بالكامل من هذا الوضع والأمر يعود أيضا إلى مشكلة غياب التعليم، مضيفة أنه من الصعب جداً أن يتمكن الإنسان من الاعتماد على نفسه إن لم يُربى على ذلك. وتحدثت في هذا السياق عن وجود أشخاص لا يريدون التحرر من العبودية إذ يقولون إنهم يفضلون البقاء عبيداً طيلة حياتهم، لأنهم لم يتعلموا الاعتماد على أنفسهم، وإذا ما تحرروا من العبودية يشعرون بالضياع، ويبقون عاجزين عن الاندماج في المجتمع.
فيما يتعلق بالعنصرية، أكدت السيدة نديوم أنها واقع موجود بشكل شائع جدا في المجتمع الموريتاني، إذ إنها آفة يعاني منها كل شخص أسود البشرة، بغض النظر عن كونه ولد حراً أم لا، وعن الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها. فكل السود يتعرضون للعنصرية بشكل أو بآخر. ولفتت على سبيل المثال إلى أن موريتانيا لم تعرف منذ تأسيسها رئيساً أسود، كما لا يوجد مواطنون سود يملكون جهاز التلفزيون أو الراديو، ولا يشغلون مناصب مسؤولة. وهم يبقون الحلقة الأضعف في المجتمع الموريتاني، ولا يحصلون على تعليم جيد أو على الرعاية الصحية المطلوبة، ويُستبعدون عن الكثير من فرص العمل. وذكّرت عالمة المجتمع في الختام بعمليات الإبادة التي شهدتها البلاد بين عامي ١٩٨٦ و١٩٩٢ والذي ذهب ضحيتها المواطنون السود. وختمت بالقول إن العبودية ألغيت رسميا في موريتانيا عام ١٩٨١ ومع ذلك لم تحاكم سوى قلة قليلة من الأشخاص المسؤولين عن هذه الجريمة.