ألفي كامل شنّد
ينبع أهتمام الكنيسة الكاثوليكية بمدارس للتعليم العام من الاعتقاد ان الايمان والعلم جناحان للمعرفة والوصول للحقيقة . واعتيار المعرفة أحدى طرق الخلاص ، فقد أرسل الله أنبياء عبر التاريخ لشعبة لاجل الارشاد والتعليم تمهيدا للخلاص على أيدي المسيح. والمرء لايصبح مسيحيا بمجرد الإيمان بالعقيدة المسيحية والعمل بتعاليم المسيح ، وإنما التحول إلى إنسان جديد (إنظر رسالة بولس إلى أهل أفسس ، الإصحاح الرابع) فى فكره وأخلاقه وسلوكه وأعماله . وخلع الإنسان القديم، والتحول إلى إنسان جديد على صورة المسيح . لهذا تلح الكنيسة الكاثوليكية في العديد الوثائق الرسمية، جميع الحكام أو الذين يشرفون على شؤون التربية، أن يحذروا ألا يحرموا الشبيبة أبدأ هذا الحق المقدس، ويخص أبناء الكنيسة أن يعملوا بكل سخاء في حقل التربية الشامل. وتعطي الكنيسة الكاثوليكية المدرسة أهمية خاصة ، بين كل وسائل التربية.للمدرسة. وفي هذا الحقل تشرف الكنيسة الكاثوليكية على نحو مليون ومائتين وخمسين الف مدرسة ، ومايقرب من ألف وثلاثمائة جامعة منتشرة في مختلف القارات. وفي هذا الصدد يقول المؤرخ الامريكي للعلوم لورانس برينسي : » من الواضح في السجل التاريخي ان الكنيسة الكاثوليكية كانت على الارجح أكبر وأحد أهم رعاة العلم في التاريخ ، وان العديد من المساهمين في الثورة العلمية كانوا من الكاثوليك . وكانت المدارس الكاثوليكية العديدة من ذات التاثيرات الرئيسية على صعود التعليم الحديث«. ويضيف جورج مينو فى كتابه "الكنيسة والعلم . فيقول : » ان الكنيسة التي أعلنت دوما الخلاف بين الإيمان والعلم، هي التي أنتجت العديد من أساطين العلماء، فساهمت في تقدم بعض المواد العلمية «. خصائص المدرسة الكاثوليكية:

. تختلف خصائص المدارس الكاثوليكية بشكل كبير من بلد إلى آخر من حيث الفئات المستهدفة، المناهج المختارة، مكانة المدرسة. وفي مصر أنشاء الاباء الفرنسيسكان أول مدرسة في حي الموسكي سنة 1732م لتعليم الاجانب والمصريين . وبتشحيع ودعم من الخديوي أسماعيل ومن بعده الخديوي عباس واميرات الاسرة العلوية الحاكمة في نطاق مشروع بناء دولة حديثة وتبنى أدخال التعليم الحديث لإعداد موظفين للعمل في داووين الدولة . قدم الى مصر عدد من الارساليات الكاثوليكية والبروتستانتية للعمل في حقل التعليم . ومنذ ذلك الحين تحتل المدرسة الكاثوليكية مكانة مرموقة في المجتمع المصري . ومن مقاعد تلك المدارس تخرج العديد من الاجبال للعمل في دواوين الدولة وحقل الفنون والعمل السياسي.

ومع انه ليس هناك " تربية مسيحية" بمعنى "علم مسيحي للتربية" . "لكن توجد عناصر معينة على أساسها يتم تقييّم رسالة المدارس الكاثوليكية ، وممارساتها وأنشطتها التربوية ، والدور المنوط ان تؤديه في المجتمع. هذه العناصر الثابتة فى التربية بالمدارس الكاثوليكية.

يحدده بحث علمى للبروفيسور جي أفانزيني، أستاذ التربية في الجامعة الكاثوليكية بمدينة ليون الفرنسية ، فى الاتى: - القناعة الراسخة بضرورة التربية : ترى الكنيسة الكاثوليكية ان التربية أحدي مقومات خلاص الانسان ، حيث يروى الكتاب المقدس ، أن الله ربّى شعبه وقاده عبر القرون لأجل مجيء المسيح لاتمام الخلاص . وقد كرّس يسوع المسيح حياته العلانية لتعليم وتربية تلاميذه ، واطلق عليه اليهود وتلاميذه لقب المعلم. كما أنشأ الكنيسة لتكملة هذه المهمّة. هكذا يبدو من الكتاب المقدس أن عمل الله الخلاصي هو عمل تربوي بحت. وتعتبر الكنيسة الكاثوليكية كل عمل تربوي عمل تمهيدي لخطة الله لخلاص الإنسان. لهذا السبب دافعت الكنيسة باستمرار عن حق الأطفال في التربية واعتبرت التربية بكل أشكالها جزءً من رسالتها. - القناعة بقدرة التربية خلق الانسان الجديد  وهي ليست نظرية مرجعها علم النفس أوعلم الاجتماع، بل لأسباب لاهوتية في الاساس أنّ يسوع المسيح، عندما اكتسب صفة بشرية ، جعل الجميع قادرين على السير في طريق الكمال..

هذه القناعة كانت راسخة لدي كل مؤسسي الرهبانيات التي تبنت رسالة التربية ، وأنشئت المدارس لتعليم النشء مثل القديس دون بوسكو مع اطفل الشوارع في مدينة "تورينو" الفرنسية وأصبح أثنان من من زمرة تلك الاطفال في سجلات الكنيسة الكاثوليكية طوباويان ! من هذه القناعة يعتبر المربّي في المدارس الكاثوبيكية عمله التربوي مشاركة في رسالة مقدسة ، يستحق ان يكرس رهبان وراهبات وعلمانيون حياتهم لخدمة التربية والتعليم - الاهتمام بتكوين كل الانسان وأي إنسان.: تعتقد الكنيسة الكاثوليكية ان مجّد الله كما يقول القديس ليريانوس هو الإنسان الحي. وهو مخلوق ينمو وتطوّر ومدعو الكمال. وان نضوج وكمال الانسان لاتتحقق إلا بتنمية كافة جوانب شخصيته العقلية والوجدانية والبدنية. وذلك عبر عدد من الانشطة الوجدانية والاحتماعية والثقافية غير صفية . لذا تحتل الانشطة التربوية أهمية خاصة في البرنامج المدرسي . فهي مدارس لاتبغي الربح، ولاتقتصر رسالتها على تزويد الطلاب المعارف والمهارات و تأهيله الوصول إلى أعلى الوظائف والمناصب.

ولكن هي تهدف في المقام الأول إلى إبراز أهداف ومعاني الحياة ودوافعها المرتكزة على القيم اﻹنجيلية. وهي مدارس مفتوحة الجميع. فمحبة وخدمة المسيح خلال حياته على الارض أمتدت أيضا حسب ما تروى الاناجيل إلى الكنعانين والسامرين ممن كانوا يصنفهم اليهود وثنيين وأعداء . . ويطالب البابا فرنسيس فى كل لقاء مع المربين والعاملين فى المدارس انسنة التربية وتنمية روح الحوار و الانفتاح على الاخر . -القناعة بأهمّية عنصر الزمن : تستهدف التربية التأثير على المدى الطويل. وتبادر الكنيسة دائما ببدء التكوين في سن الطفولة وتساهم في إنشاء وتطوير علم وفنّ التربية، مثل ما عمل الله في تربية الشعب عبر التاريخ. وعلى غرار المسيح الذي أهل نفسه لحياة البشارة العلانية القصيرة بثلاثين ستة من حياته في الخفاء والصمت. تحتاج المدارس معلمين واداريين يؤمنون بأهمية التربية ومؤهلين لهذا العمل النبوي .