ديڤيد ويصا
من طفولتي وانا في كنيسة كانت قريبة من بيتنا ..
بس عُمري ما حبّيتها ولا فرق معايا أي حاجة روحيّة فيها ..
كان قريبي من سّني وبنروح مع بعض الاجتماعات والقُدّاسات!
لما كان بابا يتفق معايا اقرا الكتاب في البيت..
كنت اقرا كام يوم من "التكوين" وازهق ومكمّلش ..
لحد ما في يوم كُنّا في المصيف، كنت في تانية ثانوي ساعتها ..
وكان قريبي هيغرق (واحد تاني غير الأولاني)، وهو تقريبًا من سِنّي بردو ..
بلليل واحنا قاعدين سألته: مكُنتِش خايف من الموت؟
قال لي لأ، لأني سلِّمت حياتي للرب يسوع وعارف انا رايح فين!
وبدأ يكلّمني عن الرب يسوع ويعني إيه اسلّم حياتي ليه ..
وادّاني كام نُبذة خلاصيّة بتتكلّم عن الموضوع ده!
الموضوع مجاش معايا فجأة ولا تحوُّل ضخم في حياتي ..
لكنه جه تدريجيًّا من يوم ما قريبي التاني اتكلّم معايا!
--
وقتها حرّكني الخوف من الموت ..
لكن مع الوقت بقيت بحب الكتاب المقدس ..
كنت بقعد اقرا فيه بالساعات طول الليل ولحد الصُّبح ..
وكأن واحد محروم من الأكل فجأة لقى سفرة مليانة أكل ..
وبقيت بروح كنيسة تانية اتعلّمت فيها كلمة الله ..
وكنت في نفس الوقت بقرا كل الكتب اللي في مكتبة بابا ..
كان أغلبها دفاعيّات ورد على اتهامات الشيوخ للكتاب المقدس ..
مكنش اهتمامي خالص، بس ده اللي كان قُدّأمي ساعتها!
--
ليه أنا بحكي القصّة دي، اللي ممكن متِفرِقش مع حد؟
لأن اللي بيجيبنا لله مش دايمًا بيكون الحُبّ ..
لكن أوقات كتير بيكون الخوف ..
يمكن دي متكونش أصح حاجة في وجهة نظر ناس كتير ..
بالذات الناس اللي اتربّوا في كنايس كتابيّة وبيوت مؤمنين ..
لكن الكتاب بيقول:
"ارحموا البعض مُميّزين ..
وخَلّصوا البعض بالخوف، مُختطفين من النار" (يه٢٢:١-٢٣)
يعني فيه ناس هتيجي لله من خلال الرحمة، لأنهم محتاجين يترحموا ..
وناس تانية هتيجي لله بالخوف، لأنهم محتاجين يخافوا ..
مش مهم السبب اللي هييجوا عشانه أو بسببه ..
لكن الأهم ان كلهم في رحلتهم مع الله بعد كده ..
هيعرفوه أكتر ويحبّوه أكتر لأنهم هيكتشفوا أبوّته وحبّه اللي ملوش مثيل ..
ومهما كانت دوافع البدايات، هيكمّلوا معاه بدافع الحُبّ ..
هتفضل مخافتهم ليه في قلوبهم مش هتمشي ..
بس هتتحوّل مع الوقت لاحترام ومهابة ليه ولكلمته ..
لأنهم بيحبّوه وعاوزينه وفارق معاهم العلاقة معاه ..
مش لأنهم خايفين من عقابه ولا بس عاوزين مكافأته ليهم ..
والمتعة هتكون في التبعيّة والرحلة نفسها، وطبعًا هتكتمل في الأبديّة!
--
الخلاصة:
متحرموش الروح القدس من حقّه وسلطانه ..
إنه يشوف الطريقة المناسبة اللي يجذب بيها ناس للمسيح ..
وفي نفس الوقت سيبوا الناس في رحلتها مع الله ..
تكمّل بحسب معاملاته معاهم وتشكيله ليهم ..
ولا توعظ الناس بالخوف طول الوقت وترعبهم، وكأن الله رعب بس ..
ولا توعظ الناس بالحب طول الوقت وتبسطهم، وكأن الله دلع بس ..
لكن سيب الروح القدس يقودك ويقودهم للي الله عاوز يجذبهم من خلاله ..
ميّز ان بعض الناس محتاج رحمة، إياك ترعبهم أكتر ما هُمّا موجوعين ..
وبعض الناس محتاجين يخافوا، إيّاك تطمّنهم لئلا يكمّلوا في خطيتهم واستباحتهم!
وافتكر ان الرب يسوع اللي منع حجارة الموت عن الزانية، قال له:
"اذهبي ولا تُخطئي أيضًا" (يو١١:٨)
وهو بردو اللي بعد ما شفى العاجز اللي بقاله ٣٨ سنة، قال له:
"لا تخطئ أيضًا، لئلّا يكون لك أشَرّ" (يو١٤:٥)