ياسر أيوب

ستبقى لاعبة الجمباز الأمريكية سونيسا لى صاحبة حكاية استثنائية جميلة ومهمة.. حكاية سيحبها كل مَن يبحثون عن الأفضل ويحترمون العلم ويعرفون أن البطولة ليست مجرد موهبة ونوايا طيبة.. ولن يحبها أو يهتم بها مَن يريدون الفوضى وبقاء كل شىء على حاله ويخافون ويرفضون أى تغيير قد يطيح بهم خارج المشهد الرياضى، ففى دورة طوكيو الماضية.

 

كانت سونيسا فى الثامنة عشرة من عمرها، وفازت لأمريكا بثلاث ميداليات.. ذهبية وفضية وبرونزية.. وعادت سونيسا من طوكيو تحلم بإنجاز أكبر فى باريس، إلا أنها فوجئت العام الماضى بجسدها يتورم من وجهها حتى أنكل القدم.. وبالإضافة إلى ذلك ضغط دم مرتفع وأرق مزمن وإعياء مستمر ومشكلة فى التبول والتنفس وعدم قدرة على التركيز.

 

وبعد فحوصات وتحاليل صارحها الأطباء بأنها مصابة بمرضين نادرين فى الكليتين، وأنهم سيحاولون علاجها، لكنها لن تستطيع العودة إلى الملاعب مرة أخرى.. بل إنه لم يعد باستطاعتها مواصلة دراستها أيضًا.. وبعد علاج طال ستة أشهر فى مستشفى مايو كلينيك.. أخبرها الأطباء فى يناير الماضى بإمكانية عودتها إلى التدريب، لكنهم لا يعرفون هل ستعود إلى سابق مستواها وأدائها أم لا.

 

وعادت سونيسا إلى المنتخب الأمريكى، الذى بدأ استعداده للمشاركة فى باريس.. وبدأت تدريباتها تحت إشراف فنى لجيس جرابا ورعاية طبية للدكتورة مارسيا فوستين، المسؤولة عن المنتخب الأمريكى للجمباز، وبعد قليل.. تأكد جيس جرابا أن سونيسا استعادت لياقتها البدنية، واستعاد جسدها المرونة اللازمة للجمباز، وتأكدت الدكتورة مارسيا أيضًا أن سونيسا لم تعد تشكو مرضًا يمكنه منعها من اللعب والمنافسة.

 

لكن بقيت المشكلة الحقيقية هى أن سونيسا نفسها باتت خائفة من المشاركة الأوليمبية، وتظن أنها بعد كل ما جرى لن تستطيع مجاراة زميلاتها الأمريكيات ومنافسة بطلات العالم فى باريس.. وتأكد الأمريكيون وقتها أن سونيسا بهذا الخوف ستخسر فى باريس مهما تألقت فى التدريبات ومهما ارتفعت لياقتها الفنية والبدنية.. فلا أحد يفوز إلا إن كان فى داخله يريد الفوز ويشعر أنه يستطيع ذلك.

 

أدرك الأمريكيون أيضًا أن المهمة الأخطر الآن ليست فنية أو طبية، إنما نفسية.. وبدأت الرعاية النفسية لسونيسا وإلغاء الخوف داخلها واليأس.. وبالفعل سافرت سونيسا إلى باريس مع زميلاتها، وفازت من جديد فى الدورة الأوليمبية الحالية بميداليتين ذهبية وبرونزية.. وأثبت الأمريكيون من جديد ما أصبح يعرفه العالم حولنا، وأن الإعداد النفسى للاعبات واللاعبين ليس رفاهية يمكن الاستغناء عنها.

 

 

وأن إعداد البطل الأوليمبى ليس مجرد تدريبات متتالية ومعسكرات إعداد وأموال يجرى إنفاقها دون وعى وتخطيط.. لكنه نفسى بالمقام الأول حتى لا يذهب اللاعبون ويخسروا قبل أن يلعبوا.

نقلا عن المصرى اليوم