د.أمير فهمى زخارى
"اللي ما يعرفش يقول عدس"، جملة ترددها أفواه المصريين في شوارع المحروسة، تتوارثه الأجيال عبر السنين، وتتناقله الألسن كمثل شعبي من التراث لا يفنى ولا يتوارى بمرور الزمن، ولكن وسط ترديده يجهل الكثيرون أصل ذلك المثل الشعبي، الذي حمل في طياته معنى ومغزى.
 
بطل القصة تاجرا كبيرا، امتلك متجرا لبيع البقوليات من عدس وفول.
 
ذاع صيت ذلك التاجر بحبه المفرط لزوجته، وشهد له أهل الحي كلهم بذلك الحب والتفاهم والثقة بينهما، وكان محبوبا أيضا بن المحيطين به، ذو سمعة طيبة وذكي في تجارته، وفي أحد الأيام، اضطر إلى السفر خارج بلاده لإتمام إحدى صفقاته التجارية، وعند عودته فوجئ بزوجته في أحضان أحد صبيانه في المتجر.
 
فزع الشاب لمجرد رؤية التاجر، ولاذ بالفرار، وانتفض وراءه الأخير راكضا خلفه، فتعثر الشاب بشوال العدس الذي أحضره التاجر من رحلته، فتساقطت حبات العدس في المكان وتناثرت في الأرض التي أصبحت مغطاة بأكملها بالعدس.
 
شاهد الأهالي التاجر يركض خلف الشاب، والعدس المتناثر في الأرض، فظن الكثيرون أنه يركض خلف اللص الذي سرق العدس ويهرول مفزوعا خائفا، فما كان من الأهالي سوى أن يوقفوا التاجر عن ركضه، ولومه على ما يريد أن يعاقب به الشاب، متسائلين: "هل كل هذا الركض والعبث بسبب شوال عدس؟ ألا يمكنك مسامحته؟"، فما كان من الزوج المسكين إلا أن يتوارى عن الفضيحة التي سببتها زوجته الخائنة، ويخفي السر داخله، ليصيح بينهم بلسان متثاقل قائلا: "اللي ما يعرفش يقول عدس".
 
ومنذ تلك الواقعة، تم تداول الجملة بين الناس، وتحمل في مغزاها معنى الذي يصدر الأحكام ويتداول الحديث، دون معرفة السبب الحقيقي وراء الواقعة.