يصف خبراء العلاقات بين موسكو وكل من طهران وتل أبيب بـ"الجيدة" و"المعقدة" في الوقت ذاته، وسط توقعاتهم بأن تستغل موسكو التصعيد الإيراني-الإسرائيلي، لتوجيه ضربة لواشنطن، من الشرق الأوسط.

 
ويوضح محللون سياسيون، لموقع "سكاي نيوز عربية"، حدود التعاون الممكن بين موسكو وطهران، بشأن الرد الذي توعدت به إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، على أراضيها، والذي تتهم تل أبيب بالوقوف من ورائه، واحتمال ظهور السلاح الروسي في هذا الرد، خاصة مع وضع طهران على خريطة الحلفاء والأصدقاء لروسيا.
 
ويوم الإثنين، زار وفد روسي برئاسة سيرغي شويغو، أمين مجلس الأمن القومي الروسي، إيران، والتقى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي أكبر أحمديان، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، وبحث الوفد مجالات التعاون والوضع الأمني في الشرق الأوسط.
 
وفي ذات السياق، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين إيرانيين، قولهم إن طهران طلبت من موسكو أنظمة دفاع جوي متطورة، وإن روسيا بدأت في تسليمها رادارات ومعدات دفاع جوي.
 
علاقة "معقدة"
من موسكو، قالت الباحثة في الشؤون الروسية، لانا بدفان، إن زيارة وفد أمني روسي لإيران هو أمر متوقع، وذلك نتيجة الحصاد المثمر لعلاقات البلدين، خاصة بعد العملية العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية، إذ صنفت روسيا الدول الصديقة والحليفة والدول غير الحليفة، وإيران مصنفة ضمن الصديقة والحليفة.
 
وفيما يتعلق بطلب إيران أنظمة دفاع جوي من موسكو، قالت إن هذا يندرج تحت التعاملات العسكرية وعملية الشراء والبيع؛ أي الاقتصاد العسكري، والجميع يعلم أن روسيا تزود عددا كبيرا من الدول بالصواريخ والأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي.
 
أما بالنسبة إلى حضور السلاح الروسي في الرد العسكري الإيراني على إسرائيل، فاعتبرته الباحثة "أمرا طبيعيا؛ فإيران تستورد أسلحة منذ سنوات من الجانب الروسي، تضم أنظمة دفاع جوي وصواريخ متطورة؛ لذلك فإن مشهد ضرب أسلحة روسية للأراضي الإسرائيلية هو مشهد يمكن أن نتوقعه".
 
وسياسيا، فإن الموقف الروسي من التصعيد الإيراني الإسرائيلي، تصفه لانا بدفان بأنه "موقف يمكن أن نصفه بالحيادي" حتى هذه اللحظة؛ لأن روسيا لديها أيضا علاقات سياسية اقتصادية دبلوماسية اجتماعية مع الجانب الإسرائيلي، وموسكو تتمتع بعلاقات جيدة مع كلا الطرفين.
 
رد "منضبط"
ووفق الباحثة، فإن روسيا أشارت أيضا إلى أنه يمكن للجانب الإيراني أن يرد على مقتل إسماعيل هنية، لكن لن يصل الأمر لحرب إقليمية؛ لأنها غير مستعدة لها، وأوصلت رسائل غير رسمية عبر قنوات دبلوماسية للجانب الإسرائيلي؛ فكلا الجانبين يعي الموقف الروسي من الصراع، وهو أن موسكو غير معنية بالحرب، لكنها تحترم رغبة إيران بالرد.
 
ويوم الإثنين، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر إيرانية قولها إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، طلب من المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، أن يكون الرد على إسرائيل "منضبطا"، وأن يتجنب سقوط ضحايا مدنيين.
 
كما ذكرت الوكالة أن طهران تضغط على موسكو لتسليمها طائرات مقاتلة من طراز "سو 35".
 
وسبق أن تحدثت تقارير عن أن إيران تسلمت من روسيا أنظمة الصواريخ الباليستية التكتيكية "إسكندر"، ونظام الحرب الإلكترونية الاستراتيجي "مور مانسك بي إن"؛ ما ساعد طهران على تسريع تقدمها في الدفاعات الجوية.
 
مواجهة واشنطن عبر إيران
وعن إمدادات الأسلحة بين موسكو وإيران، يقول الباحث الأكاديمي الإيراني، آراش عزيزي، إن طهران تستفيد بالفعل من أنظمة الدفاع الجوي الروسية "إس 300"، كما قدمت إيران دعما عسكريا لروسيا في حرب أوكرانيا (في شكل طائرات مسيرة إيرانية)، لكن موسكو رفضت مرارا وتكرارا الطلب الإيراني بالحصول على أنظمة "إس 400" الأكثر تطورا.
 
ويرجع عزيزي ذلك إلى أن موسكو "لا تزال ترفض إزعاج إسرائيل كثيرا، خاصة أنه لا يوجد سبب لذلك، ومعروف أن الرئيس بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتمتعان بعلاقة جيدة".
 
وبناء على ذلك، يقول الباحث الإيراني، إن العلاقات الاستراتيجية بين موسكو وطهران، لا يبدو أنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة، وربما موسكو لا تكون مهتمة بالدخول في حرب مع إيران ضد إسرائيل.
 
وعاد عزيزي ليؤكد أنه مع ذلك، فإن موسكو "مهتمة بمواجهة الولايات المتحدة عبر إيران؛ ونتيجة لذلك، قد يكون هناك اتفاق تساعد فيه موسكو إيران بموارد عسكرية، على ضرب القواعد الأميركية في سوريا والعراق، دون الانضمام إلى أي هجمات على إسرائيل".
 
وتتهم موسكو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالعمل على إطالة أمد حرب أوكرانيا، عبر فتح مخازن أسلحتهما وميزانياتهما للجيش الأوكراني الذي تسلم مؤخرا طائرات "إف-16" المقاتلة الأميركية.