مدحت بشاي
معلوم أن الشعب الحى المتفاعل يجب أن يظل دائمًا على اتصال وجدانى وإنسانى بتاريخه، لأن للتاريخ قوة هائلة على وضع علامات التحذير والتحفيز على التجدد والتصويب، فالتاريخ يقدم نماذج حية معلنة للناس، فإذا كنا اليوم نعنى بتاريخ الحضارات التى انتهت إلى العالم الحديث، فلا أقل من أن نجعل حضارتنا المصرية نموذجًا، لا للاحتذاء أو حتى المحاكاة، وإنما للإيحاء والانطلاق بقيمها إلى الأمام.

ولا ريب أن التاريخ القومى لأهله مكون قيمى وأخلاقى، يحرك فينا نشاطًا جديدًا، ونتعلم منه الشىء الكثير، ولا أقصد أن يدرس تاريخنا على طريقة «تلك آثارنا» أو «نحن أول من...»، أى لمجرد التفاخر بشيفونية ذميمة، بل يدرس كما يرى السندباد المصرى «الحسين فوزى» ونصب عين القائم على تدريسه السهر على بقاء خمسة آلاف عام من تاريخنا حية فى نفوسنا، ماثلة لخيالنا، وبرامج تدريس التاريخ يجب أن تصاغ صياغة جديدة.

بحيث يتابع التلميذ دراستها أطول مدة ممكنة، وتشرح له فى أطوارها كلها، مبسطة سهلة فى المرحلة الأولى، ثم يعود إليها فى المراحل التالية بشىء من التفصيل، ولا داعى لحشد ذاكرة التلاميذ فى المرحلة الأولى بأسماء ملوك لم يبق منهم إلا اسمهم فى الأغلب، ولا بأرقام سنوات يعترف المؤرخون بأنهم يخطئون فى بعضهم بالمائة وبالخمسمائة سنة، ويسأل «السندباد»: لماذا نجبر التلميذ على معرفة الثلاثين أسرة فرعونية؟..

وعليه، أسعدنى ووقع فى وجدانى موقع الفرح والسرور والامتنان، صدور قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى وتوجيهاته بضرورة إعادة كتابة التاريخ المصرى لتمكين المواطن المصرى من معرفة حقائق الأحداث عبر الماضى الثرى بوقائع الإنجازات والانتصارات عبر كل مراحل النضال الوطنى العظيم.

وقد يكون من بين أهم أسباب بروز تلك الحالة من العطش المعرفى لأحوال وإنجازات المواطن المصرى القديم وأحواله عبر التاريخ وتعاقب الحضارات، هذه الحال التى عليها كتب ومناهج التاريخ والجغرافيا والتربية الاجتماعية، والتى يجمع أهل الاختصاص على افتقادها عوامل ومظاهر الجذب وتركيزها على أن تحتشد صفحاتها بالأسماء والتواريخ المطلوب حفظها وترديدها وتفريغها بشكل آلى ممل وغير نافع.

لم تكن الجغرافيا وحدها كما يتصور البعض وراء هذا النجاح العظيم فى أن تقوم مصر عبر التاريخ بشكل عام، وبشكل خاص فى الفترة الأخيرة بدور إقليمى وعربى وعالمى محورى مؤثر.. حيث تبقى القضية الفلسطينية (والتى أطلق عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى قضية القضايا) ودور مصر التاريخى فى صدارة القضايا التى تقدمت فيها مصر الصفوف عربيًا وإقليميًا.. نتوقف هنا عبر بعض عناوينها:

■ فى عهد الملك فاروق، كان اجتماع ملوك ورؤساء وممثلى ٧ دول عربية فى «إنشاص» للتباحث فى قضية فلسطين ومواجهة هجرة اليهود للأراضى الفلسطينية.

■ وفى عهد الرئيس جمال عبدالناصر تصدرت القضية الفلسطينية اهتماماته لذا كانت دعوته لعقد مؤتمر الخرطوم، كما كان لمصر دور كبير فى توحيد الصف الفلسطينى من خلال اقتراح إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية.

■ وفى عهد الرئيس أنور السادات تعددت مطالبات السادات بحقوق الشعب الفلسطينى خلال خطابه الشهير فى الكنيست الاسرائيلى مطالبًا بالعودة إلى حدود ما قبل ١٩٦٧.

■ وفى زمن الرئيس حسنى مبارك ٢٠٠٣ أيدت مصر وثيقة «جنيف» بين الإسرائيليين والفلسطينيين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع فى المنطقة.

لقد ساندت «مصر/ السيسى» فى المرحلة الأولى من العمل على تهدئة الأوضاع فى غزة وصولًا لتحقيق وقف إطلاق النار، وعقب تحقيق التهدئة دخلت كتائب التعمير غزة للقيام بإعادة الإعمار وبدعم مالى مصرى.

ولا شك أن انعقاد قمة «القاهرة – السلام» التى دعا إليها الرئيس والاستجابة العالمية للدعوة فى زمن قياسى وبحضور عدد من زعماء وقادة العالم من أجل القضية الفلسطينية قد عكس دور مصر المحورى الهام فى المنطقة.
نقلا عن المصرى اليوم