ياسر أيوب
لم تخسر الكرة المصرية ميدالية البرونز الباريسية بالستة أهداف المغربية، إنما خسرت مصر المباراة قبل أن تلعبها.. خسرت مصر لأنها الدولة الوحيدة فى كل ألعاب دورة باريس الحالية التى أقامت حفلات تكريم صاخبة لمدرب منتخبها الكروى قبل أن يحقق أى إنجاز حقيقى.. خسرت مصر لأن جمهورها وإعلامها اعتبروا أن ميكالى مدرب عبقرى نجح فى أن يحيل الفسيخ إلى شربات ثم عاد الجميع يسخرون من خسارة الفسيخ.. خسرت مصر لأن قضيتها الأساسية والكبرى لم تكن الفوز بميدالية كروية لأول مرة بقدر ما كانت الانشغال بمن الذى اختار ميكالى وهل هو محمد بركات أم حازم إمام.. خسرت مصر لأنها اعتبرت الفوز على إسبانيا هو نهاية المهمة واكتمالها، باعتبار المنتخب أدى ما عليه وليس مهما ماذا سيحدث بعد ذلك.

وأخيرا، خسرت مصر نتيجة ثقافة رياضية كروية ورياضية قديمة ودائمة وأيضا وقائع جديدة وحالية.. فالثقافة القديمة والدائمة هى أننا صغار نلعب وسط الكبار ومجرد أن نفوز على أحد الكبار نعتبره بطولة ترضينا وتغنينا عن أى بطولة حقيقية.. ففى مباراة ميدالية البرونز فى أمستردام ١٩٢٨ خسرنا أمام الأرجنتين بأحد عشر هدفا؛ لأن بطولتنا الحقيقية كانت فوزنا فى دور المجموعات على تركيا بسبعة أهداف.. وفى مباراة ميدالية البرونز فى طوكيو ١٩٦٤ خسرنا أمام المجر بستة أهداف؛ لأن بطولتنا الحقيقية كانت التعادل مع البرازيل وفوزنا فى دور المجموعات على كوريا الجنوبية بعشرة أهداف.. وأصبحنا الدولة الوحيدة فى التاريخ الأوليمبى التى احتلت المركز الرابع ثلاث مرات؛ لأنه مركز يكفينا ويناسب طموحنا المحدود.. ويمكن رؤية هذه الثقافة فى ألعاب كثيرة وليست كرة القدم فقط؛ حيث إننا لا نرى أنفسنا خارج إفريقيا نستحق بطولة أو ميدالية.

أما الوقائع الجديدة، فكان منها إعلان ميكالى قبل دورة باريس أنه لن يسافر إذا لم يستطع ضم الثلاثة لاعبين الكبارالذين يريدهم.. وبقدر ما كان هذا الإعلان خنجرا غرسه ميكالى فى ظهر لاعبيه باعتباره لا يثق فيهم ولا يكتفى بهم.. فقد كان إعلانا صادما أيضا من مدرب تولى مهمته فى أغسطس ٢٠٢٢ بقصد تشكيل وإعداد منتخب أوليمبى حقيقى يليق بمصر، وكانت أمامه سنتان كاملتان لمراجعة أحوال لاعبيه ومستواهم بعيدا عن الثلاثة الكبار الذين سيضمهم.. كما أننا اعتبرنا أن انتقاد ميكالى فى أى مباراة كأنه انتقاص من مكانته وقدره كمدرب.. وبالتالى لم يجرؤ أحد على الحديث عن سوء إدارة ميكالى لمباراتنا أمام فرنسا فى قبل النهائى.. وليس جديدا أى كلام يقال عن خطايا اتحاد الكرة الذى لم يهتم بهذا المنتخب الأوليمبى وإعداده إلا فقط عند السفر إلى باريس ليسافر مسؤولو الاتحاد وموظفوه أيضا.
نقلا عن المصري اليوم