د. وسيم السيسي
أكتب إليكم من الأردن، هذا البلد الشقيق الجميل، بدعوة من الفنان الموهوب فادى خلدون، ووالده الفنان العالمى خلدون الداوود. استقبلنا مجموعة من الأصدقاء، الطبيب الفنان والمخرج الدكتور مدحت العدل، رجل الأعمال إياد عبدالله، عواد حماد، صابر الدكن.

رتب لنا الفنان فادى الداوود زيارة المغطس، أى المكان الذى تعمد فيه السيد المسيح فى نهر الأردن، استقبلنا المهندس رستم مكجيان، مدير عام هيئة موقع المغطس، وصاحبنا دكتور عبدالعزيز قفطان، مساعد المدير العام، وكانت المفاجأة أن الموقع الذى نزل إليه السيد المسيح فى نهر الأردن كان جافًّا!!. عرفنا أن إسرائيل حولت المياه من بحيرة طبرية التى كانت تغذى نهر الأردن إلى صحراء النقب. ذهبنا إلى مكان آخر من النهر، وجدنا به مياهًا ضحلة ينزل إليها الزوار حين تمتلئ فى بعض فصول السنة.

ذهبنا بعد ذلك إلى منتجع البحر الميت العلاجى، دخلنا غرفة ملح البحر الميت بأقدامنا العارية، الملح أبيض كالدقيق، لبسنا لباس البحر «المايوه» ونزلنا إلى البحر الميت «حمام سباحة تصله مياه البحر الميت»، وكانت التوصيات: حذارِ أن تصل مياه البحر الميت إلى عينيك أو وجهك أو فمك، نزلت، كانت المياه تدفعنى إلى أعلى، فلا يمكن الغرق فيه، ولا حياة «أسماك» فيه، تذكرت كلمات حاييم وايزمان: لابد من فلسطين لأن بها البحر الميت الذى سيهب إسرائيل الحياة!، فقد قدرت ما فيه من بوتاسيوم كمخصب زراعى، وجدت أنه يكفى العالم مائة سنة على الدوام، كان هذا ١٩٠٤م!.

ثانى يوم اتجهنا لزيارة البتراء، استقبلنا دكتور فارس البريزات، رئيس مجلس المفوضين، وصاحبنا فى رحلتنا إبراهيم نايف الفرجات، مدير مركز زوار البترا والمتحف، كما أهدانا The Petra Trails إحدى عجائب الدنيا السبع، عرفنا منه الأنباط الذين كانت البتراء عاصمة مملكتهم، كانوا يتحدثون الآرامية، وهم مَن أدخلوا العربية للجزيرة، وكيف كانوا موقعًا جغرافيًّا للتجارة العالمية.

استضافتنى قناة رؤية، برنامج: حلوة الدنيا، وكان المذيع فؤاد والمذيعة ميس، كانت الأسئلة فى الصميم وكان منها: ما رأيك فيما يحدث فى غزة؟!، قلت إنها بداية النهاية لإسرائيل، فهى جملة اعتراضية فى تاريخ فلسطين، وإذا كان ميزان القوى فى صالح أمريكا اليوم فلن يبقى للأبد كذلك، أما مسألة الهولوكوست واضطهاد السامية فقد انتهى التشدق بها.

وكان مرتبًا فى اليوم التالى إلقاء محاضرة عن الحضارة المصرية، كان الحضور كثيفًا لدرجة أنه كان هناك مائة وخمسون خارج قاعة المحاضرة، كان حب الأردنيين لمصر وحضارتها واضحًا، قلت لهم من أسباب قوتنا اللغة العربية، فكما قال سير هنرى كامبل بانرمان: أنت لست فى حاجة إلى مترجم من عكا إلى كركوك، فنحن شعوب تتحدث العربية ولكنها من ناحية الهوية مصرية، أردنية، سورية، عراقية، فالهوية بالأرض، كالاتحاد الأوروبى مثلًا. الأردن المُحاط بسوريا، السعودية، فلسطين، خليج العقبة، بالرغم من هذا يعيش فى سلام بفضل سياسة الملك عبدالله الحكيمة، ومما يسعدنى كثيرًا عمق علاقات المحبة بين مصر والمملكة الهاشمية الأردنية، دام السلام بينهما وباقى الشعوب العربية إن شاء الله.
نقلا عن المصري اليوم