حمدى رزق

دفاعًا عن حق مشروع فى التفكير، خطير مصادرة الفكرة فى مهدها، ووأدها، مع نزوع مفرط نحو التكفير المسبق، ما هكذا تورد الإبل، بالشبهة، طالما الفيلم اسمه «الملحد» والعياذ بالله، ومؤلفه «إبراهيم عيسى» استغفر الله، وكمان منتجه «أحمد السبكى»، كملت، ولع النار فى الحطب!.

 

على طريقة من كل قبيلة رجل، تقدم (٨) من المحامين بربطة المعلم (اللهو الخفى)، بدعوى قضائية عاجلة لوقف فيلم «الملحد»، ومنع عرضه على الشاشات المرئية أو المسموعة، أو صفحات السوشيال ميديا، مع إلزام صاحب شركة السبكى للإنتاج الفنى، بالمصروفات وأتعاب المحاماة.. نرفع الدعوى ونصادر الفيلم، والسبكى يدفع المصروفات والأتعاب.. من دقنه وافتله!!.

 

دعوى قضائية بمثابة دعاية مجانية لفيلم لم يعرض بعد، ولم نر منه مشهدا، ولم نسمع منه جملة حوارية، ولم نفهم بعد ماذا يقول، ولماذا، وما هى رسالته القيمية والدينية والمجتمعية؟!.

 

مؤلّف الفيلم «إبراهيم عيسى» صمت عن الكلام المباح تاركا الحكم للجمهور، وقبلهم النقاد، والشيوخ بالضرورة، وأبطال الفيلم صامتون، ومخرج الفيلم صامت، والزمبليطة فى صالون السبكى!.

 

«السبكى» يدافع بشراسة عن فيلمه، بالأحرى عن فلوسه، وهو الكسبان، حملة دعاية مجانية عبر البلاغات القضائية، نحسن الظن، أكاد أشك فى من يحرك هذه الدعاوى، ومن يحرر البلاغات، وراء الأكمة ما وراءها!!.

 

فحوى البلاغات والدعاوى القضائية، هل شاهد أحدهم الفيلم خفية فى عرض سرى فى قاعة مخفية عن الأعين؟، هل راجع أحدهم السيناريو والحوار؟، هل مس الإعلان الترويجى ثابتا دينيا؟، وهل وهل وهل، هلهلات مهلهلة لا محل لها من الإعراب، بكرة نقعد ع الحيطة ونسمع الزيطة، بكرة نقعد على الكراسى فى السينما فى التكييف ونشاهد الفيلم.

 

ما يسمونها، هجمة استباقية، والعيار اللى مايصبش يدوش، والبلاغ الذى لا يوقف الفيلم يثير ضجة، ويجذب النظارة، وقبلها يتنطع أحدهم ويحكم على الفيلم بالكفر والبهتان، ترجمتها هجمة تكفيرية ممنهجة!.

 

ربنا ابتلانا بمجموعات انكشارية تحمل ترخيصا بالتكفير، تكتب يبلغ عنك، تفكر يبلغ عنك، المحتسبون الجدد ينفذون من الفراغات، يخرجون من جحورهم مجددا، يتلوّون فى الهواء يفحون كالحيات، مجللة الأصوات، قبيحة الصدى.

 

الحركة النشطة لهؤلاء تستوجب رصدا، المحتسبون الجدد، ظاهرة جديرة بالتوقف والتبين، التوقف لتبين من وراء هذا المد التكفيرى الأسود، هل هى كتائب كامنة ونشطت، ومن هو محركها الفعلى تحريضا على السلم المجتمعى؟.

 

الدعوى المثمنة الأضلاع (رفعها ثمانية) تضاف إلى قائمة البلاغات الطويلة ضد المفكرين والأدباء والفنانين، منهم من ذهبوا به إلى المنصة العالية وصدرت أحكام بالسجن، وقضى محكوميته ملوما محصورا، ومنها من ينتظر دوره فى رول التكفير.

 

 

تشى القائمة الطويلة بما ينتظرنا على أيدى هؤلاء الدواعش، الحرية تستحق، والإبداع الحر حق مستحق، حرية الإبداع من حقوق الإنسان، أخشى أنهم يسبحون فى بحيرة مسمومة، المجتمع صار صدره ضيقا حرجا، لا يقبل فكرة، ولا يتماهى مع فكرة، ولا يجيد التعامل مع الأفكار، «الملحد» فكرة للمناقشة، ليست أبدًا دعوة إلى الإلحاد.

نقلا عن المصرى اليوم