د.أحمد الخميسي
قلما نسمع صوتا حقيقيا في الضوضاء التي تثيرها وسائل الاعلام الدولية بشأن القضايا العربية، وحتى عندما يقدمون لنا معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية فإنهم يصبون اهتمامهم على مرشح الحزب الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، وعلى مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، والحزبان في واقع الأمر وجهان لعملة واحدة ترن بصوت ومصالح إسرائيل. وخلال ذلك فإن وسائل الاعلام لا تبرز لنا أصواتا أخرى، مثل النجمة السينمائية سوزان ساراندون الحائزة على الأوسكار،
والتي أدانت حرب الإبادة على غزة وأعلنت:" لا أحد حر، إلا حين يكون الجميع أحرارا"، وجاء تصريحها ذلك خلال الاحتجاجات الشعبية على دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونجرس في 24 يوليو هذا العام. هناك أيضا أصوات مشبعة ليس فقط بالحقيقة، ولكن بالجمال، والقوة، وقلما نسمع عنها، أو نستمع إليها، مثل صوت" جيل ستاين" ممثلة حزب الخضر، وهي السيدة التي تجاوزت السبعين من عمرها، لكن قلبها مازال نضرا، وشعورها بالعدل عميقا، تخوض الانتخابات الرئاسية ممثلة لحزب الخضر. هي طبيبة، ومناضلة سياسية، يختلف موقفها من القضية الفلسطينية تماما عن الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي، إذ تبدي كل التأييد الصادق للكفاح الفلسطيني، وقد وقفت جيل ستاين تهتف بعلو صوتها محتجة على دعوة الكونجرس الأمريكي نتنياهو لإلقاء خطاب فقالت:" سنحرر فلسطين،
وفلسطين ستحررنا، أما أنت يا ناتنياهو فلا يمكنك الاختباء، إننا نتهمك بالإبادة الجماعية، ولكننا نحن معا سنوقف هذه الإبادة، إن شعوب العالم أجمع ترفض حرب الإبادة، وطلابنا في جامعاتنا يدينون هذه الحرب، ونحن هنا لنقول للكونجرس الأمريكي: كيف تتجرأ على دعوة ذلك المجرم ناتنياهو إلى الكونجرس بيت الشعب؟ وهو المسئول عن مقتل أربعين ألف فلسطيني؟ منهم ستة عشر ألف طفل؟، فإذا حسبنا الحسبة كاملة بالجرحى وغيرهم فإن العدد سيصل إلى مئتي ألف انسان. وسوف نرفع صوتنا عاليا:" لا للإبادة، نحن الشعب وبيدنا القوة". وقد عبرت جيل ستاين عن موقف خمسة وخمسين بالمئة من الشعب الأمريكي الذي رفض في استطلاع للرأي إرسال قوات أمريكية للدفاع عن إسرائيل، وكنت أتمنى لو رأى الجميع شريط الفيديو الذي صور جيل ستاين وهي تلقي كلمتها، وكنت أتمنى لو سمع الجميع صوتها يتهدج من الصدق المتوتر وهي تصيح" الحرية لفلسطين"، وصدرها يعلو ويهبط من الانفعال. لقد جعلتني جيل ستاين أشعر أنني لست وحدي، وأننا لسنا وحدنا، وأن غزة في قلب العالم، مادامت هناك أصوات تصدح بالحقيقة بكل هذا الجمال.