حمدى رزق
استنكف البعض ما جاء فى مقالى «غريب الدار فى وزارة البترول»، وتبرع البعض بـ«تقبيح صاحب هذه السطور وسطوره»، سيما أن الكاتب (غريب على القطاع) من خارج الدائرة البترولية، وأهلها أدرى بحقولها.
طالبت، مخلصا، الوزير المهندس «كريم بدوى»، وزير البترول والثروة المعدنية بـ«ضرورة تشكيل لجنة استشارية من كبار الخبراء، مهمتها فحسب مراجعة أعمال البحث والاستكشاف التى كلفتنا ما لا نحتمل، والمساهمة فى تحديث الاتفاقيات البترولية بما يتناسب والمتغيرات العالمية».
وقلت للوزير: يقينا هؤلاء الخبراء سيوفرون للوزير استشارات بترولية مهمة، مشكلات قطاع البترول مركبة، لا يستطيع الوزير سبر أغوارها دون مشورة هذه الخبرات الضاربة جذورها فى الآبار، تفكيك مشكلات القطاع بالسرعة والكفاية المستوجبة يعينه عليها عاجلا شيوخ القطاع.
المصلحة الوطنية حكمت الوزير، واستجاب من فوره، وقرر تشكيل لجنة استشارية مهمتها الأساسية العمل على زيادة إنتاجية الحقول وإدارة الخزانات البترولية وفق النهج العلمى والعملى الذى يحقق الاستدامة والكفاءة والحفاظ على التشغيل الآمن.
ولم يكذب الوزير المحترم سطرا مما كتبناه، وقرر أن تكون عضويتها من المسؤولين الحاليين عن الاستكشاف والإنتاج، والكفاءات وأصحاب الخبرات المتراكمة ممن تولوا مناصب بقطاع البترول ولهم إسهامات بارزة ومتميزة فى هذا المجال.
ليس هذا فحسب، بل منح الوزير اللجنة (حال تشكيلها) الاستعانة بما تراه من خبرات مصرية متميزة موجودة فى داخل مصر أو فى الخارج، فى سبيل نقل الخبرات بما يعظم ويعطى قيمة مضافة للجهود القائمة.
فبها ونِعمت، أى ونِعمت بمعنى (الخَصْلَة الحسنة)، خصلة الوزير بدوى حسنة فى قراءة الأفكار حتى ولو جاءت تسعى من خارج القطاع، وتقديم المصلحة العامة على ما سواها.
معلوم، الوزير بدوى فى مهمة إنقاذ عاجلة، وفكرة ناضجة تفرق كتير، والهدف الأساسى خلال المرحلة الحالية العمل على الاستكشاف وزيادة معدلات الإنتاج، وتحفيز أعمال البحث عن البترول والغاز وتشجيع الشركاء على ضخ المزيد من الاستثمارات لتنمية الاكتشافات والقيام بالمزيد من الأنشطة لضمان استدامة الإمدادات.
الوزير بدوى إذن فى سكة السلامة، فى طريق النجاح، استصحاب عناصر الخبرة فى طريق شاق، يقصر المسافات، والقطاع يملك مخزون خبرات بترولية نادرة، غنى بعناصر القوة، خبراء القطاع العظام جميعا جند مجندة فى حب هذا الوطن، وبعضهم أعماره تجاوز أعمار بعض حقول البترول والغاز الشهيرة، وكانوا أصحاب فضل فى الاستكشافات المهمة التى نقلت القطاع نقلة معتبرة فى مراحل سابقة.
مجمع الخبرات المقترح من قبل الوزير، ولدوا فى هذا القطاع، وتربوا فى الحقول، ويحفظون عن ظهر قلب الخارطة البترولية والغازية، وبالسوابق يعرفون دروبها، وتعرفهم جيدا الشركات الأجنبية العملاقة، ولهم علاقات دافئة مع نظرائهم خارج الحدود، وقادرون على تهيئة المناخات لعودة هذه الشركات الكبيرة للعمل فى الأراضى المصرية.
يقينا سيوفرون للوزير استشارات بترولية مهمة، مشكلات قطاع البترول مركبة، لا يستطيع الوزير سبر أغوارها وحده دون مشورة هذه الخبرات الضاربة جذورها فى الآبار، تفكيك مشكلات القطاع بالسرعة والكفاية المستوجبة يعينه عليها عاجلا شيوخ القطاع.
خلاصته، الحاجة صارت ماسة لاستكشافات جديدة، وتنمية الحقول والآبار القديمة، وعلاج ما خلفته السنون الماضية من تراجعات إنتاجية وتعاقدات استكشافية، عكست آثارها على مستويات الإمداد والتموين، وعبرت عن نفسها شعبيا فيما سمى تخفيف الأحمال.
والسؤال: كيف ينهض قطاع البترول من كبوته الراهنة، وكيف يسدد مديونياته الثقيلة، وكيف يزيد من إنتاجه المتناقص لمواجهة الاستهلاك المتزايد، وكيف يقلص استيراده بالعملة الصعبة، كلها أسئلة تحتاج إلى عصف ذهنى، وأفكار ليست محلقة فى الفراغ.
تخيل قطاع إنتاجى استثمارى يتحول إلى قطاع خدمى، ومطلوب منه تقديم الخدمات بأسعار اجتماعية، ما يستنزف قدراته تواليا، أخشى يعجز فى قادم الأيام عن تأدية فروضه الوطنية.
استمرارية قطاع البترول كجمعية خيرية، على غرار جمعيات «النور والأمل»، يجافى تماما كل المتعارف عليه عالميا فى القطاعات الإنتاجية.
يستحيل استمرارية قطاع مدين ويمد وزارة الكهرباء بالغاز والمازوت المستورد بالأسعار العالمية.. بأسعار اجتماعية، وليته يتحصل على كامل مستحقاته، إلى حين ميسرة، وع النوتة، هلا سددت وزارة الكهرباء المستحقات المتراكمة.. وكذا مصر للطيران وغيرها كثير.. أقله تدفع هذه الوزارات والهيئات بالأسعار فورى فى قادم الأيام.
يستحيل استيراد البترول بالأسعار العالمية وبيع البنزين والسولار فى المحطات بالأسعار الاجتماعية وفق منظومة الدعم المقررة، قارن بين أسعار البنزين فى دول الجوار المصدرة للنفط، وأسعار البنزين فى مصر، أفهم تدعم الحكومة الزيت والسكر والسلع الأساسية، يستفيد منها 85٪ من الشعب، ولكن تدعم البنزين والسولار ويستفيد منها 15٪، منها 5٪ تركب سيارات فئة أولى، وكله على حساب صاحب المحل.
أفهم جيدا استراتيجية دعم الصناعة، لكن ليس عادلا أن يقع عبء الدعم على وزارة البترول، تمد المصانع بالطاقة بأسعار مدعومة، وتستورد بالغالى وتورد بالرخيص، وتدفع الوزارة الفارق، علما بعض هذه المصانع يصدر بالدولار.
حجم الإنتاج يكفى، على حسب التقديرات، ثلثى الاستهلاك 65٪ من الاستهلاك، والباقى مستورد، المصيبة أن الـ 65٪ قد لا تكون متاحة فى مقتبل الأيام مع أحجام بعض الشركات الأجنبية (الشريكة) فى الاستثمار فى تنمية الآبار، واستكشاف الحقول.
الوزارة مدينة للشركاء الأجانب، والشريك الأجنبى يود ربحا، لا علاقة له بالجمعية الخيرية المفتوحة فى وزارة البترول على البحرى، الشريك شريك فى الإنتاج، ليس شريكا فى الأعمال الخيرية التى باتت عليها وزارة البترول.. صعب تفرض على الشريك الأجنبى تمويل جمعية النور والأمل للخدمات المجتمعية!!.
نقلا عن المصرى اليوم