عادل نعمان

أين المجاهدون من الدواعش، ومن جبهة النصرة، والقاعدة، وطالبان، وجيش محمد، وحزب الله، وهيئة تحرير الشام، وأجناد الشام، وأنصار الشريعة، وجماعة أنصار الفرقان، وحركة الجهاد الإسلامى، وبوكو حرام، والجهادية الإسلامية، والإخوان المسلمين، والأهم الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والنصارى، أين كل هؤلاء من حرب الإبادة ومسلسل القضاء على غزة وتهجير واستبعاد إخوانهم المسلمين الموحدين؟ أليست هذه هى الحرب المقدسة، وساحتها ساحة الجهاد الحق، وهى الأولى دون غيرها بالنصر أو الشهادة؟ أليس هؤلاء اليهود هم أعداء الأمس واليوم، اغتصبوا المسجد الأقصى وقبة الصخرة ومسرى النبى؟ ألا من شد الرحال إلى غزة المهيضة القتيلة؟ أو ليس الجهاد قد شُرع لهؤلاء، ورُسمت خيوطه وفصوله للمغتصب القاتل؟ أين هؤلاء المجاهدون ينطلقون إلى ميادين القتال تحت نداء ونشيد الصوارم «صليل الصوارم نشيد الأباة، ودرب القتال طريق الحياة، فبين اقتحام يبيد الطغاة وكاتم صوت جميل صداه»؟

 

أين درب القتال أيها الأشاوس المغاوير إن لم يكن هذا الدرب دربه؟ وأين أرض الجهاد إن لم تكن هذه الأرض المغتصبة أرضه؟ ومتى يبدأ الجهاد إن لم يكن المغتصب قد أهلك وأباد وأفنى وأذل؟ أين يا تُرى يتمترس هؤلاء الأباة القاعدون الجالسون المتكاسلون عن نصرة إخوانهم فى الدين من هذه الإبادة الجماعية وهذا التهجير القسرى؟ فمتى يا تُرى تقتحمون قلوع الطغاة وقد قتلوا الآلاف وهدموا الديار، وأبادوا شعبًا بأكمله، وحبسوهم تحت مرمى نيرانهم، ودمروا البنية التحتية تدميرًا كاملًا يشل حركة الحياة شللًا تامًا، تمهيدًا لتهجير شعب بأكمله واقتلاعه من جذوره؟ فليس بعد هذه الجريمة جريمة تعلو عليها، وليس بعد هذا الدمار دمار يصل إلى سقفه، حتى لا تعلن هذه الجماعات ساعة الصفر أو حتى تخرج من جحورها، إلا إذا كان لهؤلاء المجاهدين ساعة أخرى توجه مدافعها إلى العزل من السلاح من أبناء الأوطان، وليس لهم بوصلة صادقة وأمينة وشريفة تحدد من هو العدو ومن هو الأخ القريب، أو كما قال شاعرنا: «أسد علىَّ وفى الحروب نعامة».

 

أين مشايخ الجهاد والنضال، وأين صراخهم وعويلهم وبكاؤهم على امتهان كرامة المسلمين وضياع حقوق منتسبيها؟ أين حماة الدين والأماكن المقدسة؟ أين مشايخ المجاهدين المغاوير أمثال محمد حسان ويعقوب والحوينى وغيرهم من أشاوس الجهاد فى الغرف المغلقة؟ أين ياسر برهامى وكتابه «فقه الجهاد» نبراس الجماعات الجهادية ودليلها، الذى يُحرض فيه المسلم على قتال الكفر والكافرين أينما حلوا وسكنوا حتى لو لم يبدأوه بقتال؟ يا شيخ برهامى «لا فُض فوك، ولا كشف الله لنا مخبأك»، لقد بدأونا بالقتل والقتال وأبادوا شعبًا أعزل وشردوه واقتلعوه من دياره، ومازال تلاميذك جلوسًا فى درس الجهاد الذى لم ينفض بعد. أين الملايين التى كانت تنادى «على القدس رايحين شهداء بالملايين»، فإن لم تكن الملايين مازالت فى طور الإعداد فليرسلوا من صفوفهم ألفًا أو ألفين ذرًا للرماد فى العيون!!، أم أن عيونكم قد أصابها العمى فلم تعد ناظرة؟

 

أيها السادة الأفاضل سأبوح لكم بالسر، وأكشف لكم حقيقة هذا التقاعد وهذا الخذلان، ولماذا لا يرد هؤلاء على هذا العدوان الغاشم على أشقائهم وإخوانهم فى الدين؟ الحقيقة المُرة، وابلعوها على مهل، ليس فى هذا الجهاد غنم، وليس فيه أسلاب وغنائم وسبايا، هى حرب «ناشفة» قاحلة جرداء، ولن يدفع أحد فيها الثمن والمقابل، حرب بلا قبض أو صرف، فيها الشهادة والموت فقط دون أموال، ذهاب بلا عودة، ألا تعلمون أن المجاهد فى أفغانستان كان يتقاضى راتبًا شهريًا يبدأ من ألف وخمسمائة دولار، وله نسبة من الأسلاب؟ ألا تعلمون أن داعش كانت تصرف مرتبات للمجاهدين شهريًا تصل إلى ألفى دولار؟ وقد التحق بهم باحثون عن الوظيفة والعمل والراتب، وليس للجهاد، ألا تعلمون أن هذا الحافز كان وراء كل الغزوات والفتوحات منذ الأوائل حتى الآن، ولو كان غير ذلك ما كنا فيما نحن فيه الآن، راجعوا التاريخ جيدًا واقرأوه، فما كان بالأمس القريب والبعيد هو نفسه ما بين أيدينا الآن، ولو كشف الستار عن المليارات التى سرقها المجاهدون من القائمين على الرواتب ومن تجارة الآثار والأعضاء البشرية والأطفال منهم، لعلمتم جيدًا حقيقة هذا الجهاد المزيف، الذى لن يخرج من خريطته هذه كى يحارب إسرائيل لا اليوم ولا غدًا، حتى لو أزاحوا أرض فلسطين.

 

لك الله يا شعب غزة، أنت ضحية كذبة كبرى اسمها الجهاد، كذبت عليكم حماس وضللتكم أصوات المجاهدين على الأرائك والأسرة وأمام شاشات التليفزيون وأكواب الشاى الساخنة.

 

 

«الدولة المدنية هى الحل»

نقلا عن المصرى اليوم