( 1883- 1956 )

إعداد/ ماجد كامل
ميلاده ونشأته :
ولد "ميخائيل مينا " في عام 1883 ببلدة القصر التابعة لدير الأنبا بلامون ، وكان الثاني من بين خمسة أخوة ، من أسرة كهنوتية مباركة فوالده هو القس مينا كاهن السيدة العذراء في بلدة السلامية . ألحقه والده بأحد الكتاتيب ، حيث درس فيه اللغتين القبطية والعربية  ، ولقد تمكن من  إتقان اللغة القبطية  ، لدرجة أنه تمكن من الترجمة الفورية لإنجيل القداس القبطي . فلقد حدث أن ذهب الأنبا مرقس مطران إسنا وأرمنت والأقصر لإفتقاد قرية السلامية ،وكان ذلك خلال عام 1897 م  ،وأثناء قراءة الأسقف للإنجيل القبطي ، بحثوا عن القطمارس العربي فلم يجدوه ، فما كان من ميخائيل أفندي إلا ان تقدم وقام بالترجمة الفورية  عن النص القبطي ، مما أثار إعجاب الأسقف كثيرا  ، فاهتم بأمره وعندما علم أنه نجل القس مينا كاهن القرية ، كتب له خطاب تزكية لإلحاقه بالكلية الإكليركية .

التحاقه بالكلية الإكليركية :
سافر "ميخائيل أفندي " إلى القاهرة ومن هناك ذهب إلى حلوان لكي يتقابل مع البابا كيرلس الخامس ، حيث مقر إقامته هناك ،وقدم له خطاب التزكية الذي أحاله إلي يوسف بك منقريوس ( ؟- 1918 ) مدير الكلية في ذلك الوقت  ، الذي أعجب به كثيرا ،لدرجة أنه كان يحيل أي سؤال يلقيه أي طالب من زملائه لكي يجيب عليه . وقد قضى ميخائيل أفندي في الإكليركية خمس سنوات عرف فيها بتقواه وتبوغه العلمي . ولقد كتب عنه الأرشيدياكون القديس حبيب جرجس في كتابه " المدرسة الإكليركية بين الماضي والحاضر  " فقال عنه تحت أسم "ميخائيل مينا " "من بلدة السلامية التحق بالمدرسة سنة 1897 وقضى بها 5 سنوات  ،وتعين ناظرا لمدرستي الرهبان والبنين بدير الأنبا انطونيوس ببوش . فناظرا لمدرسة الرهبان بحلوان ،ثم سيم راهبا سنة 1932 فقسا فقمصا بدير البراموس باسمه . الف كتابا في علم اللاهوت 3 اجزاء ( حبيب جرجس : المدرسة الإكليركية بين الماضي والحاضر ، الشخصية والصورة رقم 19 ، صفحة 265 ) .

عمله ناظرا لمدرسة الرهبان ببوش والمدارس المدنية
فور تخرجه توجه  إلى عزبة بوش بمحافظة بني سويف التابعة لدير الأنبا انطونيوس ، وهناك أفتتح الأنبا مرقس أسقف الدير مدرسة للرهبان ، وعين ميخائيل أفندي واعظا ومدرسا للرهبان ، وكان من بين طلبته آنذاك الراهب "إقلاديوس الأنطوني " الذي أصبح " البابا يوساب الثاني " بابا الكنبسة القبطية رقم 115 ، والأنبا كيرلس مطران قنا  ، والأنبا تيموثاوس مطران الدقهلية ، والأنبا كيرلس مطران الإمبراطورية الأثيوبية ..... الخ . كما قام ميخائيل أفندي بافتتاح مدرسة ابتدائية لأولاد المنطقة ،ولقد أستمر ميخائيل افندي ناظرا لمدارس بوش الرهبانية والمدنية لمدة 26 سنة .

تعيينه ناظرا لمدرسة الرهبان اللاهوتية بحلوان :
عندما جلس المتنيح البابا يؤانس التاسع عشر على كرسي البابوية في 16 ديسمبر 1928 ، كانت توجد عنده رغبة شديدة في تثقيف الرهبان ،فدعا المجمع المقدس إلى الإنعقاد وعرض على أعضائه فكرة إنشاء مدرسة  لتعليم الرهبان المختارين للأسقفية  من جميع الأديرة على أن يكون مقرها في حلوان ،وتم ترشيح ميخائيل مينا ليكون ناظرا لها ،فوافق الآباء بالاجماع وأرسلوا إليه لطلبه ، فلما حضر من بوش وعلم بالعرض  ،فوافق على الفور  ،فتم افتتاح  المدرسة في اليوم التالي مباشرة ، وبدأ الحفل بصلاة الشكر ، ثم طلب البابا يؤانس من الأرشيدياكون حبيب جرجس أن يلقي كلمة عن الرهبنة ، ثم وقف البابا يؤانس التاسع عشر ، وقال كلمة قال فيها أنه ظل على مدى خمسين سنة يسعى إلى تعليم الرهبان ، وأخيرا تقدم ميخائيل أفندي وألقى كلمة تحدث فيها عن تاريخ إنشاء مدرسة الأنبياء منذ عهد صمويل النبي إلي أن جاء القديس مارمرقس الرسول ، وأسس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ، ثم أضاف أنه يعتبر هذه المدرسة بداية جديدة ولو أنها استمرار لجهود قديمة ، وأعرب عن أمله في ان تحمل هذه المدرسة رسالة مدرسة الإسكندرية اللاهوتية .  ولقد استمر ميخائيل أفندي يخدم في هذه المدرسة لمدة سبع وعشرين سنة معلما وواعظا لعدد وفير من آباء الكنيسة  ، ومن بين الذين تخرجوا على يديه البابا  كيرلس السادس ، الأنبا مرقس مطران أبو تيج ، الأنبا توماس مطران الغربية ، الأنبا إبرىم مطران الجيزة وخليفته المباشر الأنبا يؤانس مطران الجيزة ، والأنبا مكسيموس مطران القليوبية ، والانبا أنطونيوس مطران سوهاج ، والأنبا بولس اسقف حلوان ، والأنبا مكاريوس مطران قنا ، والأنبا مينا مطران جرجا .

تاريخ رهبنته :

كانت توجد عند الشماس ميخائيل رغبة قوية في التبتل  حيث كان ميالا  إلى العزلة والاعتكاف ، غير أن والده أرغمه على الزواج ،واختار بنفسه عروسا من بين قريباته زوجة له ، فعاش مع زوجته قرابة  ثمان سنوات أنجب خلالها بنتين ، ثم توفت زوجته بعدها .

رهبنته بعد ترمله :
حدث في سنة 1932 ، أن البابا يؤانس التاسع توجه لزيارة دير البرموس ،وأصطحب معه في هذه الزيارة إسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء في ذلك الوقت ، وتوفيق باشا دوس وزير المواصلات  ،ولقد حضر هذا القاء ميخائيل افندي مينا ، فقام بإلقاء كلمة لتحية الضيوف نالت إعجاب الجميع ، فتوجه  الوزير القبطي  بالسؤال إلي قداسة البابا ؟ " من أين  أتيت بهذا الناظر ؟ " فرد عليه قداسته " لقد أرسله لنا السيد  المسيح " فعاد  الوزير يسأل " هل هو متزوج ؟ " أجاب البابا "لا أنه مترمل " ، فرد عليه الوزير "ولماذا لا ترهبنه ؟!

 فقرر البابا يؤانس التاسع  تكريسه  راهبا بنفس الأسم في 8 يوليو 1932 ،ثم رسمه قسا في 14 أغسطس 1932 ، ثم رقاه قمصا في الأحد التالي مباشرة 21 اغسطس 1932 .

عظاته وكتاباته :
 لعل أشهر مؤلفات القمص ميخائيل مينا هي موسوعة  "علم اللاهوت " فى ثلاثة مجلدات ضخمة ، عالج فيها الموضوعات العقائدية والحقائق الروحية والأسرار والطقوس الكنسية ، وقد دعمها كلها بالحجج الدامغة .

2-تحفة هذا الجيل في شرح التوراة والإنجيل : من أول سفر التكوين حتى سفر الرؤيا . وقد نشر هذا الكتاب في سلسلة من المقالات الشهرية بمجلة الإيمان .

3-كتاب المواعظ على مدار السنة ،حيث وضعه عندما كان ناظرا لمدرسة الرهبان ببوش .

4-العديد من المقالات المتناثرة في العديد من الصحف والمجلات .

تاريخ نياحته :
تنيح القمص ميخائيل مينا في يوم الجمعة 17  أغسطس 1956 عن عمر يناهز 73 سنة ،قضى منها 53 سنة  فى خدمة الرهبنة

مراجع المقالة :
1-حبيب جرجس : المدرسة الإكليركية بين الماضي والحاضر ، الشخصية والصورة رقم 19 ، صفحة 265
2-إيريس حبيب  المصري : قصة الكنيسة القبطية ، الجزء التاسع  ، موقع الكنوز القبطية ، الصفحات من   33- 39 .   

3-القمص تادرس يعقوب ملطي : قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض الشخصيات الكنسية ، ( ض – م )  ،كنيسة مارمينا العجايبي ، نيو جرسي ، الصفحات من 624- 627 .

4-رشدي واصف بهمان :القمص ميخائيل مينا ،  مجلة مدارس الأحد ، نوفمبر وديسمبر 1986 ، العدد التاسع والعاشر ، السنة الأربعون  ،    الصفحات من 39- 43 .

5-القس باسيليوس صبحي : الكلية الإكلريكية في 125 عاما ، الكلية الإكليركية اللاهوتية للأقباط الأرثوذكس بالأنبا رويس ، الطبعة الأولى ،2020 ، الصفحات من 235- 239 .