قصة للأطفال  بقلم : زهير دعيم
في غابة بعيدة ، تزخر بالحيوانات والطّيور ، عاش ثعلب  يدعى " شطّور " وكان معروفًا بمكره وكسله  واللّعب على مشاعر الغير .
 وكان ينجح احيانًا واحيانًا يفشل في الحصول على قوته اليوميّ.
ولكنه كان مكروهًا من الكلّ في كلّ الحالات والاوقات .

    في عَصْرِ احد  الأيام ، وبعد أن استيقظ " شطّور" من نومه  متأخّرًا شعر بجوع ٍ شديد ، ولكنه لم يكن يريد أن يبحث عن الطّعام بنفسه كما عادته  ، فأخذ يُفكّر بحيلةٍ ، وإذا به يرى غرابًا في الجوّ يحمل في منقاره قطعة من اللحم ويحطّ بها في عشّه الواقع على شجرة عالية .
  نظر " شطّور" الى قطعة اللحم الشّهيّة فسال لُعابه عليها ،  واشتهى أن يفوز بها ، فأخذ يفكّر بطريقة ليحصل عليها ، فابتسم ونظر الى فوق حيث الغراب وأنشد بصوت ضعيف :  
 الله جابك يا غراب البين
  يا مزفّر الجوّ والنظر والعين
 استنى شويّة حتى اعلّمك درسين
 وازرع يومك جوع وأسى

ثمّ رفع صوته قائلًا :
 ما أحلى هذا الوقت وما اجمله حين أراكَ صديقي العزيز الغراب ،   وكم اشتاق ومنذ زمن بعيد الى سماع صوتك العذب الشّجيّ والحنون ، فإنّني  متأكّد أنّه ليس هناك أجمل من صوتك ، فيا ليتك تغنّي وتطربني .

    سعد الغراب بالمديح وأراد  أن يظهر لِ " شطّور" جمال صوته ، لكنه تذكّر قطعة اللحم التي في منقاره .

 فكّر الغراب قليلًا ثمّ قرّر أن يضعها على أحد فروع الشجرة وبدأ بالغناء.
 شعر الثعلب بالإحباط ، فقد فشل في الحصول على مبتغاه.
   غابت الشمس والجوع يؤلم الثعلب الماكر ، فنام في تلك الليلة ولم ينم .. نام يفكر ويُفكّر والندم يغلبه  ..
وفي الصّباح الباكر استيقظ  " شطّور " على غير عادته نشيطًا وباسمًا ، فغسل وجهه ، ونظر نحو السماء  ، وقرّر أن يُغيّر سلوكه ، فقد تأكّد له أن الذّكاء الحقيقي يكمن في الصّدق والعمل الجادّ لا في الخداعِ والمكر..

 وكم كانت فرحته كبيرة ، حين عاد في ساعات الضّحى من ذلك اليوم  الى بيته يحمل طعامًا يكفيه ويزيد .

فنادى على الغراب قائلًا :
صد يقي الغالي يا صاحب الصوت الجميل ، في جعبتي الكثير من الطعام ، واريد أن امنحك بعضًا منه ، فانزل من عشّك بعد أن اغادر وخذه وكُله بشهية .
  فرفع الغراب صوته مغنّيًا :
 أٌوف  أُوف  أُوف
 ما أحلاك يا جارنا ما أحلاك
 وما اجمل البسمة على مُحيّاك
ربّي يسعدك ويسعد اللّي ربّاك
 ويغمر ايامكم فرح وهَنا ..
فصفّق له الثعلب تصفيقًا حارًّا.