هاني صبري -  الخبير القانوني المحامي بالنقض
يثأر العديد من التساؤلات والجدل عند ارتكاب جرائم القتل العمد أو جرائم القتل الخطأ ، هل يأخذ القانون المصري بالدية ؟ .

علي الرغم من وضع الشريعة الإسلامية قواعد محددة فى دفع الدية فى جرائم القتل سواء العمد أو الخطأ. إلا أن القانون المصري لا يأخذ بفكرة الدية ولا توجد أيّ نصوص في القانون تتحدث عن الدية .

فإن أصل الدية في الشريعة الإسلامية في حال القتل الخطأ، حيث أنه لا حكم شرعي بقتل من وقع في جريمة القتل الخطأ وفي هذه الحالة لا يحق لأهل القتيل المطالبة بقتل مرتكب الحادثة، وهم ملزمين بقبول الدية أو التنازل.

أما القتل العمد فأساس الحكم الشرعي هو القصاص (قتل القاتل)، أو العفو من أهل القتيل (أولياء الدم) وفي حال قبول أهل القتيل بالتعويض أو الديةً، طبقاً للشريعة الإسلامية فإن قبول (أولياء الدم) الدية يعنى إسقاط عقوبة (القصاص) في القتل العمد .

أن القانون المصرى لا يعترف بالدية ، لأن فرض العقوبات على الأفراد المجرمين سوف يردع أو يمنع مجرمًا معينًا من ارتكاب جرائم أكثر، وعند معرفة الناس أنهم سيُعاقبون على جرائم مؤكدة سوف يمنع الآخرين من ارتكاب الجرائم.

لذلك يجب الحفاظ على حق المجتمع في إنزال العقاب على المجرمين من قبل السلطات المختصة ، وهذا الحق لا يمكن التنازل عنه.

وفي قضية لاعب الزمالك احمد فتوح الذي دهس أمين شرطة في طريق العلمين فإذا ثبت تعاطي اللاعب مخدر اثناء ارتكاب الجريمة حتى لو أسرة المجني عليه قبلت الدية لن يتم تخفيف الحكم، لأن هناك ظرف مشدد لتغليظ العقوبة وفقاً لصريح نص المادة  238 / 3 من قانون العقوبات ويكون الظرف المشدد متوافرا في الحالات الأتية:-

أولا : من حيث جسامة الخطأ.
 ١- إذا إخلال الجاني إخلالا جسيماً بما تفرضه عليه وظيفته أو مهنته أو حرفته.  
٢- أن يكون الجاني معاطياً مسكراً أو مخدر عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث.
٣- النكول وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة مع تمكنه من ذلك.

 ثانياً جسامة الضرر:-
من يتسبب في وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سبعة سنوات كما نصت أيضاً علي تشديد العقوبة إذا توافر الظرفان بجعل العقوبة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن عشرة سنوات.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يجوز التصالح في تلك الجريمة ؟ .

جديرا بالذكر اقتصار التصالح في جريمة القتل الخطأ على ما ورد بالفقرتين الأولى والثانية فقط من المادة 238 عقوبات كل من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة، ، أما الفقرة الثالثة  من 238  التي تنطبق عليها تلك الجريمة فلا تصالح فيها حفاظاً على حق المجتمع .

تجدر الإشارة  إن المحاكم المصرية غير ملزمة على الإطلاق بقبول أهل القتيل أو القتيلة «أولياء الدم» الدية  من عدمه لأن القانون المصرى لا يعترف بذلك من الأساس ، وأي محامي يتدافع في جريمة قتل ويطلب دفع الدية للإفلات من العقاب فهذا ليس من حقه قانوناً لعدم الاعتراف بالدية فى القانون المصري .

حيث إن المشرّع المصري لم يأخد بفكرة الدية باعتبارها لا تحقق الردع العام، والردع الخاص لو أي شخص هيروح يقتل وبعد كده يقول هدفع الدية أخرج  ، ربما تضييع حقوق الفقراء والضعفاء والبسطاء ، وقد يتشكك الكثيرين في دولة سيادة القانون ومنظومة العدالة الجنائية وقد يحدث ما لا يحمد عقباه .