أيمن زكى
في مثل هذا اليوم تعيد الكنيسة بتذكار نياحة القديس الارشيدياكون حبيب جرجس ولد بالقاهرة في عام 1876م من والدين تقيين, وفى عام 1882م. حدث أن والده تنيح وهو يبلغ من العمر 6 سنوات, وأنهى دراسته بمدرسه الأقباط الثانوية في عام 1892م - وأصبح حبيب جرجس مربيًا ومخططًا ومعلمًا للأجيال القبطية علي امتداد نصف قرن منذ عام 1900م حتى وفاته في 21 أغسطس 1951 م. وقد وقع عليه اختيار قداسة البابا كيرلس الخامس لمهمة صعبه وهي إنشاء مدرسه إكليريكية و لما يكن معه أي أموال للبناء, فأرسل حبيب جرجس لجمع التبرعات, فسافر حبيب جرجس إلى أنحاء مصر يتكلم و يعظ ويشجع الناس و يوضح لهم أهميه الإكليريكية.
وقد جمع الأموال من مصادر كثيرة منها أنه أقنع عجوزا من جيرانه اسمها خرستا جرجس فأوقفت 6 أفدنة للإكليريكية و 3 أفدنه للجمعية الخيرية, كما قام بشراء اشترى نحو 365 فدانًا بالمنيا للإكليريكية وقام أيضاً بشراء المنازل المحيطة بها حتى أصبحت المساحة 5399 مترًا مربعًا, وهكذا استطاع البابا أن يبنى ويفتح الإكليريكية يوم 29 نوفمبر 1893 م. (وهو في نفس العام الذي رجع من منفاه في دير البراموس) وتقدم حبيب جرجس و طلب أن يكون طالبًا في الكلية فوافق البابا, و التحق حبيب جرجس في أول دفعه وقد قام الأقباط إنشاء المدارس القبطية والكلية الإكليريكية قبل أن تنشأ الحكومة المدارس العامة أو تنشئ أول جامعة أهليه مصريه بخمسه عشر عامًا لان أول جمعيه أهليه مصريه لنشات عام 1908م فكان عالم اللاهوت القمص فيلوثاؤس إبراهيم متقدم في السن ولم يقم بعمله سوى أسبوعين ثم أغمى عليه وحملوه إلى بيته و ظل هناك ولم يرجع للكلية حتى نياحته, فكان حبيب جرجس يذهب أليه و يتعلم منه ويرجع للكلية و يقرأ من المكتبة ثم يذهب للقمص فيوثاؤس و يسأله و يناقشه.
ورأى حبيب جرجس أن خدمته بالوعظ و تعليم الكبار لم تكن كافية للنهوض بالكنيسة القبطية , ففكر في الاهتمام بالأطفال الصغار فأسس مدارس الأحد سنه 1900م وكان تأسيسه لمدارس الأحد هو العمود الرئيسي التي قامت عليها نهضة الكنيسة القبطية في القرن العشرين والواحد وعشرين, ولما انتشرت مدارس الأحد في كنائس الأقباط في ربوع مصر وقراها رأى أنها تحتاج إلى مناهج وكتب ولائحة فوضع لها لائحة, ومناهج وكتبًا. وشجعه علي هذا الاتجاه المنشور البابوي الذي أصدره البابا كيرلس الخامس عام 1899 بضرورة تعليم الأطفال وتعميقهم في معرفة إيمانهم,من هنا كان الهدف الأبوي الذي وضعه حبيب جرجس نصب عينيه هو تربية الأطفال وفقا للتعاليم المسيحية وبث روح الوطنية فيهم وتعويدهم علي خدمة وطنهم. وكان كالشعلة المنيرة تنير كل ما حولها من طاقات الشباب فكان يحث و يشجع الشباب على الانضمام للخدمة و خاصة طلبه الكلية حتى يتمرنوا ويتدربوا.
و لكن الفكرة الحديثة كانت غريبة في عيون الأقباط وجديدة على الكنيسة في ذلك الوقت فلم تنتشر بسهوله بل كانت بعض الكنائس تغلق أبوابها إمام الأطفال بحجه أنهم لا يحافظون على نظفه الكنيسة أو أن يكسروا الكراسي الخشبية ولكن مع الصلاة و الصبر والمثابرة زاد انتشار مدارس الأحد في القاهرة ثم امتد للإسكندرية و باقي المدن أيضًا, ثم إلى القرى حيث خرج الخدام يبشروا في الكنائس لأطفال الأقباط بالمسيح وامتدت خدمه مدارس الأحد إلى السودان وأثيوبيا وفي يونية سنة 1949 أصدر النظام الأساسي لمدارس الأحد القبطية الأرثوذكسية وجامعة الشباب القبطي في سبعة أبواب قدمها بعرض تاريخي لنشأة الفكرة في سنة 1900 حتى إذا كان نوفمبر سنة 1941 ودعا إلي عقد أول مؤتمر لأعضاء اللجنة العامة لمدارس الأحد والخدام العاملين بها
واعد حبيب جرجس جهوده التنظيمية في خدمة مدارس الأحد بإعداد المنهج العام لمدارس الأحد القبطية الأرثوذكسية بهدف تحقيق الوحدة بين الخدام واتبع حبيب جرجس أحدث النظريات التربوية إذا أعطي فرصة عامة للمدارس لتجربة المناهج كما يحدث في الأسلوب التربوي الحديث في إعطاء فرصة للمناهج والنظم التربوية لتبرز فاعليتها.
وإنما وجه اهتمامه لطفل وشاب القرية مخططا المناهج والمشروعات لتوثيق العلاقة بين طفل وشاب القرية فافتتح لهم فصولا مسائية لمحو الأمية يقوم بها شباب القرية من المتعلمين ليتعلم الأطفال والكبار من الذين لم ينالوا قسطا من التعليم مبادئ القراءة والكتابة لأهمية ذلك في الوصول بهم إلي قراءة الكتاب المقدس والكتب الدينية الأخرى مثل تاريخ الكنيسة أثر التعليم في حياتهم الاجتماعية كما خطط لنماذج من الحفلات الدينية البسيطة بالقرية التي دعي لإحيائها من حين لآخر وبالنسبة إلى أثيوبيا كان حبيب جرجس يستورد صور ملونة من الخارج مجهزه خصيصًا لمدارس الأحد مكتوب عليها آيات باللغة الأمهرية للخدمة في إثيوبيا يقول عنه قداسة البابا شنودة الثالث الذي تتلمذ في الإكليريكية لم يوجد إنسان اهتم بالتعليم الديني مثلما اهتم به استأذنا الأرشيدياكون حبيب جرجس الذي عاش في الرب حياه مملوءة من النشاط و الغيرة و عاش في قلوب الملاين من الأقباط, ومازال يعيش.
عيَّن البابا كيرلس الخامس حبيب جرجس مديرا للإكليريكية , فوضع أمامه زيادة عدد الطلاب و زيادة عدد المدرسين , وادخل فيها تدريس مواد المنطق والفلسفة و علم النفس اللغتين العبرية و اليونانية وزيادة العناية باللغة العربية و الانجليزية, والقبطية و التاريخ. كما اهتم برفع مستوى المعيشة بالقسم الداخلي لمبيت الطلاب ليكون في مستوى نظيف لائق مريح لما رأى البابا ازدهار الإكليريكية طلب من الأساقفة إن يكون رسامه الكهنة الجدد من خريجي الإكليريكية فقط في عام 1946م أنشا حبيب جرجس القسم الليلي الجامعي (لخريجي الجامعات) و كان قداسة البابا شنودة الثالث أول خريجيه نتيجة لنشاط حبيب جرجس و خدمته النارية و هب كثير من الأقباط أراضيهم للصرف من إيرادها على الإكليريكية في عام 1993م احتفل قداسته باليوبيل المئوي لأعاده تأسيس الإكليريكية.
وأُختير عضوًا للمجلس الملّي العام، ورُشِّح مطرانًا للجيزة سنة 1948 م. ولكن لم يقبل البابا يوساب رسامته لأنه لم يكن راهبًا.
تنيح أرشيدياكون عشية عيد العذراء 21 أغسطس 1951 م.(3) عن عام 75 عامًا, بعد حياه عاشها في جهاد روحي وعطاء مستمر في خدمه كنيسته. وتمت الصلاة عليه في الكنيسة المرقسية الكبرى(5).
وفي 18 يناير 1994م و في مدفن عائلته في الجبل الأحمر قد تم الكشف لرفات الأرشدياكون حبيب جرجس وبعد أكثر من 42 عامًا على نياحته فوجد يملا التابوت طولًا وعرضًا في تماسك و صلابة العظام, أيضا ملابسه ما تزال بحالتها لم تتطرق لفساد القبر. وفي ذِكرى نياحة حبيب جرجس يوم 21 /8/1990م افتتح قداسه البابا شنودة متحف حبيب جرجس في الأنبا رويس, على أن يتم نقله إلى جوار الكلية الإكليريكية..
وقد اعترف المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بقداسة حبيب جرجس في جلسته بتاريخ 20 يونيو 2013 م.
بركة صلاته تكون معنا كلنا امين…
ولإلهنا المجد دائمًا أبديًا أمين…